أنتيي الأعلى.. لا تتلفتي!! نعم أخاطبك أنت أيتها المرأة المسلمة. فأنتِي الأعلى في زمن الثورة الصناعية والتقنية والاقتصادية، زمن الشبكة العنكبوتية والبث الفضائي والطوفان المعلوماتي.
وزمن العولمة الساعية لإذابة خصوصيتكي وتميزكي في أفران الهيمنة الغربية المسيطرة على أشكال القوة الاقتصادية والإعلامية والعسكرية و..و..، إنكي أنتي الأعلى.. على نساء العالم كله، وستظلين الأعلى.. أتريدين البراهين؟
إن استعلاءك بإيمانكي، واعتزازك بدينكي، واستقامتيك عليه، لهو أعظم دليل على صدق إيمانكي بالله وتوحيد ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.
أنتي الأعلى.. ليقينكي بأن دينكي هو الدين الحق، وأنه الدين الذي لا يقبل الله من أحد سواه، فأنت مؤمنة بقول الله تعالى: (ومن يبتغِ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [سورة آل عمران آية 85]
أنتي الأعلى.. فنبيك هو خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي جمع الله فيه محاسنهم عليهم الصلاة والسلام، فقد حول الله النبوة من بني إسرائيل إلى النبي العربي القرشي الأمي المكي، وجعله رسولا إلى جميع الإنس والجن، قال تعالى: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ) [سورة الفرقان آية 1]، وقال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" [رواه مسلم]
أنتي الأعلى.. بإيمانكي بكتاب ربك، الذي يهدي للتي هي أقوم في كل شئون الحياة، والذي تكفل الله بحفظه من التغيير.
وما أجمل استعلاءكي.. حين اخترتي القرار في بيتكي الذي جعلته جنة الأرض لك ولأسرتكي، وحين قصرتِ خروجك على قدر الحاجة، فكان ذلك منك دليلا على إيمانكي بقول الله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) [سورة الأحزاب آية33]
وزادك تميزًا بعدكي وترفعكي عند خروجكي عن التبرج، الذي هو إظهار الزينة وما يُستدعى به شهوة الرجل، "قالو ".
قد كانت المرأة في الجاهلية الأولى تخرج فتمشي بين الرجال، "قاله مجاهد". وكانت تمشي مشية فيها تكسر وتغنج، "قاله مقاتل". وكانت تتخذ الدِّرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره، "قاله الكلبي ". وكانت تلبس الثياب لا تواري جسدها، "قاله الفراء". (ذكره ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير 6 / 381 ).
أنتي الأعلى.. باستعلائكي على تبرج الجاهلية المعاصرة، الذي انحط إلى المستوى البهيمي، فلا مكان فيه لجمال الحشمة النابع من جمال الروح، بل أرفع درجات الذوق الإنساني فيه الإعجاب بالزيّ الفاتن، والجسد العاري.
وما أجمل استعلاء المرأة المؤمنة التي اضطرتها الحاجة للعمل، فخرجت بلباس محتشم متزينة بحجابها بعيدة عن التبرج ومخالطة الرجال مهما كان الثمن، إنها تخرج وقلبها منعقد على أن الأصل القرار في البيت، وأنها متى ما استغنت فإن تفرغها لزوجها وقيامها بواجبات منزلها وأبنائها هو أعظم صور النجاح، وأرقى مجالات العمل لأنه متعلق ببناء الإنسان واستقراره.
أنتي الأعلى.. بحجابك الكامل، وعدم سماحكي بكل محاولات التلاعب بشكله ؛ لإيمانكي بأن الحجاب لا يحقق الغاية من وجوده إذا كان فاتناً في شكله ملفتاً للانتباه، وهذا دليل صادق على إيمانك بقول الله العليم الخبير: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) [سورة النور آية 31]
وأنتي بذلك جعلت مثلك الأعلى في الحياة نساء المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم أجمعين، فقد أثنت عليهن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأولى، لما أنزل الله: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن ( المرط: هو الإزار ) فاختمرن بها. [رواه البخاري حديث 4358] قال الإمام ابن حجر في معنى اختمرن بها: أي غطين وجوههن. [فتح الباري 8 / 491]. ثم أثنت على نساء الأنصار رضي الله عنهن فقالت: ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، أشد تصديقًا بكتاب الله ولا إيمانًا بالتنزيل، ولقد أنزلت سورة النور (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) فانقلب رجالهن يتلون عليهن ما أنزل فيها، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات، كأن على رؤوسهن الغربان. (عزى الإمام ابن حجر هذا اللفظ لابن أبي حاتم فتح الباري 8 / 491).
أنتي الأعلى.. بحشمة حجابكي ورداءكي وعباءتكي، فلا زخرفة ولا تطريز ولا ضيق ولا تخصير ولا..ولا..، بل رداء محتشم كان سببا لتحقيق السلامة من أذى أصحاب القلوب المريضة المتصفة بالفجور، لأنك حققتِ ما أمر الله به في قوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا) [سورة الأحزاب آية 59]
لقد كان يقينك بحكمة الحجاب عظيمًا فهو يحقق الطهر لك ولمجتمعك، لأن الله تعالى يقول: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) [سورة الأحزاب آية 53]، فطهارة القلوب من أسما غايات الحجاب مهما زعم البشر الضعاف، ومهما قال المنهزمون الشاعرون بالدون، من أن الاختلاط والتحرر من الحجاب، وإتاحة الحرية للجنسين في التعايش والتصادق سبب للإشباع العاطفي، وفرصة لتصريف الغريزة المكبوتة.. فأنت لا تشكين في بوار هذا النهج البشري القاصر، فالمستعلية بإيمانها لا تقدم قول أحد من البشر مهما كان على قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، فالله هو الخالق للنفس البشرية وهو الخبير بما يصلح لها وبما يكون سببًًا لسعادتها قال تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [سورة الملك آية 14]
أنتي الأعلى.. لحرصكي على التأدب بالآداب الربانية، والتي من ثمارها إبعاد الريبة عنك، وقطع طمع مرضى القلوب فيك، فلا ترقيق للكلام ولا إلانة له عند الحاجة لمحادثة الرجال، لعملك بقول الله تعالى: (ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) [سورة الأحزاب آية 32]، فكم هو المحزن ما وصل إليه حال المقصرات في امتثال أوامر الله تعالى فسقطن فرائس لمرضى القلوب ذئاب الهواتف بأنواعها، بل وصل الأمر إلى التصوير والتداول عبر الجوالات والانترنت فحصلت الأذية ولوِّث الطهر، نسأل الله الستر لجميع المسلمين والمسلمات.
أنتي الأعلى.. لإيمانك بأن الله تعالى خلق المرأة والرجل بتكوين جسدي وعضوي ونفسي وعقلي معين، ليؤدي كل واحد منهما وظائف محددة له في هذه الحياة تصديقا لقول الله تعالى: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) [سورة النساء آية 32]، فكانت القوامة للرجل بما فضله الله تعالى على المرأة، وأن مخالفة ذلك سبب للشقاء والتخبط كما هو مشاهد في حياة البشر اليوم.
أنتي الأعلى.. بإيجابيتكي في الحياة.. فأنت شمعة مضيئة أينما حللت، تحملين الخير، وتدعين إليه غيرك بالحكمة والموعظة الحسنة، فنساء العالم بحاجة لنساء مستعليات بإيمانهن، يرسمن لهن طريق النجاة، ويخرجوهن من الظلمات إلى النور.
أنتي الأعلى.. لحملك هم الإسلام والمسلمين في كل مكان، فتعيشين النصرة لدينك بدعائك ولسانك ومالك، وتنشئين على ذلك أبناءك.
أنتي الأعلى.. بحسن انتقائك لما تحتاجينه من معطيات التقدم الصناعي والتقني، والاستفادة منها فيما يحقق لك رغد العيش واختزال الوقت والجهد، مع محافظتك على خصوصيتك وتميزك واستعلائك.
فهنيئًا لك هذا الاستعلاء.. رغم ما كادوا ويكيدوا، ورغم لهيب نار الحرب التي أوقدوها عليك وعلى أمتك..
إنكي أنتي الأعلى.. ما ثبتِّي على دينك، واستعليتي بإيمانك.
اطلب من الاداره تثبيته[/size][/color]
مواقع النشر