السؤال
لقد فعلت موقف مخزي، وأخشى من الفضيحة، ودائماً أخاف من أناس أن يفضحوني، وكيف أستطيع أن أستر على نفسي في الدنيا والآخرة، أريد أن ألتزم وأخاف منهم، وأريد أن أطلق لحيتي وأخاف منهم.
الجواب
[size=5]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
إلى الأخ الكريم : - سلمه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اعلم – أخي الحبيب – أن رحمة الله واسعة، وليس هناك من البشر أحد معصوم إلا من عصمه الله- تعالى- من الأنبياء والرسل صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً، ولو قلبت الطرف لا تجد أحد يسلم من الخطأ.
من الذي ما ساء قط.... ومن له الحسنى فقط.
فكلنا – يا أخي الكريم- ذو خطأ، ولكن "خير الخطائين التوابون"، كما صح بذلك الحديث عن المعصوم صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي (2499) وابن ماجة (4251) عن أنس – رضي الله عنه - ، ذكر الإمام الذهبي في كتابه القيم (سير أعلام النبلاء) في ترجمة الإمام العالم المجاهد العابد صلة بن أشيم -رحمه الله تعالى-، أنه قال لرجل جاء ليسأله، فقال له صلة ادن مني يا رجل، فدنا الرجل، ثم قال: ادن مني يا رجل، فدنا الرجل حتى اقترب جداً من صلة، فقال له الإمام صلة: والله لو أن للذنوب رائحةما استطعت أن تدنو مني، الله أكبر، هذا كلام، الإمام العالم العابد المجاهد، فما بالك بمن هو دونه في الفضل والعلم، والزهد والعبادة، ولذلك يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى-: (لولا جميل ستر الله علينا، ما استطعنا أن يجالس بعضنا بعضاً من كثرة الذنوب).
فيا أخي الحبيب: دع هذا الماضي البغيض وطلقه ثلاثاً، طلاقاً بائناً لا رجعة فيه، ولا تذكره ولا تفكر فيه، واعلم بأن الله اللطيف الخبير إذا صدقت معه في التوبة والإنابة، وأقبلت عليه سبحانه بكل جارحة من جوارحك يجعل لك هذا الماضي بكل سيئاته وتبعاته حسنات تسر بها يوم أن تلقاه، وإن شئت فاقرأ معي قوله تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان: 68-70].
أرأيت يا عبد الله مدى سعة رحمة الله بعباده التائبين النادمين "يبدل الله سيئاتهم حسنات". فيا أخي: دع عنك هذا الخوف ولا تلتفت وراءك وامض قدماً، وأقبل على الله وبكل ثقة بالله وبموعوده، ولا تخش أحداً، ولا تخف من أحد، وإذا علم الله فيك من صدق النية وإخلاص التوبة، يمنع عنك كل سوء وشر، ولا أحد يستطيع أن ينال منك شيء؛ لأن الله معك، فمن كان الله معه فمن يخاف إذاً؟ والذي أراه أن تفعل الآتي:
1- التوبة إلى الله والندم على ما فرطت في جنب الله.
2- إخلاص النية لله في القصد والإرادة.
3- الثقة بالله وحسن التوكل عليه، وحسن الظن به سبحانه.
4- عدم الالتفات إلى الماضي القبيح.
5- البعد كل البعد عن كل شيء يذكرك بهذا الماضي المؤسف.
6- الحرص على مجالسة الصالحين من طلبة العلم والدعاة، والبعد عن مجالسة أهل السوء والشر والفساد، فمجالسة الفريق الأول فوز ونجاة في الدارين، ومجالسة الفريق الثاني هلاك ودمار وضياع في الدارين.
7- الحرص على طلب العلم الشرعي.
8- الحرص على حضور مجالس العلم والذكر والاستقامة.
9- الإكثار من فعل الطاعات والبعد عن المعاصي والمنكرات، وتذكر قوله تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" [هود:114].
10- المشاركة في المجالات الدعوية المتعددة.
11- احرص على أن تلتحق بإحدى حلقات التحفيظ.
12- عليك بممارسة الرياضة البدنية لتقوية جسمك وعقلك.
13- الحرص على مزاولة أي عمل أو البحث عن وظيفة تناسبك إذا لم تكن طالباً جامعياً، فإن كنت طالباً فاجتهد في دراستك حتى تتخرج بنتيجة مرضية للجميع.
14- لا تستجب لنداء الشيطان سواء من الجن أو الإنس، فلا تتأثر بأي ضغط من ضغوط الفاسقين، ولا تعبأ بهم، ولا تلتفت إليهم، وأشعرهم بأنهم لم ولن يعوقوا طريقك في الالتزام بشرع الله.
15- من الآن إذا وصلت رسالتي قم بتنفيذ ما قلته لك، وقم بإعفاء لحيتك وتقصير ثوبك وتشبه بالصالحين.
16- أكثر من الدعاء، وأبشر بالخير؛ فإنه سبحانه القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي" [البقرة:186]، وهو القائل سبحانه: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء..."الآية، [النمل:62].
17- إذا دعتك نفسك وهواك وشيطانك وقرناء السوء للرجوع للمعصية مرة أخرى أعلم بأن الله يراك ومطلع عليك فاستحي من نظر الإله ولا تجعله سبحانه أهون الناظرين إليك.
18- عليك بالقراءة في الكتب الوعظية والتي ترقق القلب، وكذلك الكتب التي تتكلم عن التوبة وبيان سعة رحمة الله تعالى.
19- وكذلك عليك الاستماع إلى الأشرطة الإسلامية المؤثرة النافعة والتي تعينك على طاعة الله، وتقوي فيك روح الخشية والمراقبة له سبحانه.
وأخيراً أقول لك – أخي الكريم- توكل على الله فهو حسبك ونعم الوكيل .
فالزم يدك بحبل الله معتصماً *** فإنه الركن إن خانتك أركان
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. [/size]
مواقع النشر