طموحات ورغبات الآباء و الأبناء في تحديد المستقبل الدراسي
أربيل / رشاد قادر أومر
يطمح الآباء في رؤية ابنائهم ناجحين في حياتهم والدراسة هي واحدة من هذه الطموحات ويحرصون على ذلك كثيرا كما يخشون عليهم من الفشل والرسوب،الامر الذي يدفعهم الى تهيئة الظروف المساعدة للدراسة والعمل، ويكثرون من النصح والارشاد.
الا ان هذا الحرص وفي حالات عديدة يمتد من المستوى الاعتيادي الذي يعتمد التوجيه والارشاد والمتابعة الى الالحاح والتشديد والاكراه على الدراسة والعمل الذي يوجه له الولد. وبالتالي التمرد والخروج عن الطاعة بل وقد يتطور الامر الى ظهور مشكلات الجنوح .
ولكن ما الذي يدفع الاباء الى مثل هذا السلوك؟ ولم يتحول الامر من طموح ورغبة الى الحاح واكراه ..؟
مما لا شك فيه ان لكل فرد من الافراد مستوى معينا من الطموح يسعى لتحقيقه سواء على المستوى الدراسي او العملي. وقد يفشل هذا الفرد في تحقيق الطموح لاسباب تتعلق بالنواحي الصحية او بالقدرات الخاصة. أو تلك التي تتعلق بالعوامل الاجتماعية الخارجية (الاسرية او الاقتصادية) او غيرها من الظروف المحيطة بالفرد..
ان الفرد الذي لم يستطع تحقيق مستوى طموحه يسعى لتحقيق ذلك في شخصية ابنائه، حيث يعمل على تهيئة الظروف كافة التي يعتقد انها تساعد على تحقيق طموحات ابنائه (والتي هي في الحقيقة طموحاته التي لم يستطع تحقيقها) متناسيا ان هذه العوامل والظروف ما هي الا عوامل خارجية. أما العوامل الداخلية كالقدرات العقلية والميول والحالة الصحية والنفسية التي لها الاثر في تحديد مستوى الطموح وتحقيقه فهي امور خاصة بالفرد نفسه ، ومن الصعوبة التحكم بها. وبالتالي فلا غرابة ان يفشل الابناء ذاتية، ولاغرابة ان يهربوا من دراسة ليس لهم القدرة عليها أو الرغبة فيها.
وثمة مشكلة متكررة في كل عام تحدث في بعض الاسرعند التقديم للجامعات بين الآباء مع الأبناء بشأن ترتيب الرغبات في استمارة التقديم، فالأب يريد أن تكون كلية الطب أو الهندسة أولى الرغبات لأنهما من كليات القمة، والابن ميوله إعلامية أو تجارية أو رياضية أو.. أو..، ولايميل الى كلية الطب وليس له ادنى رغبة فيها، وعندما ترضخ لضغوطات أسرته ويقبل في كلية الطب عندئذ يقع في الورطة لانه لم يقبل في اختصاص محبوب الى نفسه فعاقبته الفشل وان نجح واصبح طبيبا، لانه لا يحب عمله وبالتالي يقل عطائه ولايفيد منه المجتمع والمشكلة هنا لا تكمُن في كليات الطب أو الهندسة وإنما في تضارب رغبات الأهل مع أبنائهم، فهم - أي الآباء- يحلمون بدخول أبنائهم للكليات المذكورة بغض النظر عن رغبات أبنائهم وعن مجاميعهم، فالهدف واحدٌ هو دخول هذه الكليات حتى لو اضطر الأمر الى بيع مساكنهم من أجل تحقيق هدفهم في أن يكون لهم ابن في كلية الطب أو الصيدلة أو الهندسة. أن الآباء يعتقدون بأنهم الأعرف بمستقبل اولادهم لذلك يخطط كل أب على هواه، او كما سار هو. وثمة مشكلة اخرى خطيرة وهى مخفية عندما يتطابق رأي الوالد أو الوالدة مع رأي الولد عند ارفع واعلى كلية (1) وهي كلية الطب فالإبن يختار الطب فقط للمصلحة المادية أو لنظرة المجتمع وفي داخله هو لا يرغب في الطب . ان كل انسان يتمنى أن يرى أولاده في أحسن حال ولذلك تأتي مشاعر الأبوة والخوف لتحديد مستقبلهم ليس في التعليم والزواج فقط بل في احيان أخرى يتعدَّى ذلك حاجز الخصوصية، بمعنى ماذا يجب تأكل وتلبس؟ وأين ستسكن؟ وكيف ستعيش؟ وهذا نتاج طبيعي ويحدث في كل الأسر، ولكن للتعليم دورٌ لاسيما اذا كان الآباء متعلمين ولديهم ثقافة، ففي هذا الحال يتم الإختيار بصفة المشاركة وتبادل الآراء والتوجيه.. ان الآباء يتمنون أن يصبح أولادهم أطباء من دون مرعاة لحقوقهم الشخصية وفي هذا الحالة يجب على الأبناء تخطِّي هذه المرحلة بطريقة سليمة وليس باسلوب الرفض والعناد لأن كل أب يشعر بأن لديه الحق في تحديد المصير لمعرفته التامة بالمستقبل على حسب تجربة الحياة السابقة. يمكن الخروج من هذه المشكلة بالتفاهم وتقديم النصح وليس بالفرض، حيث يمكن لكل شخص ان يحدد مستقبله بطريقة صحيحة وايجابية إضافة لتحمل المسؤولية.
ولكل هؤلاء نقول : ان النجاح في اختصاص معين يتطلب مقومات جمة يأتي في مقدمتها الرغبة والميل، فأن توفر تطلب الامر القدرة والاندفاع والعمل الجاد . كما ان النجاح لا يقتصر على جانب او تخصص دون آخر وبالامكان تحقيق النجاح والظهور في أي ميدان من الميادين . وباعتقادي أن أسرة اي طالب تعرف بشكل عام مستوى أبنائها من خلال نتائجهم المدرسية وعلاماتهم لذا يجب على الأهل عدم فرض رغباتهم وميولهم على أبنائهم.. ولاسيما إذا كان الأهل يعلمون أن ميولهم تختلف عن رغبات وميول الأبناء وعدم قدرتهم على التحصيل الدراسي وبالتالي الإخفاق في الدراسة وتحميل الآباء مسؤولية سوء الاختيار.. كما يجب الابتعاد عن التقليد الأعمى في اختيار التخصصات الدراسية للأبناء وذلك مجاراة للأقارب والأصدقاء والجيران، والبعد عن المظاهر الاجتماعية، فالتخصصات العلمية في كافة فروعها ومجالاتها لها مكانتها الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع وبخاصة بعد دخول تخصصات دقيقة متفرعة عن تخصصات عامة مثل تكنولوجيا المعلومات والتي لها فروع متخصصة متعددة ضمن هذا الإطار، والهندسة بمختلف تخصصاتها والطب والقانون والإدارة والمحاسبة والعلوم الإنسانية
وعليه فأن الاجدى والاسلم ان يبحث الآباء عن رغبات ابنائهم وقدراتهم ان يقدموا لهم المساعدة لتحقيق النجاح فيما يصبون له ، وان يساعدوهم في التخطيط لمستقبلهم بأنفسهم دون فرض او اكراه ، بل بالتوجيه والارشاد غير المباشر المستند على المعرفة الواعية لقدرة الولد وميوله ورغباته .
فلكل فرد قدراته ورغباته ، كما يجب الابتعاد عن التقليد الأعمى في اختيار التخصصات الدراسية للأبناء وذلك مجاراة للأقارب والأصدقاء والجيران، والبعد عن المظاهر الاجتماعية، فالتخصصات العلمية في كافة فروعها ومجالاتها لها مكانتها الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع وبخاصة بعد دخول تخصصات دقيقة متفرعة عن تخصصات عامة مثل تكنولوجيا المعلومات والتي لها فروع متخصصة متعددة ضمن هذا الإطار، والهندسة بمختلف تخصصاتها والطب والقانون والإدارة والمحاسبة والعلوم الإنسانية ، فساعدوا أبناءكم لكي يحتلوا ادوارهم في مسيرة الحياة ولكي يحققوا النجاح.
مواقع النشر