تـواضـعـه صـلى الله عـلـيـه وسـلـم :
كان عليه الصلاة والسلام أحسن الناس خلقًا وأكملهم قدرًا ، فخلقه القرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها : " كان خلقه القرآن" رواه مسلم .
ولقد قال عليه الصلاة والسلام : "إنما بُعثت لأتمم مكارك الأخلاق" رواه أحمد .
ومن تواضعه عليه الصلاة والسلام عدم محبته ، للمدح والثناء والإطراء .
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تـُطرُوني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ، إنما أنا عبد الله ، فقولوا : عبد الله ورسوله" رواه أبو داود .
وعن أنس رضي الله عنه : "أن ناسًا قالوا : رسول الله يا خيرنا ، وابن خيرنا ، وسيدنا وابن سيدنا ، فقال : "يا أيها النَّاس ، قولوا بقولكم ، ولا يستهوينهكم الشيطان ، أنا محمد عبد الله ورسوله ، ما أحب أن ترفعوني ، فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل" رواه النسائي .
وبعض الناس يطري النبي صلى الله عليه وسلم غاية الإطراء ، فيعتقد أنه يعلم الغيب أو أن بيده الضر والنفع ، ويجيب الحوائج ويشفي المرضى ، والله عز وجل نفى ذلك كله فقال تعالى : {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ} ، سور الأعراف : 188 .
وهذا النبي المرسل خير من أقلته الغبراء ، وأظلته الخضراء ، دائم الإخبات والإنابة إلى ربه ، لا يُحب الكبر ، بل هو رأس المتواضعين ، وسيد المنكسرين لربه ،
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : "لم يكن شخصٌ أحبَّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وكانوا إذا رأوه لم يقوموا ، لما يعلمون من كراهته لذلك" رواه أحمد .
وألقِ بطرفك لنبي الأمة عليه الصلاة والسلام في تواضع عجيب ، وحُسن خلق نادر ، يتواضع فيه للمرأة المسكينة ؛ ويمنحها من وقته المليء بالأعمال !، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : "إن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت له : إن لي إليك حاجة . فقال : "اجلسي في أي طريق المدينة شئت أجلس إليك" رواه أبو داود .
يـروحُ بـأرواح المـحـامِـدِ حُـسـنـهـا ........
........ فـيـرقـى بها في سـامـيـات المفاخـرِ
وإن فـُضَّ في الأكوانِ مسك ختامها ........
........ تـَعـطَّـر مـنـها كـلُّ نـجــــدٍ وغـــائـرِ
وكان عليه السلام رأس أهل التواضع وعَلـَمَهُم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لو دعيتُ إلى ذراع ؛ أو كراع لأجبت ، ولو أُهدي إليَّ ذراع ؛ أو كراع لقبلت" رواه البخاري .
وللمتكبرين في كل عصر وحين ، يبقى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حاجزًا لهم ، ورادعًا لكبرهم واستعلائهم ! ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا يدخل الجنة من كان في قلبه ، مثقال ذرة من كبر .." رواه مسلم .
والكبر طريق إلى النار والعياذ بالله ؛ حتى وإن كان مثقال ذرة !، وتأمل في عقوبة متكبر يختال في مشيته ! ، كيف سخط الله عز وجل عليه وأنزل به غضبه وأليم عقابه !، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : "بينما رجل يمشي في حلـَّة تـُعجبه نفسه ، مرجل رأسه ، يختال في مشيته ، إذ خسف الله به ، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة" متفق عليه . مرجل رأسه = أي ممشطه . يتجلجل : أي يغوص وينزل .
مواقع النشر