:: بسم الله الرحمن الرحيم ::
" وقل ربي زدني علما "
الأندلس .. تلك الدولة العظيمة التي حكمها المسلمون ثماني قرون ..
وجعلوها منارة علمية للشرق والغرب .. أنجبت الكثير من العلماء البارزين ممن أضاءوا صفحات التاريخ ..
وكان ممن أنجبتهم تلك الدولة ابن البيطار ..
ابن البيطار .. ذلك النجم الكبير الذي سطع في علم النبات والصيدلة والعقاقير .. طاف بلاد العالم شرقا وغربا ..
وسخر حياته في دراسة النباتات واختبار الأدوية من أجل تأسيس علم نبات تجريبي صحيح يستفيد منه العالم أجمع ..
إنه نقطة مضيئة في صفحات تاريخ الإسلام ..
يتمتع ابن البيطار اليوم بشهرة واسعة في العالمين العربي والغربي ..
ويكاد اسمه يطغى على أسماء العلماء العرب الآخرين الذين اشتغلوا بعلوم النبات والعقاقير والصيدلة..
فمتى حصل ابن البيطار على هذه الشهرة ؟ وكيف ؟
:: المحتويات ::
اسمه و نسبه.
أخلاقه و صفاته.
حياته العلميه.
رحلاته.
أساتذته.
تلامذته.
ابداع ابن البيطار العلمي.
مؤلفاته.
كتاب ( الجامع لمفردات الأدوية و الأغذية ).
كتاب ( المغني في الأدوية المفردة ).
كتاب (الإبانة والإعلام بما في المنهاج من الخلل والأوهام).
آراء علما الغرب فيه.
وفاته.
خاتمه.
المراجع و المصادر.
"ابن البيطار" هو ضياء الدين أبو محمد عبد الله "ابن البيطار" المالقي،
وكلمة مالقي أضيفت إلى اسمه لأنه من قرية "بينالمدينا" التي تقع في مدينة مالقة في اسبانيا.
ولد "ابن البيطار" في القرن الثاني عشر في عام 1197 للميلاد، وكان والده الطبيب البيطري مقدرًا اهتمامات ولده بالنباتات والعلوم.
لقب "ابن البيطار" مشتق من كلمة عربية تعني "ابن البيطري"، ولأن والده كان طبيباً بيطرياً ماهراً،
اشتهر باسم "ابن البيطار"، لا باسمه الحقيقي: عبد الله.
كان ذكي الفؤاد يتميز بحافظة قوية قادرة على الاستيعاب الدقيق والإلمام الذكي،
يحدد كل مسألة علمية في موضعها، ويضع الخطوط على ما قبلها وما بعدها من مسائل،
و ينسب كل قول إلى صاحبه، و يوضح الفروق بين الأقوال المختلفة في سهولة،
ثم تحكم و تنقد و تختار الذي يتفق مع العقل والمنطق.
وكان إلى جانب عقليته الفذة وذكائه الخارق وعبقريته اللماحة عالي النفس ،
كريم الخلق حسن العشرة ، متواضعا لم يغره علمه ولا حظوته عند الملوك ،
وتلك صفات قلما تتهيأ إلا للقليل من العلماء ذوي المواهب الأصيلة في العلوم .
يقول عنه تلميذه ابن أبي أصيبعة :
"ورأيت أيضا من حسن عشرته وكمال مروءته وطيب أعراقه
وجودة أخلاقه وكرم نفسه مايفوق الوصف ويُتعجب منه"
ومن صفات ابن البيطار،أيضاً كما جاء على لسان ابن أبي أصيبعة،
أنه كان صاحب أخلاق سامية، ومروءة كاملة، وعلم غزير.
وكان لابن البيطار قوة ذاكرة عجيبة، وقد أعانته ذاكرته القوية على تصنيف الأدوية التي قرأ عنها ،
واستخلص من النباتات العقاقير المتنوعة فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا طبقها ، بعد تحقيقات طويلة.
وعنه يقول ماكس مايرهوف : أنه أعظم كاتب عربي ظهر في علم النبات
كانت عائلته من أهل الرواية والعناية، وبيته الذي نشأ فيه بيت علم ودين ،
وكان والده طبيبا بيطريا حاذقا، وقد تعلم المبادئ الأولية في العلوم في مالقة،
و ظهرت مواهبه الفطرية وقوة ذكائه وميوله الطبيعية للبحث والتنقيب منذ صغره.
في صغره أحب قضاء وقته في الغابة، فترسخ في نفسه منذ الصغر ، حب الطبيعة وازداد تقديره لها,
إن مراقبة "ابن البيطار" للتنوع النباتي والحيواني ولَّدت في نفسه توقا ً لتعزيز معرفته في علم النباتات،
فكانت الغابة المجاورة لـ"بينالمدينا" بمثابة أول مدرسة له في علم النبات.
كانت "بينالمدينا" قرية أندلسية مسلمة في الأصل، غنية بالغابات ومنتجات البحر الأبيض المتوسط،
لم يغير التطور كثيراً من المظهر الخارجي لهذه القرية القديمة،
هنا أمضى "ابن البيطار" طفولته قبل أن يبدأ رحلة بحثه عن المعرفة.
ثم تتلمذ ابن البيطار بعد ذلك على عدة علماء نبات، حيث اطَّلع على كل ما تُرْجِمَ من كتب اليونانيين وعلوم الأوائل من غير العرب،
وقد ساعده على ذلك معرفته بعدد من اللغات كالفارسية واليونانية،
حيث درس كتب ديسقوريدس Disokurides و جالينوسGalenos وأبقراط وابن سينا والإدريسي وأبي العباس النباتي ,
دراسة مستفيضة حتى أتقنها تماما وشرح النقاط الغامضة فيها وعلق على مآثرها.
وقد امتدح ابن أبي أصيبعة أستاذه ابن البيطار وقال عنه :
"قرأت عليه تفسيره لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدوس فكنت أجد من غزارة علمه ودرايته وفهمه شيئًا كثيرًا جدٌّا،
وكنت أحضر عدة من الكتب المؤلفة في الأدوية المفردة مثل كتاب ديسقوريدوس وجالينوس والغافقي وأمثالها من الكتب الجليلة في هذا الفن،
فكان يذكر أولا ما قاله ديسقوريدوس في كتابه باللفظ اليوناني على ما قد صححه في بلاد الروم،
ثم يذكر جمل ما قاله ديسقوريدوس من نعته وصفته وأفعاله،
ويذكر أيضًا ما قاله جالينوس فيه من نعته ومزاجه وأفعاله وما يتعلق بذلك،
ويذكر أيضًا جُملاً من أقوال المتأخرين وما اختلفوا فيه ومواضع الغلط والاشتباه الذي وقع لبعضهم في نعته،
فكنت أراجع تلك الكتب معه، ولا أجده يقلد شيئُا مما فيها،
وأعجب من ذلك أيضًا أنه كان ما يذكر دواء إلا وعيّن في أي مقالة هو من كتاب ديسقوريدوس وجالينوس،
وفي أي عدد هو من جُملة الأودية المذكورة في تلك المقالة".
تابع لاحد يرد
حتى يكتمل الموضوع
مواقع النشر