موسوعة حياة الرسول عليه افضل الصلاة والسلام من مولده وحتى وفاته ( يثبت لمدة أسبوع ) - الصفحة 3
صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 9 إلى 12 من 19

الموضوع: موسوعة حياة الرسول عليه افضل الصلاة والسلام من مولده وحتى وفاته ( يثبت لمدة أسبوع )

  1. #9
    عضوة قمة الصورة الرمزية أسطورة الاحساس
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    117
    معدل تقييم المستوى
    15
    غزوه بنى قينقاع
    مقدمة




    الخيانة والغدر وإحداث الشغب، والفتن، ونشر الفساد، مما اشتهر به اليهود قديماً وحديثاً، وذلك هو خلقهم، وطبعهم، وعلاجهم منه ليس بالأمر السهل اليسير، ولذلك لا ينفع معهم في كثير من الأحيان إلا القتل، أو الإبعاد ليبقى المجتمع سليماً من كيدهم ومؤامراتهم، والتاريخ إلى يومنا شاهد بذلك، فأينما حلوا أفسدوا، ولم يتقبلهم أي مجتمع، حتى إخوانهم فى الكفر لم يقبلوا بهم.
    فساد اليهود
    ونصيحة الرسول لهم وردهم عليه
    وصراع المسلمين مع اليهود بدأ منذ أول عهد الرسالة، وقد أقاموا عهوداً ومواثيق مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولكنهم سرعان ما نقضوها، فبعد هزيمة قريش في غزوة بدر، ازداد غيظ اليهود في المدينة، وكان من أشدهم يهود بنى قينقاع، فقاموا بإثارة الشغب، واستفزاز المسلمين، فجمعهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وطالبهم بالإسلام قبل أن يصيبهم ما أصاب قريشاً، فقابلوا ذلك بالرفض والصدود، والإستمرار في الأذى مغترين بما لديهم من آلات الحرب لكونهم صاغة وحدادين وصنّاع فأنزل الله فيهم قوله تعالى: { {11} قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ{12} قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَار } (آل عمران:12،13).
    سبب الحرب بينهم وبين المسلمين
    وذكر ابن كثير، وابن هشام أن امرأة من العرب جلست إلى صائغ في سوق بنى قينقاع، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها، فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا عليها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهودياً فشدت اليهود على المسلم فقتلوه. فحاصرهم المسلمون في حصونهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقابهم، وأموالهم، ونسائهم، وذراريهم.
    مدة حصارهم
    قال ابن هشام : واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في محاصرته إياهم بشير بن عبد المنذر وكانت محاصرته إياهم خمس عشرة ليلة .
    موقف عبد الله بن أبي بن سلول
    ثم قام زعيم المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول مطالباً رسول الله صلى الله عليه وسلم بإلحاحٍ شديد أن يعفو عنهم، وكانوا حلفاء الخزرج، وفيه نزل قول الله "{50} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{51} فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ" (المائدة: 50،51)، فعامله الرسول بالمراعاة، ووهبهم له، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه فيها، فخرجوا إلى أذرعات الشام، بعد أن قبض منهم الرسول صلى الله عليه وسلم أموالهم، ولم يلبثوا في الشام حتى هلك أكثرهم، وكان عددهم سبعمائة رجل.

    غزوات عام 3 هـ
    غزوة ذي أمر





    كان النبي صلى الله عليه و سلم في مراقبة دائمة لأعدائه وخصومه الذين يبحثون عن أي فرصة تمكنهم من إلحاق الأذى بالمسلمين، وكان كلما هم هؤلاء الأعداء من الأعراب وغيرهم بمهاجمة المدينة خرج إليهم النبي صلى الله عليه و سلم فأدبهم وفرق جمعهم، وشتت شملهم، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم بلغه أنّ جمعاً من غطفان قد تجمّعوا يريدون الإغارة على أطراف المدينة، يتزعمهم دعثور بن الحارث بن محارب، فخرج النبي صلى الله عليه و سلم في أربعمائة وخمسين رجلاً ما بين راكب وراجل، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان ذلك في السنة الثالثة للهجرة، وفي أثناء الطريق قبض المسلمون على رجل يقال له جبار من بني ثعلبة فدعاه النبي صلى الله عليه و سلم إلى الإسلام فأسلم، وصار دليلاً للجيش إلى بلاد العدو، وهرب هؤلاء الأعراب من النبي صلى الله عليه و سلم وتفرقوا في رؤوس الجبال، ونزل صلّى الله عليه وآله وسلّم مكان تجمعهم وهو الماء المسمى بذي أمر فعسكر به قريباً من الشهر، ليُشعِر الأعراب بقوة المسلمين ويستولى عليهم الرعب والرهبة، وقد حصل لرسول الله صلى الله عليه و سلم من المعجزة، ومن إكرام الله له في هذه الغزوة أمر عجب.
    روى ابن اسحق وغيره من أصحاب المغازى والسير، أن المسلمين في هذه الغزوة أصابهم مطر كثير، فذهب رسول الله صلى الله عليه و سلم لحاجته فأصابه ذلك المطر فبلَّل ثوبه، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم وادي ذي أمر بينه وبين أصحابه، ثمّ نزع ثيابه فنشرها على شجرة لتجف، ثمّ اضطجع تحتها، والأعراب ينظرون إلى كلّ ما يفعل رسول الله، فقالت الأعراب لدعثور - وكان سيّدهم وأشجعهم - قد أمكنك الله من قتل محمّد، وقد انفرد من أصحابه حيث إن غوّث - أي طلب الغوث والنجدة - بأصحابه لم يُغث حتى تقتله، فاختار سيفاً من سيوفهم صارماً، ثمّ أقبل حتّى قام على رأس رسول الله بالسيف مشهوراً فقال: يا محمّد من يمنعك منّى اليوم؟ قال: الله، ودفع جبريل عليه السلام في صدره فوقع السيف من يده، فأخذه رسول الله صلى الله عليه و سلم وقام على رأسه وقال: من يمنعك منّى ؟، قال: لا أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله، والله لا أُكثِّر عليك جمعاً أبداً، ثم أعطاه رسول الله سيفه ثمّ أدبر، ثمّ أقبل بوجهه ثمّ قال: والله لأنت خير منى، قال رسول الله: أنا أحقّ بذلك منك، فأتى قومه فقالوا له: أين ما كنت تقول، وقد أمكنك الله منه، والسيف في يدك ؟ قال: قد كان والله ذلك، ولكني نظرت إلى رجل أبيض طويل دفع في صدري فوقعت لظهري، فعرفت أنّه مَلَك، وشهدت أنّ محمداً رسول الله، والله لا أُكثِّر عليه جمعاً أبداً، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام، ونزلت هذه الآية: {يا أيها الذِين آمَنُوا اذكُرُوا نِعمَةَ الله عَليكُم إذ هَمَ قَومٌ أن يَبسُطُوا إليكم أيديهم فَكَفَّ أيديهم عَنكُم} (المائدة:11). وهذه القصة ثابتة في الصحيحين بسياق مختلف، وفي غزوة أخرى كذلك، وما في الصحيحين أصح.
    ومن هذه الغزوة وما حصل فيها، يتبين لنا أن الله ناصر دينه وجنده، وما على المسلمين إلا أن يبذلوا وسعهم، ويجاهدوا لإعلاء كلمة الله، والله نسأله أن ينصر المجاهدين في سبيله في كل مكان، إنه ولى ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.





    غزوه أحد



    وفي شوال سنة 3هـ كانت وقعة أحد. وذلك أن الله تبارك وتعالى لما أوقع بقريش يوم بدر، وترأس فيهم أبو سفيان، لذهاب أكابرهم، أخذ يؤلب على رسول الله صلى الله عليه و سلم وعلى المسلمين. ويجمع الجموع، فجمع قريباً من ثلاثة آلاف من قريش، والحلفاء والأحابيش. وجاءوا بنسائهم لئلا يفروا، ثم أقبل بهم نحو المدينة، فنزل قريباً من جبل أحد. فاستشار رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه في الخروج إليهم، وكان رأيه أن لا يخرجوا، فإن دخلوها قاتلهم المسلمون على أفواه السكك، والنساء من فوق البيوت، ووافقه عبد الله بن أبى - رأس المنافقين - على هذا الرأي، فبادر جماعة من فضلاء الصحابة - ممن فاته بدر - وأشاروا على رسول الله صلى الله عليه و سلم بالخروج، وألحوا عليه. فنهض ودخل بيته، ولبس لأمته، وخرج عليهم، فقالوا: استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و سلم على الخروج. ثم قالوا: إن أحببت أن تمكث بالمدينة فافعل، فقال: ما ينبغي لنبي إذا لبس درعه أن يضعه حتى يحكم الله بينه وبين عدوه. فخرج في ألف من أصحابه، واستعمل على المدينة عبد الله بن أم مكتوم.
    وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى رؤيا: رأى أن في سيفه ثلمة، وأن بقراً تذبح. وأنه يدخل يده في درع حصينة. فتأول الثلمة: برجل يصاب من أهل بيته، والبقر: بنفر من أصحابه يقتلون، والدرع بالمدينة، فخرج، وقال لأصحابه: عليكم بتقوى الله، والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو، وانظروا ماذا أمركم الله به فافعلوا. فلما كان بالشوط - بين المدينة وأحد - انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر، وقال: عصاني. وسمع من غيري ما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا، أيها الناس ؟ فرجع وتبعهم عبد الله بن عمرو - والد جابر - يحرضهم على الرجوع، ويقول: قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا، قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع، فرجع عنهم وسبهم. وسأل نفر من الأنصار رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يستعينوا بحلفائهم من يهود ، فأبى، وقال: من يخرج بنا على القوم من كثب ؟. فخرج به بعض الأنصار، حتى سلك في حائط لمربع بن قيظي من المنافقين - وكان أعمى - فقام يحثو التراب في وجوه المسلمين، ويقول: لا أحل لك أن تدخل في حائطي، إن كنت رسول الله. فابتدروه ليقتلوه. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر. ونفذ حتى نزل الشعب من أحد، في عدوة الوادي الدنيا، وجعل ظهره إلى أحد، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم. فلما أصبح يوم السبت تعبأ للقتال، وهو في سبعمائة، منهم خمسون فارساً، واستعمل على الرماة - وكانوا خمسين - عبد الله بن جبير. وأمرهم: أن لا يفارقوا مركزهم، ولو رأوا الطير تختطف العسكر، وأمرهم: أن ينضحوا المشركين بالنبل، لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم. وظاهر رسول الله صلى الله عليه و سلم بين درعين. وأعطى اللواء مصعب بن عمير، وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام، وعلى الأخرى: المنذر بن عمرو.
    واستعرض الشباب يومئذ، فرد من استصغر عن القتال - كابن عمر، وأسامة بن زيد، والبراءة، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وعرابة الأوسى - وأجاز من رآه مطيقاً. وتعبأت قريش، وهم ثلاثة آلاف. وفيهم مائتا فارس، فجعلوا ميمنتهم: خالد بن الوليد، وعلى الميسرة: عكرمة بن أبى جهل.
    ودفع رسول الله صلى الله عليه و سلم سيفه إلى أبي دجانة. وكان أول من بدر من المشركين أبو عامر - عبد عمرو بن صيفي - الفاسق، وكان يسمى الراهب. وهو رأس الأوس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام شرق به، وجاهر بالعداوة. فذهب إلى قريش يؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه و سلم ووعدهم: بأن قومه إذا رأوه أطاعوه، فلما ناداهم، وتعرف إليهم، قالوا: لا أنعم الله بك عيناً يا فاسق، فقال: لقد أصاب قومي بعدي شر. ثم قاتل المسلمين قتالاً شديداً، ثم أرضخهم بالحجارة. وأبلى يومئذ أبو دجانة، وطلحة، وحمزة، وعلى، والنضر بن أنس، وسعد بن الربيع بلاء حسناً. وكانت الدولة أول النهار للمسلمين، فانهزم أعداء الله، وولوا مدبرين، حتى انتهوا إلى نسائهم، فلما رأى ذلك الرماة، قالوا: الغنيمة، الغنيمة، فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فلم يسمعوا، فأخلوا الثغر، وكر فرسان المشركين عليه، فوجدوه خالياً، فجاءوا منه. وأقبل آخرهم حتى أحاطوا بالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة - وهم سبعون - وولى الصحابة. وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فجرحوه جراحات، وكسروا رباعيته. وقتل مصعب بن عمير بين يديه، فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالب. وأدركه المشركون يريدون قتله، فحال دونه نحو عشرة حتى قتلوا، ثم جالدهم طلحة بن عبيد الله حتى أجهضهم عنه، وترس أبو دجانة عليه بظهره، والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك. وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم فردها بيده، فكانت أحسن عينيه. وصرخ الشيطان: إن محمداً قد قتل، فوقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين. فمر أنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم، فقالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه و سلم . فقال: ما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه. ثم استقبل الناس، ولقي سعد بن معاذ، فقال: يا سعد! إني لأجد ريح الجنة من دون أحد، فقاتل حتى قتل، ووجد به سبعون جراحة. وقتل وحشي حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، رماه بحربة على طريقة الحبشة.
    وأقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم نحو المسلمين، فكان أول من عرفه تحت المغفر: كعب بن مالك، فصاح بأعلى صوته: يا معشر المسلمين! هذا رسول الله، فأشار إليه: أن اسكت، فاجتمع إليه المسلمون، ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه. فلما أسندوا إلى الجبل أدركه أبي بن خلف على فرس له، كان يزعم بمكة: أنه يقتل عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فلما اقترب منه طعنه رسول الله صلى الله عليه و سلم في ترقوته، فكر منهزماً. فقال له المشركون: ما بك من بأس، فقال: والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعين. وحانت الصلاة، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم جالساً. وشد حنظلة بن أبى عامر على أبي سفيان، فلما تمكن منه حمل عليه شداد بن الأسود فقتله، وكان حنظلة جنباً، فإنه حين سمع الصيحة وهو على بطن امرأته: قام من فوره إلى الجهاد، فأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الملائكة تغسله. وكان الأصيرم - عمرو بن ثابت بن وقش - يأبى الإسلام، وهو من بنى عبد الأشهل، فلما كان يوم أحد: قذف الله الإسلام في قلبه للحسنى التي سبقت له. فأسلم وأخذ سيفه، فقاتل، حتى أثبتته الجراح، ولم يعلم أحد بأمره. فلما طاف بنو عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم، وجدوا الأصيرم - وبه رمق يسير، فقالوا: والله إن هذا الأصيرم، ثم سألوه: ما الذي جاء بك ؟ أحدب على قومك، أم رغبة في الإسلام ؟ فقال: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله وبرسوله وأسلمت، ومات من وقته. فذكروه لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال: هو من أهل الجنة، ولم يصل لله سجدة قط. ولما انقضت الحرب: أشرف أبو سفيان على الجبل، ونادى: أفيكم محمد ؟ فلم يجيبوه، فقال: أفيكم ابن أبى قحافة ؟ فلم يجيبوه. فقال: أفيكم ابن الخطاب ؟ فلم يجيبوه، فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم، فلم يملك عمر نفسه أن قال: يا عدو الله! إن الذين ذكرتهم أحياء، وقد أبقى الله لك منهم ما يسوءك، ثم قال: اعل هبل، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا تجيبوه ؟، قالوا: ما نقول ؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل، ثم قال: لنا العزى، ولا عزى لكم، قال: ألا تجيبوه ؟ قالوا: ما نقول ؟ قال: قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم، ثم قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار. وأنزل الله عليهم النعاس في بدر وفي أحد، والنعاس في الحرب من الله، وفى الصلاة ومجالس الذكر: من الشيطان.
    وقاتلت الملائكة يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ففي الصحيحين عن سعد، قال: رأيت رسول الله يوم أحد، ومعه رجلان يقاتلان عنه، عليهما ثياب بيض، كأشد القتال، وما رأيتهما قبل ولا بعد. ومر رجل من المهاجرين برجل من الأنصار - وهو يتشحط في دمه - فقال: يا فلان! أشعرت أن محمداً قتل ؟ فقال الأنصاري: إن كان قد قتل فقد بلغ، فقاتلوا عن دينكم، فنزل: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل)
    وكان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص، اختبر الله عز وجل به المؤمنين، وأظهر به المنافقين، وأكرم فيه من أراد كرامته بالشهادة، فكان مما نزل من القرآن في يوم أحد: إحدى وستون آية من آل عمران، أولها: (وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم)
    ولما انصرفت قريش تلاوموا فيما بينهم، وقالوا: لم تصنعوا شيئاً، أصبتم شوكتهم، ثم تركتموه، وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم، فارجعوا حتى نستأصل بقيتهم. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فنادى في الناس بالمسير إليهم، وقال: لا يخرج معنا إلا من شهد القتال، فقال له ابن أبى: أركب معك؟ قال: لا. فاستجاب له المسلمون - على ما بهم من القرح الشديد - وقالوا: سمعاً وطاعة. وقال جابر: يا رسول الله! إني أحب أن لا تشهد مشهداً إلا كنت معك، وإنما خلفني أبى على بناته، فائذن لي أن أسير معك. فأذن له. فسار رسول الله صلى الله عليه و سلم والمسلمون معه، حتى بلغوا حمراء الأسد، فبلغ ذلك أبا سفيان ومن معه، فرجعوا إلى مكة. وشرط أبو سفيان لبعض المشركين شرطاً على أنه إذا مر بالنبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه: أن يخوفهم، ويذكر لهم: أن قريشاً أجمعوا للكرة عليكم ليستأصلوا بقيتكم، فلما بلغهم ذلك قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.
    [/CENTER]

  2. #10
    عضوة قمة الصورة الرمزية أسطورة الاحساس
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    117
    معدل تقييم المستوى
    15

    غزوة حمراء الأسد





    بعد انتهاء غزوة أحد التي حدث فيها ما حدث، من تمحيص للمؤمنين وكشف لحقيقة المنافقين، بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أبا سفيان يعد لقتال المسلمين، فأمر بلالاً أن ينادي بالناس: (إنّ رسول الله يأمركم بطلب عدوكم، فخرج النبي صلى الله عليه و سلم بأصحابه في أثر أبى سفيان وهم يحملون جراحهم، وأمر ألا يخرج معه إلا من شهد القتال في أحد)، وقد ذكر القرآن أحداث هذه الغزوة، فقال الله في كتابه: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم} (آل عمران: 172)، وطلب رسول الله العدو حتى بلغ حمراء الأسد.
    كان هدف رسول الله من سيره لحمراء الأسد إرهاب العدو، وإبلاغهم قوة المسلمين، وأن الذي أصابهم في أُحد لم يكن ليوهنهم عن عدوهم أو يفل من عزيمتهم. ومر برسول الله معبد بن أبي معبد الخزاعي، وهو يومئذ مشرك، وكان مقيماً بحمراء الأسد، فقال: يا محمد أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله عافاك فيهم، ثم خرج من عند رسول الله، حتى لقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء، وقد أجمعوا أمرهم على ملاقاة رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه، وقالوا: أصبنا أحد أصحابه وقادتهم وأشرافهم، ثم نرجع قبل أن نستأصلهم، لنكرن على بقيتهم فلنفرغن منهم، فلما رأى أبو سفيان معبدا قال: ما وراءك يا معبد ؟ قال: محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط، يتحرقون عليكم تحرقا، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم، شيء لم أر مثله قط، قال: ويلك ما تقول ؟ قال: والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل، قال: فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل شأفتهم، قال فإني أنهاك عن ذلك، ووالله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتا من شعر ، قال: وما قلت ؟ قال قلت:
    كـادت تُهَـدُّ من الأصوات راحلتـي إذ سالـت الأرضُ بالجـردِ الأبابيـلِ
    تــردى بأسـد كــرام لا تنابلــة عند اللقـــاء ولا ميـل معــازيل
    فظلـت عـدوا أظـن الأرض مائلـة لمـا سموا برئيـس غير مخـــذول
    فقـلت ويـل ابن حـرب من لقاءكم إذا تغطمطـت البطحـاء بالجيـــل
    إنـي نذيـر لأهل البسـل ضاحيــة لكـل ذي أربة منهـــم ومعقـول مـن جيـش أحمـد لا وخش قنابلـه وليـس يوصـف ما أنذرت بالقيـل
    فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه عن ملاقاة رسول الله صلى الله عليه و سلم ثانية. ومر بأبي سفيان ركْبٌ من عبد القيس، فقال: أين تريدون ؟ قالوا: المدينة، قال: ولم ؟ قالوا: نريد الميرة، قال: فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها إليه واحمل لكم إبلكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتموها ؟ قالوا: نعم، قال: فإذا وافيتموه فاخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه، والى أصحابه لنستأصل بقيتهم، فمر الركب برسول الله وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال حسبنا الله ونعم الوكيل، وفي ذلك أنزل الله قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} (آل عمران:173) وروى البخاري عن ابن عباس قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل". فبث الله الرعب في قلوب الكفار، أبى سفيان وأصحابه، فانصرفوا خائفين وجلين، وعاد الرسول بأصحابه إلى المدينة.
    والذي يُستفاد من أحداث هذه الغزوة وما رافقها من مجريات، أن الله سبحانه ناصر دينه، ومؤيد أوليائه، وأن النصر لا يُحسم بعنصر القوة المادية فحسب، وإنما هناك عنصر أهم وأجدى ألا وهو عنصر الإيمان بالله والاعتماد والتوكل عليه. ويُستفاد أيضاً - علاوة على ما سبق- أن النصر حليف المؤمنين إذا هيأوا له أسبابه، وأعدوا له القوة المعنوية والمادية؛ فلا شك حينئذ أن الله ناصرهم. وصدق الله القائل في محكم كتابه: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} (غافر:51


    غزوات عام 4 هـ
    غزوة ذات الرقاع




    بعدما كُسرت شوكة جناحين من الأحزاب: اليهود ومشركي مكة من قبل المسلمين، بقي جناح ثالث: وهم الأعراب القساة الضاربين في فيافي نجد، والذين ما زالوا يقومون بأعمال النهب والسلب بين وقت وآخر.
    فأراد الرسول صلى الله عليه و سلم تأديبهم، وإخماد نار شرهم، ولما كانوا بدواً لا بلدة أو مدينة تجمعهم، بات لا يجدي معهم سوى حملات التأديب والتخويف، فكانت غزوة ذات الرقاع.
    جرت أحداث هذه الغزوة في السنة الرابعة من الهجرة، بعد خيبر، كما رجحه ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد. وبدأت حين سمع النبي صلى الله عليه و سلم باجتماع قبائل: أنمار أو بنى ثعلبة، وبنى محارب من غطفان، فأسرع بالخروج إليهم بأربعمائة أو سبعمائة من الصحابة، واستعمل على المدينة أبا ذر، وقيل عثمان بن عفان، وسار متوغلاً في بلادهم حتى وصل إلى موضع يقال له نخل، ولقي جمعاً من غطفان، فتوافقوا ولم يكن بينهم قتال، إلا أنه صلى بالصحابة صلاة الخوف، فعن جابر قال: (خرج النبي صلى الله عليه و سلم إلى ذات الرقاع من نخل، فلقي جمعاً من غطفان، فلم يكن قتال، وأخاف الناس بعضهم بعضاً، فصلى النبي صلى الله عليه و سلم ركعتي الخوف) رواه البخاري.
    وكان لكل ستة بعير يتعاقبون على ركوبه، حتى تمزقت خفافهم، ولفّوا على أرجلهم الخرق؛ ولذلك سميت الغزوة بذات الرقاع، ففي الصحيحين عن أبى موسى رضي الله عنه قال: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه و سلم في غزاة، ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي، وسقطت أظفاري، وكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسُمِّيت غزوة ذات الرقاع؛ لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا).
    ومما صاحب هذه الغزوة قصة الأعرابي، ففي البخاري، عن جابر رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي صلى الله عليه و سلم ، فجاء رجل من المشركين وسيف النبي صلى الله عليه و سلم معلق بالشجرة، فاخترطه فقال: تخافني ؟، قال: لا قال فمن يمنعك منى ؟ قال: الله، فتهدده أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ، وأقيمت الصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكان للنبي صلى الله عليه و سلم أربع، وللقوم ركعتان).
    وكان لهذه الغزوة أثر في قذف الرعب في قلوب الأعراب القساة، فلم تجترئ القبائل من غطفان أن ترفع رأسها بعدها، بل استكانت حتى استسلمت، وأسلمت، حتى شارك بعضها في فتح مكة وغزوة حنين.
    وبهذا تم كسر أجنحة الأحزاب الثلاثة، وساد الأمن والسلام ربوع المنطقة، وبدأ التمهيد لفتوح البلدان والممالك الكبيرة، لتبليغ الإسلام ونشر الخير.



    غزوات عام 5 هـ


    غزوة المريسيع أو غزوة بني المصطلق



    جرت أحداث هذه الغزوة في السنة الخامسة من الهجرة، وسببها أنه لما بلغ الرسول صلى الله عليه و سلم أن الحارث بن أبي ضرار - رأس وسيد بنى المصطلق- سار في قومه، وبعض من حالفه من العرب، يريدون حرب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وقد ابتاعوا خيلاً وسلاحاً، وتهيّأوا لذلك، فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم بريدة بن الحصيب الأسلمي؛ ليستطلع له خبر القوم، فأتاهم حتى ورد عليهم ماءهم، فوجد قوماً مغرورين، وقد تألبوا وجمعوا الجموع، ولقي الحارث بن أبى ضرار، وكلمه، ورجع إلى رسول الله فأخبره خبرهم، فندب رسول الله الناس، فأسرعوا في الخروج، وخرج معهم جماعة من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قبلها لقرب السفر، ورغبة في عرض الدنيا، واستعمل على المدينة زيد بن حارثة.
    وبلغ الحارث بن أبى ضرار ومن معه مسير رسول الله صلى الله عليه و سلم إليه، فخافوا خوفاً شديداً، وتفرق عنهم من كان معهم من العرب، وانتهى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المريسيع وهو مكان الماء، فضرب عليه قبته، ومعه عائشة وأم سلمة، وتهيأ رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه لملاقاة القوم. وجعل راية المهاجرين مع أبي بكر الصديق، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فنادى في الناس: قولوا لا إله إلا الله، تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم.
    والصحيح من روايات هذه الغزوة أنه لم يكن قتال بين المسلمين والمشركين، وإنما أغاروا عليهم عند الماء، وسبوا ذراريهم، وأموالهم، ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيح (أن النبي صلى الله عليه و سلم أغار على بني المصطلق وهم غارّون - المباغتة في القتال - وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية) رواه البخاري ومسلم.
    وذكر أصحاب السير أنّ أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها قالت: (أتانا رسول صلى الله عليه و سلم ونحن على المريسيع، فأسمع أبى يقول: أتانا ما لا قبل لنا به. قالت: فكنت أرى من الناس والخيل مالا أصفُ من الكثرة، فلما أسلمتُ، وتزوجني رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ورجعنا، جعلت أنظر إلى المسلمين، فليسوا كما كنت أرى، فعلمت أنه رعب من الله تعالى يُلقيه في قلوب المشركين.
    وفي هذه الغزوة وقعت حادثة الإفك في حق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي قص علينا نبأها القرآن، وفصلت السنة أحداثها، وقد تحدثنا عنها في مقال سابق من محورنا هذا.
    ولنا أن نستفيد من هذه الغزوة دروساً وعبراً، نستخلصها من الحوادث المصاحبة لهذه الغزوة، وخاصة حادثة الإفك التي أظهرت خطر المنافقين وجرأتهم، حتى نالوا من عرض رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم ما ينبغي على المؤمن فعله عند سماع الشائعات من حفظ اللسان وعدم الخوض فيها، يضاف إلى ذلك الصبر والتحلي به، وعدم التعجل في الأمور عند الابتلاء أسوة بالنبي صلى الله عليه و سلم .






    غزوه بنى قريظة





    ثم بلغ النبي صلى الله عليه و سلم أن يهود بنى قريظة القاطنين بجوار المدينة يريدون نقض ما بينهم وبينه من العهود، فاسترجع من جيشه خمسمائة رجل لحراسة النساء والذراري، ولما علم المسلمون بأمر بنى قريظة اشتد وجلهم لأن العدو قد أصبح محيطاً بهم من الخارج والداخل، ولكن الله سبحانه وتعالى قيَّض لرسوله صلى الله عليه و سلم من أنبث بين الأعداء يفرق جموعهم بالخديعة والحيلة، حتى استحكم الفشل بينهم، وخاف بعضهم بعضاً، وأرسل الله تعالى عليهم ريحا باردة في ليل مظلم أكْفَأت قدورهم وطرحت آنيتهم، فارتحلوا من ليلتهم، وأزاح الله تعالى هذه الغُمَّة التي تحزَّب فيها الأحزاب من قبائل العرب واليهود على المسلمين.
    وكانت هذه الحادثة بين شهري شوال وذي القعدة من شهور السنة الخامسة للهجرة، واستشهد فيها من المسلمين ستة، وقتل من المشركين ثلاثة.
    ولما عاد رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يخلع لباس الحرب حتى حاصر بني قريظة لخيانتهم ونقضهم للعهد، واستمر محاصراً لهم خمساً وعشرين ليلة، حتى كادوا يهلكون ولم يروا بدًّا من التسليم لما يحكم به رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ورضوا بأن ينزلوا على حكم سيدهم سعد بن معاذ، فحكم بقتل رجالهم وسبى نسائهم وذراريهم وأخذ غنائمهم، فحبس الرجال في دور الأنصار حتى حفرت لهم خنادق ضربت أعناقهم فيها، وكانوا نحو سبعمائة رجل، وبذلك أراح الله المسلمين من شر مجاورة هؤلاء الأعداء، والله عزيز ذو انتقام.




    غزوه الخندق





    كان بين المسلمين من الخزرج وبين يهود بنى النضير المجاورين للمدينة عهد على التناصر، فخان اليهود عهدهم مع المسلمين، حيث هموا بقتل النبي صلى الله عليه و سلم ، فخرج عليه الصلاة والسلام إليهم في السنة الخامسة للهجرة حتى أجلاهم عن مواطنهم، فأورث الله تعالى المسلمين أرضهم وديارهم، ولم يقر لهؤلاء اليهود قرار بعد ذلك فذهب جمع منهم إلى مكة، وقابلوا رؤساء قريش واتفقوا معهم ومع قبيلة غطفان على حرب المسلمين، فتجهزت قريش ومن تبعهم من كنانة، وتجهزت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد، وتحزبوا جميعاً على محاربة المسلمين، حتى بلغ عدد جميعهم عشرة آلاف محارب قائدهم العام أبو سفيان.
    فلما سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم بتجمعهم لذلك استشار أصحابه فيما يعمل لمقاومتهم، فأشار سلمان الفارسيّ رضي الله عنه بحفر خندق في شمال المدينة من الجهة التي تؤتى منها المدينة، فحفروه وجاءت قريش ومن معها من الأحزاب ونزلوا خلف الخندق، وجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم في ثلاثة آلاف من المسلمين أمام الخندق، واستمروا على هذه الحالة يترامون بالنبل بضعاً وعشرين ليلة، وقد رتب رسول الله صلى الله عليه و سلم حراسا على الخندق لئلا يقتحمه الأعداء ليلا، وكان يحرس بنفسه أصعب جهة فيه، ولما طالت المدة اقتحم جماعة من المشركين الخندق بخيلهم، فمنهم من وقع فيه فاندقَّ عنقه، ومنهم من برز له بعض شجعان المسلمين فقتله، وقد استمرت هذه المعركة يوما كاملا.




    غزوة دومة الجندل



    بعد غزوتي بدر وأحد أراد الرسول صلى الله عليه و سلم تأمين أطراف الجزيرة العربية، حتى تكمل السيطرة للمسلمين، ويتم الاعتراف بدولة الإسلام، فتفرغ لذلك، ثم بلغه أن قبائل حول دومة الجندل تقطع الطريق وتنهب الناس، وقد حشدت جمعها لمهاجمة المدينة، فبادرهم الرسول صلى الله عليه و سلم ، وخرج إليهم في ألف من المسلمين بعد أن استخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري رضي الله عنه، فكانت هذه الغزوة في السنة الخامسة للهجرة.
    وكان الجيش يسير في الليل، من أجل إخفاء الأمر ومباغتة العدو، ويستريح في النهار، فلما وصل جيش المسلمين ديار العدو، هاجموا الماشية ورعاتها، فأصابوا منها ما استطاعوا، وهرب الباقي.
    ثم نزل المسلمون منازل أهل دومة الجندل فلم يجدوا فيها أحدا؛ حيث فر القوم وانتشروا في النواحي خوفاً من المسلمين، ولم يكتفِ المسلمون بذلك وإنما بقي الرسول وأصحابه أياماً لتتبع القوم، وبعث السرايا، ولكنهم لم يعثروا على أحد منهم. بعد ذلك عاد الجيش الإسلامي إلى المدينة منتصراً غانماً.
    يقول صاحب الرحيق المختوم: "بهذه الإقدامات السريعة الحاسمة، وبهذه الخطط الحكيمة الحازمة نجح النبي صلى الله عليه و سلم في بسط الأمن، وتنفيذ السلام في المنطقة والسيطرة على الموقف، وتحويل مجرى الأيام لصالح المسلمين، وتخفيف المتاعب الداخلية والخارجية التي كانت قد توالت عليهم، وأحاطتهم من كل جانب وبذلك ظهرت قوة المسلمين؛ فاستكان المنافقون والبدو الأعراب، وحادت قريش عن المواجهة، فكانت فرصة للمسلمين في نشر الإسلام وتبليغه، ولله الحمد والمنّة".
    [/CENTER]

  3. #11
    عضوة قمة الصورة الرمزية أسطورة الاحساس
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    117
    معدل تقييم المستوى
    15

    غزوات عام 7 هـ
    غزوه خيبر




    بعد أن تم صلح الحديبية واستراح المسلمون من غزوات قريش، رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يستريح أيضاً من أعدائه القريبين الذين يتربصون به الشر، وهم أهل خيبر الذين حزبوا الأحزاب على المسلمين في غزوة الخندق، فخرج صلى الله عليه و سلم إلى خيبر في أول السنة السابعة للهجرة، وكانت خيبر محصنة بثمانية حصون، فعسكر المسلمون خارجها، وأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقطع نخيلهم ليرهبهم، فلما رآهم مصرين على القتال بدأهم بالمراماة، واستمروا في المناوشة سبعة أيام، ثم حمل المسلمون على اليهود حتى كشفوهم عن مواقفهم، وتبعوهم حتى دخلوا أول حصن، فانهزم الأعداء إلى الحصن الذي يليه، فقاتلوا عنه قتالا شديدا حتى كادوا يردون المسلمين عنه، ولكن المسلمين اقتحموا عليهم هذا الحصن حتى ألجأوهم إِلى الحصن الذي يليه، وحاصروهم فيه ومنعوا عنهم جداول الماء، فخرجوا وقاتلوا حتى انهزموا إلى حصن آخر، وهكذا حتى لم يبق غير الحصنين الأخيرين فلم يقاوم أهلهما، بل سلموا طالبين حقن دمائهم، وأن يخرجوا من أرض خيبر بذراريهم، لا يأخذ الواحد منهم إلا ثوبا واحداً على ظهره، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه و سلم لذلك، وغنم المسلمون من خيبر غنائم كثيرة من دروع وسيوف ورماح وأقواس وحلى وأثاث ومتاع وغنم وطعام. وقد قتل من اليهود في هذه الغزوة ثلاثة وتسعون قتيلا، واستشهد من المسلمين خمسة عشر شهيدا.
    وفي هذه الغزوة أهدت امرأة يهودية لرسول الله صلى الله عليه و سلم ذراع شاة مسمومة فأخذ منها مضغة ثم لفظها، حيث أعلمه الله تعالى أنها مسمومة، وقد اعترفت تلك المرآة بما فعلت، وقالت: قلت إن كان نبياًّ لن يضر، وإن كان كاذباً أراحنا الله منه. فعفا عنها النبي صلى الله عليه و سلم .
    وبعد فتح خيبر أرسل صلى الله عليه و سلم إلى يهود فدك، فصالحوا على أن يتركوا له أموالهم ويحقن دماءهم، فأجابهم لذلك.
    وبعد رجوع المسلمين من خيبر قدم من الحبشة بقية من كان فيها من المهاجرين، منهم جعفر بن أبى طالب وأبو موسى الأشعري وقومه، بعد أن أقاموا بها عشر سنين.
    وقد أسلم بعد غزوة خيبر ثلاثة من عظماء الرجال: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طليحة العبدرى.


    غزوات عام 8 هـ



    فتح مكة




    كانت بطون خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ كما كانت بنو بكر بن وائل في عهد قريش، وكان بين هذين الجيشين دماء، فثار بنو بكر على خزاعة، وساعدتهم قريش بالسلاح والأنفس وقاتلوهم، فقدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم نفر من خزاعة وأخبروه بنقض قريش للعهد، فلما أحست قريش بما فعلت جاء منهم أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليقوى العهد ويزيد في المدة فلم يجبه إلى ذلك، وتأكد المسلمون من نقض قريش للعهد، فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم المسلمين أن يتجهزوا وكتم عنهم الوجه، فاجتمع لذلك عشرة آلاف من المسلمين من المهاجرين والأنصار وطوائف من العرب، وخرج بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم لعشر مضت من شهر رمضان في السنة الثامنة للهجرة، وساروا حتى نزلوا بمرِّ الظهران بقرب مكة بدون أن تعلم قريش بوجهتهم. وقد كان العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه و سلم مهاجرا إلى المدينة بأهله، فقابله صلى الله عليه و سلم في الطريق فأرجعه معه، وبعث بعياله إلى المدينة.
    وبينما جيش المسلمين بمر الظهران إذ خرج أبو سفيان ومعه آخران يتجسسون الأخبار، لما كانوا يتوقعونه من عدم سكوت المسلمين على نقض العهد، فظفرت بهم جنود المسلمين، وكان أول من لقي أبا سفيان العباس بن عبد المطلب، فأخذه معه حتى وصل به إلى خيمة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأمنه وسلمه للعباس. فلما أصبح أسلم وشهد شهادة الحق، فقال العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً، فقال صلى الله عليه و سلم : من دخل دار أبى سفيان فهو آمن.
    ثم أمر العباس أن يقف بأبي سفيان حيث يسير الجيش حتى ينظر إلى المسلمين، فجعلت القبائل تمر عليه كتيبة كتيبة حتى انتهت، وانطلق أبو سفيان إلى مكة مسرعا ونادى بأعلى صوته: يا معشر قريش، لقد جاءكم محمد بما لا قبل لكم به.
    ثم أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تركز رايته بالحجون، وهو جبل بمعلاة مكة، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل مكة بمن معه من كُدَىّ، وهو جبل بأسفل مكة من جهة اليمن، ودخل صلى الله عليه و سلم ومن معه من كداء، وهو جبل بأعلا مكة، ونادى مناديه: من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن. واستثنى من ذلك جماعة أهدر دماءهم لشدة ما ألحقوا بالمسلمين من الأذى، منهم عبد الله بن سعد بني أبى سرح وعكرمة بن أبي جهل وكعب بن زهير ووحشي قاتل حمزة وهند بنت عتبة زوج أبى سفيان وهبار بن الأسود والحارث بن هشام، وهؤلاء قد أسلموا.
    وقد صادف جيش خالد بن الوليد في دخوله مقاومة من طائشي قريش فقاتلهم وقتل منهم أربعة وعشرين، واستشهد من فرقته اثنان. وأما فرقة رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم تصادف مقاومة، وقد دخل صلى الله عليه و سلم راكباً راحلته، وهو منحن على الرحل تواضعاً لله تعالى، وشكراً له عز وجل على هذه النعمة العظمى، وكان ذلك صبح يوم الجمعة لعشر خلت من رمضان.
    نصبت له صلى الله عليه و سلم قبة في الموضع الذي أشار بأن تركز فيه الراية، فاستراح في القبة قليلا، ثم سار وهو يقرأ سورة الفتح وبجانبه أبو بكر، حتى دخل البيت وطاف سبعاً على راحلته، واستلم الحجر بمحجنه، وكان حول الكعبة أصنام كثيرة؛ فكان يطعنها بعود في يده ويقول: جاء الحق وزهق الباطل، وما يبدئ الباطل وما يعيد.
    بعد أن أتم رسول الله صلى الله عليه و سلم طوافه أمر بالأصنام فأزيلت من حول الكعبة، وطهر الكعبة من هذه المعبودات الباطلة، ثم أخذ صلى الله عليه و سلم مفتاح الكعبة من حاجبها عثمان بن طلحة الشيبي، ودخلها وكبر في نواحيها، ثم خرج إلى مقام إبراهيم وصلى فيه، ثم جلس في المسجد والناس حوله ينتظرون ما هو آمر به في شأن قريش، فقال صلى الله عليه و سلم : يا معشر قريش ما تظنون أنى فاعل بكم ؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. وردَّ مفتاح الكعبة لسادنها، ثم خطب في الناس خطبة أبان فيها كثيراً من أحكام الدين، وبعد أن أتمها شرع الناس يبايعونه على الإسلام، فأسلم كثير من قريش.
    وممن أسلم في ذلك الوقت معاوية بن أبى سفيان، وأبو قحافة والد الصديق، وأسلم بعض من أهدر رسول الله صلى الله عليه و سلم دمه في ذلك اليوم، وبايع فقبلت بيعته، وبعد أن تمت بيعة الرجال بايعه النساء.
    ثم أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بلالاً أن يؤذن على ظهر الكعبة، وكانت هذه أول مرة ظهر فيها الإسلام على ظهر البيت.
    وقد أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة بعد فتحها تسعة عشر يوماً، أرسل في أثنائها خالد بن الوليد في ثلاثين فارساً لهدم هيكل (العُزَّى)، وهو أكبر صنم لقريش، وأرسل عمرو بن العاص لهدم (سواع) وهو أعظم صنم لهذيل، وبعث آخر لهدم (مناة) وهي صنم لخزاعة.



    غزوه حنين




    وبهذا الفتح دانت للإسلام جموع العرب، ودخلوا في دين الله أفواجاً. غير أن قبيلتي هوازن وثقيف أخذتهم العزة والأنفة وتجمعوا لحرب المسلمين في مكة، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج لهم في اثني عشر ألف مقاتل (وهو أكثر جنده عليه الصلاة والسلام)، فلما وصل جيش المسلمين إلى وادي حنين كان العدو كامناً في شعابه، فقاموا على المسلمين قومة رجل واحد قبل أن يتمكن المسلمون من تهيئة صفوفهم، فانهزمت مقدمة جيش المسلمين، وكاد جيش المسلمين يتفرق مع كثرة عدده، فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم عمه العباس أن ينادي في جيش المسلمين بالثبات، فاجتمعوا واقتتل الفريقان، ولم تمض ساعات حتى انهزم الأعداء هزيمة شديدة.




    غزوة الطائف



    بعد أن كتب الله النصر للمؤمنين في غزوة حنين، توجه رسول الله صلى الله عليه و سلم في شوال عام 8هـ قاصداً الطائف يريد فتحها، وانتدب لتلك المهمة خالد بن الوليد رضي الله عنه؛ حيث جعله على مقدمة الجيش، وطلب منه أن يسير أولاً لمحاصرتها. وكانت قبيلة ثقيف - وهم أهل الطائف - قد حصنت مواقعها، وأعدت عدتها، وتهيأت للقتال، والدفاع عن أرضها.
    ولما وصل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الطائف نزل قريباً من الحصن، وأقام معسكره فيه، فانتهزت ثقيف الفرصة، وأخذت توجه سهامها إلى معسكر المسلمين، فأصابت منهم اثنا عشر رجلاً، كان منهم: عبد الله بن أبى بكر رضي الله عنه الذي استشهد على أثر رمية أصابت منه مقتلاً.
    واستمر حصار رسول الله صلى الله عليه و سلم للطائف قرابة أربعين يوماً، تخللها العديد من المناوشات بين المسلمين والمشركين، ورغبة في إضعاف معنويات ثقيف، أخذ المسلمون في تحريق نخلهم، فناشدوا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يدعها لله وللرحم، فاستجاب لهم، ثم نادى منادى رسول الله صلى الله عليه و سلم : "أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر" فخرج منهم بضعة عشر رجلاً، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ودفع كل رجلٍ منهم إلى رجلٍ من المسلمين ليقوم بشأنه واحتياجاته.
    ولما طال الحصار، وأصيب عدد من المسلمين استشار الرسول صلى الله عليه و سلم بعض القوم، ثم قرر رفع الحصار والرحيل، فعن عبد الله بن عمرو قال: (حاصر رسول الله صلى الله عليه و سلم أهل الطائف، فلم ينل منهم شيئا، فقال: إنا قافلون إن شاء الله، قال أصحابه: نرجع ولم نفتتحه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : اغدوا على القتال، فغدوا عليه فأصابهم جراح، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنا قافلون غدا، فأعجبهم ذلك، فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم ) رواه البخاري ومسلم.
    وتروى كتب السير أن بعض الصحابة أتوا رسول الله وقت الحصار، وقالوا: يا نبي الله، ادعُ الله على ثقيف، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (اللهم اهد ثقيفاً وأت بهم). ثم أذن مؤذن رسول الله بالرحيل، فرحل الجيش وهم يقولون: (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون). وهكذا عاد المسلمون من غزوة الطائف، منتصرين وإن لم يفتحوا الحصن، منتصرين بإيمانهم، وثباتهم، وصبرهم، إضافة لما حصل من استسلام بعض أهل الطائف وإسلامهم.
    ومما يستفاد من هذه الغزوة سرعة استجابة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، فبعد غزوة حنين مباشرة ساروا مع الرسول صلى الله عليه و سلم إلى الطائف لنشر دعوتهم، ومواجهة المعارضين لها، والواقفين في سبيلها. ويستفاد أيضاً ضرورة الأخذ بالوسائل الحربية، والاستراتيجية، والخطط النافعة، كما فعل الرسول صلى الله عليه و سلم ؛ حيث استخدم المنجنيق، وكان أول ما رمى به في الإسلام. ويستفاد أيضاً ضرورة التشاور وخاصة وقت المحن والشدائد، وعدم التفرد باتخاذ القرار، فالرسول صلى الله عليه و سلم شاور في فك الحصار، وذلك لبيان أهمية هذا المبدأ العظيم مبدأ الشورى. وقبل هذا وذاك نستفيد من أحداث هذه الغزوة ما كان عليه الرسول صلى الله عليه و سلم من رحمة وشفقة بالآخرين، ولو لم يكونوا مسلمين، لأن مهمته تتمثل في هداية الآخرين وليس النيل منهم والكيد بهم، وفي دعوته صلى الله عليه و سلم لثقيف - وليس الدعاء عليهم - أبلغ دليل على ما ذكرنا. نسأل الله أن يوفقنا للصواب في أعمالنا وأقوالنا، وأن يجعلنا دعاة حق لدينه، والله الموفق، والحمد لله رب العالمين



    غزوة مؤته



    في منتصف السنة الثامنة للهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم جيشاً مؤلفاً من ثلاثة آلاف مقاتل، للاقتصاص من عمرو بن شرحبيل أمير بصري من قبل الروم لقتله الحارث بن عمير الذي بعثه إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعوه إلى الإسلام، فلما بلغ هذا الجيش أرض مؤته قابلهم الروم والعرب المتنصرة في مائة وخمسين ألفاً، وكان قائد المسلمين زيد بن حارثة فقُتل، فتولى القيادة جعفر بن أبي طالب فقُتل، ثم عبد الله بن رواحة فقُتل، وكان هذا الترتيب بأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وبعد أن استشهد من سماهم النبي صلى الله عليه و سلم اتفق الجيش على تولية خالد بن الوليد، فجعل يخادع الأعداء حتى ألقى الله الرعب في قلوبهم وانصرفوا.



    غزوات عام 9 هـ



    غزوه تبوك





    أقام صلى الله عليه و سلم بالمدينة إلى منتصف السنة التاسعة للهجرة، ثم بلغه أن الروم يتجهزون في تبوك لحربه بعد ما كان بينهم وبين المسلمين في حادثة مؤته، فتجهز صلى الله عليه و سلم لغزوهم في ثلاثين ألف مقاتل، وكان المسلمون إذ ذاك في زمن عسرة وجدب، فلم يعقهم ذلك عن التأهب لقتال الأعداء، وتصدق أبو بكر لذلك بجميع ماله؛ وعثمان بن عفان بمال كثير، فخرج صلى الله عليه و سلم حتى وصل تبوك فلم يجدهم بها، فأقام بضع عشرة ليلة، ثم قفل إلى المدينة، وهذه آخر غزواته صلى الله عليه و سلم .




    معجزات الرسول صلي الله عليه وسلم




    المعجزات :هي كل أمر خارق للعاده مقرون بالتحدي وهو صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء معجزات وقد قيل أنها تبلغ الفا وقيل ثلاث آلاف .والله اعلم .

    نذكر منها :

    1
    - القرآن الكريم :وهو أعظم المعجزات الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه فإن القرآن معجزه إلى يوم القيامه .
    2-انشقاق القمر ليله البدر حتى افترق فرقتين كما قال تعالى :إقتربت الساعه وانشق القمر )
    3- أن الله زوى ـ أي جمع ـ له الأرض كلها فضم بعضها لبعض حتى رأها وشاهد مغاربها ومشارقها قال تعالى :وان ملك أمته سيبلغ مازوى له منها .
    4- حنين الجذع إليه لما فارقه إلى المنبر وصار يخطب على المنبر بعد ما كان يخطب عليه ولم يسكن حتى اتى إليه فضمه وأعتنقه فسكت .
    5-نبع الماء من بين أصابعه .رواه البخاري )



    6- تسبيح الحصى بكفه .رواه أبن عسكر من حديث أبي داود وغيره .
    7-تسبيح الطعام حين وضع عنده _ أي بين يديه فنطق كما في البخاري عن أبن مسعود .
    8- تسليم الجحر والشجر عليه بالنطق .رواه أبو نعيم في دلائل النبوه .
    9-تكليم الذراع له ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبره أنه مسموم .رواه البخاري .
    10-أن البعير شكا إليه الجهد ـ أي المشقه ـ أن صاحبه يجيعه ويتعبه .رواه أبو داود .
    11-شهاد الذئب له بالنبوه .رواه الطبراني وابو نعيم .
    12-انه جاء مره إلى قضاء الحاجه ولم يجد شيئا يستتر به سوى جذع نخله صغيره وأخرى بعيده عنها .ثم أمر كلا منها فأتتا إليه فسترتاه حتى قضا حاجته ثم أمر كلا منهما بالمضي إلى مكانها .راواه الأمام أحمد والطبراني .
    13-أنه قربت منه ست من الأبل لينحرها فصارت كل واحده تقترب منه ليبدأبها .رواه أبو داود والنسائي .
    14-أن عين قتاده بن النعمان الأنصاري سقطت يوم أحد فردها فكانت المردودةأحـد(أقوى) من العين الصحيحه .رواه الحاكم وغيره من عدة طرق .
    15-أن عين أبي طالب ـرضي الله عنه ـ برأت من الرمد حين تفل فيها .متفق عليه .
    16- أن عبد الله بن عتيك الأنصاري أصيبت رجله حين نزل من درج إلى رافع أبن ابي الحقيق لما قتله فمسحها بيده الشريفه فبرأت .رواه البخاري .
    17- ان أبي بن خلف كان يلقي المصطفى فيقول ان عندي قعودا أعلفه كل يوم أقتلك عليه فيقول بل أنا أقتلك إن شاء الله فطعنه يوم أحد في عنقه فخدشه غير كثير ،فقال :قتلني محمد فقالوا :ليس بك بأس قال :انه قال كأنا أقتلك فلو بصق علي ليقتلني فمات .
    18-أنه أخبر أميه بن خلف أنه يقتله فقتل كافر ا يوم بدر .رواه البخاري .
    19-أنه عد لآصحابه في بدر مصارع الكفار فقال :هذا مصرع فلان غدا ويضع يده على الأرض ،وهذا ،وهذا ،فكان كما وعد .وما تجاوز احد منهم موضوع يده .رواه ابو داود.
    20-انه أخبر عن طوائف من أمته أنهم سيركبون وسط البحر أي يغزون في البحر كالملوك على الأسره ومنهم أم حرام بنت ملحان فكان كما أخبر . رواه البخاري .
    21-أنه قال في الحسن بن علي ان ابني هذا سيد ولعل الله ان يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كما قال .فانه لما توفى ابوه بايعه اربعون ألفا على الموت فتنازل عن الخلافه لمعاويه حقنا لدماء المسلمين .رواه البخاري .
    22-أنه أخبر في شأن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ انه ستصيبه بلوى شديده يريد قتله فكان كما قال .رواه البخاري .
    23 -انه أخبر بمقتل الأسود العنسي في صنعاء اليمن في الليله التي قتل فيها في المدينه ،فجاء الخبر بما اخبر به .ذكره ابن اسحاق وغيره .
    24-انه أخبر بقتل كسرى كذلك في ليلة مقتله الخبر كما ذكر.
    25-أخبر عن الشيماء بنت الحارث السعدية أخت رسول الله من الرضاع أنها قد رفعت في خمار اسود على بغله شهباء فكان كذلك .رواه أبو نعيم .
    26-أنه دعا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن الله تعالى يعز به الأسلام أبابي جهل أبن الهشام فأصابت دعوته عمر فأصبح مسلما فعز بإسلامه كل من أضحى مسلما .
    27-أنه دعا لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ بذهاب الحر والبرد عنه فكان علي لايجد حرا ولا بردا ،رواه البيهقي .
    28-أنه دعا لابن عباس بفقه الدين وعلم التأويل فصار بحراً زخاراً واسع العلم .
    29- أنه دعا لثابت بن قيس بن شماس بأنه يعيش سعيدا ويقتل شهيدا فكان كذلك .
    30-انه دعا لآنس بن مالك بكثره المال والولد وبطول العمر فعاش نحو المائه سنه وكان ولده من صلبه مائة وعشرين ولدا ذكرا ،وكان له نخل يحمل في كل سنه حملين .
    31-انه قال في رجل أدّعى (منافق)الإسلام وغزا معه وأكثر قتال الكفار مع المسلمين أنه من أهـل النارفصدق الله تعالى مقتله ،فأنه أصابته جراحه فقتل نفسه بيده عمداً ‍‍‍‍‍‍(وقاتل نفسه في النار أعوذ بالله ) متفق عليه .
    32- كان بينه وبين عتيبه بن ابي لهب أذى فدعا عليه بأن يسلط الله عليه كلبا من كلابه فقتله الأسد . رواه ابو نعيم وغيره .
    33-انه لما شكا إليه شاك قحوط المطر ـ أي حبسه وانقطاعه وهو فوق المنبر في خطبة الجمعة فرفع يديه إلى الله تعالى ودعا .وما في السماء قطعة من السحاب فطلعت سحابة حتى توسطت السماء فاتسعت فأمطرت فقال :اللهم حوالينا ولا علينا فاقلعت وانقطعت .متفق عليه
    34- أنه أمر عمر الفاروق ـ رضي الله عنه ـ ان يزود اربع مائه راكب اتو إليه من تمر كان عنده فزودهم منه والتمر كان مقدراه كالفصيل الرابض فزودهم جميعا وكأنه ما مسه أحد .رواه أحمد وغيره .
    35-انه اطعم الألف الذين كانوا معه في غزوة الخندق من صاع شعير ودون صاع وبهيمة ـوهي ولد الضأن فأكلوا وشربوا وأنصرفوا وبقي بعد انصرافهم عن الطعام اكثر مما كان من الطام .متفق عليه .
    36- انه أطعم اهل الخندق ايضا من تمر يسير اتت به إليه جاريه .رواه ابو نعيم .
    37-انه أطعم جماعه من أقراص شعير قليله بحيث جعلها أنس تحت ابطه لقلتها فأكل منها ثمانون رجلا وشبعوا كلهم وهو كما أتى لهم كأنه لم يمسه أحد كما جاء في الصحيحين عن أنس .
    38-أنه أطعم الجيش حتى وصلوا إلى حد الشبع من مزود ـ وهو وعاء التمر ـورد مابقى فيه لصاحبه ابي هريره .ودعا له بالبركه فأكل منه في حياته إلى حين قتل عثمان ـ رضي الله عنه .
    39-أنه حين تزوج بزينب بنت جحش أطعم خلقا كثيراً من طعام قدم إليه في قصعه ثم رفع الطعام من بينهم وقد شبعوا وهو كما وضع أو أكثر .كما رواه أبو نعيم .
    40- أنه في غزوة حنين رمى الكفار بقبضه من تراب وقال :شاهت الوجوه فامتلأت اعينهم ترابا كلهم وهزموا عن أخرهم .رواه مسلم وغيره .
    41-أنه لما أجتمعت صناديد قريش في دار الندوة وأجمعوا على قتله وجاءواإلى بابه ينتظرون خروجه فيضربونه بالسيوف ضربه رجل واحد خرج عليهم ووضع التراب على رأس كل واحد منهم .
    42- معجزة الأسراء والمعراج من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
    [/CENTER]

  4. #12
    عضوة قمة الصورة الرمزية أسطورة الاحساس
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    117
    معدل تقييم المستوى
    15
    بعض المعلومات المهمة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم




    1-نسبه الشريف :


    هو رسول الله صلى الله عليه و سلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، و ينتهي نسبه الشريف إلى سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .

    2-تاريخ و مكان ولادته :
    ولد عام الفيل صبيحة يوم الاثنين سنة 571 ميلادية في مكة المكرمة و بقي فيها قرابة الثلاث وخمسين سنة ومن ثم هاجر إلى المدينة وتوفي فيها عن ثلاث وستين سنة .

    3- أسماؤه :
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو اللهُ به الكفر، وأنا الحاشِرُ الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقِب الذي ليس بعده نبي "، وقد سماه الله رؤوفاً رحيماً متفق عليه.

    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسمي لنا نفسه أسماء فقال :" أنا محمد، وأنا أحمد،وأنا المقفِّي، ونبي التوبة، ونبي الرحمة )، ( المقفِّي: آخر الآنبياء)"، رواه مسلم .

    قال القاضي عياض : قد حمى الله هذين الاسمين ( يعني محمد وأحمد ) أن يتسمى بهما أحد قبل زمانه، أحمد الذي ذكر في الكتب وبشر به عيسى عليه السلام، فمنع الله بحكمته أن يتسمى به أحد غيره، ولا يدعى به مدعو قبله حتى لا يدخل اللبس ولا الشك فيه على ضعيف القلب، وأما محمد فلم يتسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلا حين شاع قبيل مولده أن نبياً يبعث اسمه محمد، فسمى قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو، والله أعلم حيث يجعل رسالته .

    ومن تكريم الله تعالى له ولاسمه الشريف أنه صرف كفار قريش عن شَتم اسمه، فكانوا يدعونه مذمَّماَ وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام : " ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش، ولعنهم ؟ يشتمون مذَمَّماً، ويلعنون مُذَمَّماَ وأنا محمد ".

    4- أمّهاته:

    - آمنة بنت وهب: " أمه ولادة "، كانت خير امرأة في قريش نسباً وموضعاً من أسرة تعتبر من أشرف القبائل العربية وأشرفها سلالة .

    - حليمة السعدية : " أمه رضاعة "، كانت فاضلة طيبة وحاضنة مرضعة، **بت شرف أمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم برضاعته .

    - بَرَكة ثعلبة (أم أيمن) : "أمه حضانة"، كانت من موالي عبد الله بن عبد المطلب، احتضنت النبي صلى الله عليه وسلم عندها حتى شب وقد أحسنت حضانته وأخلصت إليه . وقد أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زواجه من السيدة خديجة وتزوجت وولدت أيمن رضي الله عنه الذي كان له شأن كبير في الإسلام، فقد هاجر و جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشهد يوم حنين . وأم أيمن كانت قد أعلنت إسلامها من بداية الدعوة وكانت من أوائل النسوة اللاتي هاجرن إلى الحبشة وإلى المدينة وبايعن الرسول صلى الله عليه وسلم .

    ولقد كانت خلال هجرتها إلى المدينة المنورة، صائمة مهاجرة ماشية، ولم يكن معها شيء من الزاد أو الشراب ولما حانت ساعة الإفطار منحها الله تعالى كرامة عظيمة إذ دُّلي عليها من السماء دلو فيه ماء، فأخذته وشربت منه حتى رويت فما عطشت بعدها أبداً . أسلمت روحها الطاهرة في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ودُفنت في البقيع .

    فاطمة بنت أسد الهاشمية : " أمه تكريماً "، وهي زوجة عم الرسول صلى الله عليه وسلم أبي طالب، وأم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه . وطالب وعقيل وجعفر وأم هانىء وجمانه وريطة بن أبي طالب أولاد عم الرسول عليه الصلاة والسلام . أولت النبي صلى الله عليه وسلم رعاية خاصة وبذلت أقصى جهدها حتى لا تجعله يشعر بالغربة أو اليتم، حتى أنها كانت تفضله في بعض الأوقات على أبنائها وبهذا أصبحت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها من أقرب المقربات للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ولقد حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث

    5- نبوّته : في الأربعين من عمره الشريف، نزل عليه أمين الوحي جبريل عليه السلام و هو في غار حراء حيث بلّغه رسالة ربه عز و جل و كان ذلك في رمضان سنة 13 قبل الهجرة الموافق تموز سنة 610 م .



    - أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن


    - ست توفاهنَّ الله قبله وهنَّ:


    1- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها: وهي أول نسائه تزوجها قبل النبوة وعمره خمس وعشرون سنة وهي أم أولاده ما عدا إبراهيم فإنه من مارية القبطية.



    لم يتزوج عليها حتى ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين وهي أول من آمن من النساء بالله وبرسوله وراحت تدعو إلى الإسلام بجانب زوجها عليه الصلاة والسلام بالقول والعمل ضاربة أروع النماذج وأصدقها في الدعوة إلى الجهاد في سبيله، فكانت بحق الزوجة الحكيمة التي تقدر الأمور حق قدرها وتبذل من العطاء ما فيه إرضاء لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وبذلك استحقت أن يبلغها جبريل من ربها السلام ويبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ( رواه البخاري) .كانت وفاتها رضي الله عنها، قبل الهجرة بثلاث سنين على الصحيح و دفنها النبي صلى الله عليه وسلم بالحجون في مكة.


    2- زينب بنت خزيمة الهلالية: لم تلبث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يسيراً - شهرين أو ثلاثة - حتى توفيت في حياته.


    3- سبا بنت الصَّلت أو سناء بنت الصَّلت: ماتت قبل أن يدخل بها.


    4- أساف أو شِراف أخت دحية الكلبي: ماتت قبل أن تصل إليه.


    5- ***ة بنت الهُذيل: ماتت قبل أن يدخل بها وقد وهبت نفسها له.


    6- ***ة بنت حكيم السلمية: ماتت قبل أن يدخل بها، وقد وهبت نفسها للنبي عليه الصلاة والسلام وكانت تخدمه وكانت صالحة فاضلة.


    * نساؤه اللاتي مات عنهن:


    1- عائشة بنت الصِدَّيق : تزوجها بعد موت خديجة بسنتين أو ثلاث بمكة وهي بنت ست أو سبع سنين كما ورد في الصحيح. زفَّت إليه وهي بنت تسع سنين ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة و كان وفاتها سنة 57 من الهجرة. ولم يتزوج بكراً غيرها وكانت أَحَبُّ نسائه إليه. ولعائشة بنت الصدّيق الأكبر، حبيبة حبيب رب العالمين من الفضائل مالا يخفى على أحد.


    2- سودة بنت زُمعة: تزوجها بعد عائشة وهي أرملة، توفيت في آخر زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه.


    3- حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: تزوجها بالمدينة بعد سودة وكانت من المهاجرات ولدت قبل البعثة بخمسة سنين وماتت يوم بايع الحسن معاوية وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد طلقها فقال له جبريل عليه السلام: "راجع حفصة فإنها صوَّامة قوَّامة وإنها زوجتك في الجنة "، فراجعها.


    4- أم حبيبة بنت أبي سفيان واسمها رملة: هاجرت مع زوجها الأول إلى أرض الحبشة ولكن زوجها افتتن وتنصَّر ومات نصرانياً ولكن الله ثبَّتها على الإسلام. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع من الهجرة، ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بحضانة ابنه إبراهيم لها . توفيت سنة أربعة وأربعين في خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان.


    5- أم سَلَمَة: هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزوميَّة: تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية من الهجرة بعد موقعة بدر. كانت رشيدة الرَّأي فهي التي أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أن يخرج إلى هَديِهِ لينحره ثم يدعو الحلاّق ليحلُق رأسه فما كان من المسلمين لمَّا رأوه إلاّ أن فعلوا مثلما فعل، بعد أن كان أمَرهم بحلق رؤوسهم ونحر هديِهِم والتَّحلُّلِ من إحرامهم، غير أنهم لم يمتثلوا لأمره في بادىء الأمر لأنهم شعروا بضيق شديد من المعاهدة التي عقدها النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش والتي عُرفت (بصلح الحُدَيبية) فهم كانوا يُمَنّون أنفسهم بد*** مكة للعمرة بينما نصَّت المعاهدة فيما نصّت ألا يعتمروا في ذاك العام وأن يرجعوا في العام المقبل ليدخلوا مكة بعد أن تخرج قريش منها ويمكثوا فيها ثلاثة أيام فقط ليس معهم من السلاح إلا السيوف في قرابتها.


    توفيت أم سلمة في أول خلافة يزيد بن معاوية.


    6- ميمونة بنت الحارث: بدأ به صلى الله عليه وسلم المرض في بيتها، وقد قيل إنها من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم و كانت آخر نسائه موتاً.


    7- صفية بنت حُيَيّ بن أخطب: من سبي بني النَّضير، اصطفاها عليه الصلاة والسلام وأعتقها ثم تزوجها وكانت عاقلة حليمة فاضلة توفيت في رمضان سنة خمسين هجرية في زمن معاوية رضي الله عنه.


    8- جويرية بنت الحارث من بني المصطلق: كان اسمها برَّة فسمّاها النبي صلى الله عليه وسلم جويرية، كانت أبرك امرأة على قومها لأنها عندما تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم تسامع الناس بذلك فأطلق المسلمون ما في أيديهم من السَّبي وأعتقوهم قائلين : هم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعتق بسببها مائة من بني المصطلق مما دفع العديد منهم للد*** في الإسلام .


    9- زينب بنت جحش : كانت ممن أسلم قديماً وهاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، خطبها النبي لزيد بن حارثة فلم ترض به فنزلت الآية من سورة الأحزاب :{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]، فرضيت عندها وتزوجت منه. ولكن زيد طلقها ثم تزوجها النبي وكان ذلك لحكمة وهي إزالة آثار التبني، توفيت سنة عشرين في خلافة عمر بن الخطاب .


    أولاده الكرام :


    وكلهم من خديجة رضي الله تعالى عنها إلا إبراهيم من مارية القبطية .

    أما بناته عليه الصلاة والسلام فأربع :

    زينب ورُقِيَّة وأم كلثوم وفاطمة رضي الله تعالى عنهن .

    وأما أبناؤه عليه الصلاة والسلام فثلاثة : القاسم وعبد الله وإبراهيم، رضي الله تعالى عنهم

    1- القاسم: هو أول ولد له عليه الصلاة والسلام قبل النبوة في مكة المكرمة وبه يُكَنَّى وعاش حتى مشى.

    2- زينب: هي أكبر بناته وُلِدت سنة ثلاثين من مولده عليه الصلاة والسلام وأدركت الإسلام .

    3- رقـيـة: ولدت سنة ثلاث وثلاثين من مولده عليه الصلاة والسلام وتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه وتوفيت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر فزوجه أم كلثوم وسمي بذي النورين.

    4- فاطمة الزهراء: وُلِدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وسُمِّيت فاطمة لأن الله تعالى قد فطمها وذريتها عن النار. وتزوجت بعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه، في السنة الثانية للهجرة ولها من العمر خمس عشرة سنة وخمسة أشهر. وهي أفضل بناته وأحبهنَّ إليه وكان يقول كما في صحيح البخاري: " فاطمة بِضعة مني فمن أغضبها أغضبني"، وقال لها كما في صحيح مسلم: "أو ما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين". توفيت بعده عليه الصلاة والسلام بستة أشهر أي وهي في الثالثة والعشرين من عمرها ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم عَقِبٌ (أي أحفاد) إلا من ابنته فاطمة.

    5- عبد الله: قيل إنه مات صغيراً بمكة واختُلِفَ هل مات قبل النبوة أو بعدها.

    6- إبراهيم: من ماريا القبطية، وُلِدَ في ذي الحِجة سنة ثمانٍ من الهجرة وتُوُفيَ صغيراً.

    7- أم كلثوم: هي أصغر من فاطمة وليس لها اسم غير هذه الكنية، فاسمها كُنيَتُها. وُلِدَت بعد البعثة وتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة ثلاث من الهجرة بعد موت أختها رُقِية و لِذا لُقبَ بذي النورَين، وتُوفِيَت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة و السلام لعثمان: "لو كان عندنا ثالثة لَزَوجناكها"

    * بعثته وهجرته:

    بعث إليه في الأربعين من عمره في مكة وبقي فيها ثلاث عشرة سنة بعد البعثة ثم هاجر إلى المدينة المنورة فمكث فيها عشر سنوات تقريباً .

    5- وفاته: في الثالث والستين من عمره توفاه الله تعالى وانتقل إلى الرفيق الأعلى بعد أن أدّى الأمانة وبلَّغ الرسالة ونصح الأمة وكان ذلك يوم الاثنين سنة 11 هجرية وكان وفاته وقبره الشريف في المدينة المنورة

    عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح: إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يُخيَّر بين الدنيا والآخرة، قالت عائشة: فلما نُزِل به ورأسه على فخذي، غشي عليه، ثم أفاق فأشخص بصره إلى السقف، ثم قال: "اللهم الرفيق الأعلى. قلتُ إذاً لا يختارنا.

    قالت: عرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به وهو صحيح.



    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد

    وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


    صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخُلُقية

    صفة كلامه:


    كان كلامه صلى الله عليه وسلم بَيِّن فَصْل ظاهر يحفظه من جَلَس إليه.

    ورد في حديث متفق عليه أنَّه عليه الصلاة والسلام: "كان يُحَدِّث حديثاً لو عَدَّه العادُّ لأحصاه".

    " وكان صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثاً لِتُعقَل عنه "، رواه البخاري.

    ورُوِيَ أنه كان صلى الله عليه وسلم يُعرِض عن كل كلام قبيح و يُكَنِّي عن الأمور المُستَقبَحَة في العُرف إذا اضطره الكلام إلى ذكرها، وكان صلى الله عليه و سلم يذكر الله تعالى بين الخطوتين.

    صفة ضحكه و بكائه:

    - " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تَبَسُّماً، وكنتَ إذا نظرتَ إليه قُلتَ أكحل العينين وليس بأكحل "، حسن رواه الترمذي .

    - وعن عبد الله بن الحارث قال: "ما رأيتُ أحداً أكثر تبسماً من الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحَدِّث حديثاً إلا تبَسَّم، وكان ضَحِك أصحابه صلى الله عليه وسلم عنده التبسُّم من غير صوت اقتِداءً به وتَوقيراً له، وكان صلى الله عليه وسلم إذا جرى به الضحك وضع يده على فمه، وكان صلى الله عليه وسلم مِن أضحك الناس وأطيَبَهم نَفساً ".

    وكان صلى الله عليه وسلم إذا ضحك بانت نواجذه أي أضراسه من غير أن يرفع صوته وكان الغالب من أحواله التَّبَسُّم. وبكاؤه صلى الله عليه وسلم كان من جنس ضحكه، لم يكن بشهيق و رفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن تدمع عيناه حتى تنهملان ويُسمَع لصدره أزيز، ويبكي رحمة لِمَيِّت وخوفاً على أمَّته وشفقة من خشية الله تعالى وعند سماع القرآن وفي صلاة الليل.

    وعن عائشة قالت: " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مُستَجمِعاً قط ضاحكاً، حتى أرى منه لهاته، (أي أقصى حَلقِه) ".

    صفة لباسه:
    عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: " وكان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص ( وهو اسم لما يلبس من المخيط )، رواه الترمذي في الشمائل وصححه الحاكم. ولقد كانت سيرته صلى الله عليه وسلم في ملبسه أتَم و أنفع للبدن وأخَفَّ عليه، فلم تكن عمامته بالكبيرة التي يُؤذيه حملها أو يضعفه أو يجعله عرضة للآفات ، ولا بالصغيرة التي تقصُر عن وقاية الرأس من الحر والبرد وكذلك الأردِيَة (جمع رداء) والأزُر (جمع إزار) أخَفّ على البدن من غيرها. ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه و سلم نوعاً مُعيَّناً من الثياب، فقد لبس أنواعاً كثيرة ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس ما يجده. وكان عليه الصلاة والسلام يلبس يوم الجمعة والعيد ثوباً خاصاً، وإذا قدِمَ عليه الوفد، لبس أحسن ثيابه وأمر أصحابه بذلك.

    وعن أبي سعيد الخدري قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه، (عمامة أو قميصاً أو رداء) ثم يقول: اللهم لك الحمد كما **وتنيه أسألك خير ما صنع له وأعوذ من شره وشر ما صنع له"، رواه الترمذي في الشمائل، والسنن في اللباس، وأبو داود.

    كان أحب الثياب إليه البيضاء . وكان صلى الله عليه وسلم لا يبدو منه إلا طيب، كان آية ذلك في بدنه الشريف أنه لا يتَّسِخ له ثوب أي كانت ثيابه لا يصيبها الوسخ من العرق أو ما سوى ذلك وكان الذباب لا يقع على ثيابه.
    [/CENTER]

صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. وصف الرسول عليه افضل الصلاة والسلام.... سبحان الخاالق
    بواسطة صـــــبـــــا في المنتدى فداك يارسول الله ,5
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-04-2009, 04:54 PM
  2. الإتيكيت في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام
    بواسطة منورة الامورة في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-10-2008, 01:39 AM
  3. أخر اللحظات في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام.
    بواسطة sunrise2 في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 23-05-2007, 03:32 PM
  4. رسالة من الرسول(عليه افضل الصلاة والسلام)
    بواسطة keliopatra في المنتدى صورXصور
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-04-2005, 03:01 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أهم المواضيع

المطبخ

من مواقعنا

صفحاتنا الاجتماعية

المنتديات

ازياء | العناية بالبشرة | رجيم | فساتين زفاف 2017 | سوق نسائي | طريقة عمل البيتزا | غرف نوم 2017 | ازياء محجبات | العناية بالشعر | انقاص الوزن | فساتين سهرة | اجهزة منزلية | غرف نوم اطفال | صور ورد | ازياء اطفال | شتاء | زيادة الوزن | جمالك | كروشيه | رسائل حب 2017 | صور مساء الخير | رسائل مساء الخير | لانجري | تمارين | وظائف نسائية | اكسسوارات | جمعة مباركة | مكياج | تسريحات | عروس | تفسير الاحلام | مطبخ | رسائل صباح الخير | صور صباح الخير | اسماء بنات | اسماء اولاد | اتيكيت | اشغال يدوية | الحياة الزوجية | العناية بالطفل | الحمل والولادة | ديكورات | صور حب | طريقة عمل القرصان | طريقة عمل الكريب | طريقة عمل المندي |