هـديـه وسـمـتـه صـلى الله عـلـيـه وسـلـم :
حركة الإنسان وسكنته علامة على عقله ومفتاح لمعرفة قلبه ، وعائشة أم المؤمنين ابنة الصديق رضي الله عنهما خير من يعرف خلق النبي صلى الله عليه وسلم ، وأدق من يصف حاله عليه الصلاة والسلام ، فهي القريبة منه في النوم واليقظة والمرض والصحة ، والغضب والرضا ، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا ، ولا مُتفحشًا ، ولا صخابًا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفوا ويصفح" رواه أحمد .
هذا خلق نبي الأمة الرحمة المهداة والنعمة المسداة عليه الصلاة والسلام ، يصف لنا سبطه الحسين رضي الله عنه بعضًا من هديه صلى الله عليه وسلم ، حيث قال : سألت أبي عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائه ، فقال : "كان النبي صلى الله عليه وسلم دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ غليظ ولا صخـَّاب ، ولا عيَّاب ، ولا مشاح ، يتغافل عما لا يشتهي ، ولا يُؤيـِسُ منه راجيه ، ولا يخيب فيه ، قد ترك نفسه من ثلاث : الرياء ، والإكثار ، وما لا يعنيه .
وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدًا ولا يعيبه ، ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه .
وإذا تكلـَّم أطرق جلساؤه ، كأنما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا ، لا يتنازعون عنده الحديث ، من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أولهم ، يضحكُ مما يضحكون منه ، ويتعجبُ مما يتعجبون منه ، ويصبرُ للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته ، حتى إن كان أصحابه ليستجلبونهم ، ويقول : "إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه" أرفدوه = أعينوه .
ولا يقبل الثناء إلا من مُكافئ ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يَجُوز فيقطعه بنهي أو قيام " رواه الترمذي .
تأمل في سجايا وخصال نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم ، واحدة تلو الأخرى ، وأمسك منها بطرف وجاهد نفسك للأخذ منها بسهم فإنها جماع الخير ! .
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعليم جلسائه أمور دينهم ، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال : "من مات وهو يدعو من دون الله ندً دخل النار" رواه البخاري .
ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" متفق عليه .
وقوله صلى الله عليه وسلم :"بشـِّروا المشائين في الظـُّلم بالنور التام يوم القيامة" رواه الترمذي و أبو داود .
وقوله عليه الصلاة والسلام : "جاهدوا المُشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" رواه أبو داود .
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها ، يَزِلُّ بها إلى النار أبعد ممَّا بين المشرق والمغرب" متفق عليه .
وقال صلى الله عليه وسلم : "إني لم أُبعث لعَّانًا ، وإنما بعثتُ رحمة" رواه مسلم .
وعن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم" متفق عليه .الإطراء = مجاوزة الحد في المدح .
عن جندب بن عبد الله قال : سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قبل أن يموت بخمسٍ وهو يقول : "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليلٌ ، فإن الله قد اتخذني خليلاً . كما اتخذ إبراهيم خليلاً ، ولو كنت متخذًا من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" رواه مسلم .وعلى هذا فلا تجوز الصلاة في المساجد التي فيها قبر أو قبور .
مواقع النشر