يجب على المسلمين أن يحققوا جانب العبودية لله، فإن في ذلك عزهم وسعادتهم، وصلاح أحوالهم، في العاجل والآجل، أما إذا فرطوا في عبادة الله - سبحانه -، واستمرءوا معصية الله، فإن الله - عز وجل - ليس بينه وبينهم حسب ولا نسب، الله - عز وجل - بيَّن في كتابه العظيم أن السعادة كلُّ السعادة لمن استقام على شريعة الله، وأن الضلال والشقاء لمن أعرض عن الله - سبحانه وتعالى -، فقد قال - سبحانه -: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه: 123-124].
العبادة -يا إخوتي في الله- لها شروط معروفة، أهمها: الإخلاص لله.
يجب على من قام بعبادة الله، أن يقصد ما عند الله - سبحانه وتعالى - قال - سبحانه -: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) [النساء: 36]، وقال: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء: 23].
يجب أن تُخلص العبادة لله - سبحانه -! فلا شركَ يدنسها، ولا وثنيةََ تناقضها، ولا صَـرْفَ للعـمل لغير الله - سبحانه وتعالى - لأحد كائناً من كان.
العبادة محض حق الله - جل وعلا -، يجب على المسلمين أن يُفردوا الله بالعبادة، فلا يعبدوا غير الله، ولا يعبدوا مع الله غيره، قال - تعالى -: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) [النساء: 36]
وقال - تعالى -: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً) [الجن: 18].
يجب أن يُفرد الله بالعبادة، فلا ذبح إلا لله، ولا نذر إلا له، ولا حلف ولا استعانة إلا به، ولا تقرب إلا إليه - جل وعلا -، أما الذين يُناقضون هذا الأصل ويخالفونه -وما أكثرهم في العالم الإسلامي اليوم- يصرفون أنواع العبادة لغير الله: من القبور والأضرحة والأحجار والأوثان والأشخاص، وما إلى ذلك؛ فكلُّ ذلك مناقضٌ للعبادة، ومناقضٌ للتوحيد الذي خُلِقنا من أجله.
فالإخلاص لله أمره عظيم، يقول - سبحانه وتعالى -: (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) [الزمر: 2-3]
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ) [البينة: 5].
فيجب علينا -جميعاً- أن نرعى هذا الأصل، وأن نفرد الله بالعبادة، وأن نحقق العبادة على ما يقتـضيه شرع الله - جل وعلا -.
الشرط الثاني: أن يتابع المسلم قدوته ورسوله - عليه الصلاة والسلام -، فالرسول - عليه الصلاة والسلام - هو المبلغ عن الله شرعه، فيجب على العباد أن يأخذوا منه، وأن يتبعوه، وأن يقفوا عند سنته، ويحذروا -كل الحذر- أن يبتعدوا عن سنته أو ينقصوا منها، أو يزيدوا فيها، ففي الحديث الصحيح حديث عائشة المشهور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وفي رواية مسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
فيجب عليك -أخي في الله- أن تكون أعمالك وأقوالك وتصرفاتك، متابعاً فيها كتاب الله، مُتبعاً فيها سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والعبادة يا إخوتي في الله أقسام -كما تعرفون وتعلمون- أهمها: ما يتعلق بجانب العقيدة.
ما يناقض التوحيد لله - سبحانه وتعالى - يجب على المسلمين جميعاً أن يعرفوه ويتعلموه؛ لكي لا ينقضوا توحيدهم، ويخالفوا دينهم، وهم يعلمون أو لا يعلمون.
فواجب العباد -جميعاً- وواجب طُلَّاب العلم أن يُعنوا بالعقيدة، وأمر توحيد الله - سبحانه وتعالى - وأن يركزوا عليه، وأن يدعوا الناس إليه؛ لأنه دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام.
فمنهج الأنبياء -جميعاً- إنما يُركز على هذا الأمر، وكل رسول يُبعث إلى قومه، وكل نبي يُرسل في قومٍ إنما يأمرهم أول ما يدعوهم إليه هو القيام بعبادة الله - سبحانه - وعدم الإشراك به، قال - تعالى -: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 25]، وقال - تعالى -: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل: 36]، وكل رسول يأمر قومه بقوله: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) [الأعراف: 59].
فأمر التوحيد يجب على المسلمين -جميعاً- في كل بقعة أن يعنوا به، ولا سيما في هذا الزمن، الذي كثرت فيه المناقضات للعقيدة، وكثر فيه المخالفون لعقيدة سلف هذه الأمة، مما يدعو إلى أخذ الحذر والحيطة، والاعتماد بعد الله - سبحانه - على العلم النافع الذي يبين العقيدة الصحيحة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وعلماء الإسلام قديماً وحديثاً -والحمد لله- قد عُنوا بهذا الأمر، واهتموا به، وركزوا عليه، في تأليفاتهم، ومصنفاتهم، وفي كلماتهم، وفي تعليمهم، وفي خطبهم.. وما إلى ذلك.
فواجبٌ على العباد -جميعاً- أن يعتنوا بما عُني به كتاب الله، وما جاءت به سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما كان أول دعوة رسل الله - عز وجل - من الدعوة إلى عبادة الله - سبحانه -، والحذر مما يناقضها، أو يخالفها.
ثم من أعظم العبادات -بل أعظمها بعد تحقيق العقيدة والشهادتين- هو: هذه الصلاة المفروضة، التي هي الفاصل بين الكفر والإيمان، كما في صحيح مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه -: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)).
وفي حديث بريدة المعروف عند أهل السنن والإمام أحمد وغيرهم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)).
فواجب العباد -جميعاً- أن يُعنوا بهذه الفريضة، وأن يقيموها في بيوت الله مع جماعة المسلمين، وأن يراعوا فيها خشوعها، وواجباتها، وأركانها، وسننها.. وما إلى ذلك.
كذلك ينبغي عليهم أن يُعنوا بأمر أبنائهم، وأمر أسرهم بالقيام بها، وتشجيعهم عليها، ومعاقبتهم عليها، على حسب ما يقتضيه المقام، إن ما يجب على المسلمين أن يعتنوا بهذه الفريضة العظيمة، بل في عبادة الله - عز وجل - كلها.
كذلك في كل أمر من الأمور ينبغي على المسلمين أن يقوموا بواجب العبودية لله - سبحانه وتعالى -، وقد عرفتم سعة مفهومها ومعناها، وأنه يدخل فيها كل قول وفعل يحبه الله ويرضاه، ظاهراً كان العمل أو باطناً، وعرفنا -جميعاً- ما كان عليه قدوتنا وإمامنا رسولنا - عليه الصلاة والسلام -، فقد كان القدوة في القيام بعبادة الله - عز وجل -، وقد أمره الله - عز وجل - بالقيام بهذه العبادة، ولم يجعل بينه وبينها أجلاً إلا الموت، قال - تعالى -: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99]، وقال - سبحانه -: (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة: 132].
فالمسلم في عبادةٍ لله - عز وجل - في كل عمره، وفي كل أوقاته وأحواله وتصرفاته، وعلى المسلم ألا تعزب عنه عبادةُ الله طرفة عين، أو تغيب عنه ساعة، بل ثانية من ليل أو نهار، وعليه أن يخلص لله - عز وجل -، حتى في عاداته؛ فإنه يثاب عليها.
وليحذر المسلمون من الانصراف عن عبادة الله - عز وجل -، أو محبة غير الله - سبحانه -، أو الانصراف إلى غير الله - عز وجل -؛ فإن ذلك إذا تحقق فيه الحب، وتحقق فيه العمل له، والسعي في سبيله، ينصرف إليه أنه عُبد من دون الله -والعياذ بالله- وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح -في صحيح البخاري وغيره-: ((تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبدخميصة والخميلة)).. الحديث.
وقد نهانا الله - عز وجل - عن عبادة الشيطان، فإنه يصرف عن طاعة الله - سبحانه وتعالى -، فقال: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيم) [يس: 60-61].
فيجب على المسلم أن يقوم بعبادة الله - عز وجل -، وليحذر صوارف هذه العبادة، من: النفس الأمَّارة بالسوء، أو الشيطان الرجيم -أعاذنا الله منه- وهو يغمز ويهمز ويوقع الإنسان في الوساوس واللبس.
فيجب على المسلم أن يكون في حذر منه، من همزه، ونفخه، ونفثه، وأن يستعيذ بالله - عز وجل - دائماً وأبداً من وساوسه؛ فإنه يدخل على الإنسان، بل يجري منه مجرى الدم.. أعاذنا الله وإياكم منه؛ فعلينا أن نحذر مصائده، وأن نحذر حبائله.
كذلك يجب علينا أن نحذر من هذه الغفلة التي أُصيب بها المسلمون في هذا الزمن، الغفلة عن عبادة الله - عز وجل -.
العبادة رسالة يجب على كل مسلم أن يقوم بها ولا يغفل عنها، والناس فيها على حسب مقامهم في هذه الحياة؛ فالعلماء عليهم من الواجب ما ليس على غيرهم، وطلبة العلم كذلك، وكل من وَلِي مسئولية من أمور المسلمين، فليس مسئوليته كمسئولية غيره، فكلٌّ عليه أن يخدم الإسلام، وأن يقوم بواجبه تجاه الإسلام من عمله الذي يقوم به، وليجعل الدنيا كلها وسيلة إلى الغاية الكبرى، والدار الباقية.
أيها الإخوة في الله! الحديث طويل وطويل، ولكنه -ولله الحمد والمنة- واضح ومفهوم في أذهان كثير من الحاضرين، ولا أدعي في هذا المقام أني أتيت بجديد، وإنما كل كلامي تذكيرٌ لنفسي أولاً، ثم تذكير لكم؛ لأن الله - عز وجل - أمرنا بالتذكير، وبيَّن أن الذين ينتفعون بالذكرى هم المؤمنون، أما غير المؤمنين أو الذين ضعُف إيمانهم، فإنهم -والعياذ بالله- يسمعون ولكن لا يُؤثر ما يسمعونه.
إنني أيها الإخوة في الله! أدعو إلى العمل بما سمعتم، وأدعو إلى العمل بما تعلمون، فما نعلمه كثير؛ ولكننا نخالف في أعمالنا وتصرفاتنا، وحياتنا اليومية.
من الذي يقف حائلاً بين المسلم وبين قيامه بعبادة الله؟!
من الذي يلزمك ألا تحقق العبودية لله، لا سيما في نواحي العقيدة؟!
من الذي يدعوك إلى التساهل في أداء ما افترض الله عليك؟!
من الذي يدعوك إلى التساهل في عدم فهم هذه العبودية الصحيحة؟!
فالمسلمون مُطالَبون أن يعلموا ويعملوا، وكلنا نعلم أن هذه العبادة خُلقنا من أجلها، وكثير من الناس حينما تسأله أو تباحثه في هذا الأمر يجيبك، وقد يستدل لذلك بالآية المشهورة المَتْلُوَّة آنفاً: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56] لكن! أين قيام المسلمين بعبادة الله؟!
أين قيامهم بطاعة الله - عز وجل -؟!
لا ريب أن التقصير في ذلك واضح، ولا يدعي أحدٌ الكمال.
فيجب علينا -يا إخوتي في الله- أن نقوم بواجب الله علينا، وأن نقوم بواجب ديننا تجاهنا؛ فإن مسئوليتنا تجاه هذا الدين عظيمة وخطيرة، وكل على ثغر من ثغور الإسلام، كلٌّ يعتني بنفسه، يقومها على طاعة الله، يجاهدها بالعلم النافع والعمل الصالح، يُأثِرها على الحق الذي جاء به كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، يبتعد عن المحرمات في نفسه.. وفي أهله.. وفي بيته وأسرته، يربي أبناءه وأسرته على الإسلام، وعلى حُبِّ الإسلام، وعلى العمل بالإسلام، وعلى فهم الإسلام الصحيح، وعلى الغيرة على الإسلام. كل مسلم عليه واجب في هذا.
فيجب على المسلمين أن يُقدِّموا لدينهم، لا سيما في الوقت الذي يتكاتف فيه أعداء ديننا على المسلمين، فأنتم تعرفون وتسمعون وتدركون أن المسلمين مستهدفون في عقيدتهم، وفي عباداتهم، وفي أخلاقهم، وفي تمسكهم بسنة نبيهم - عليه الصلاة والسلام -، فهذه العقائد الفاسدة، والمبادئ المنحرفة، والدعوات المضللة، وهذه الاتهامات الموجهة إلى الأمة الإسلامية.
إن هذه الأمور كلها تتطلب من المسلمين أن يعوا رسالتهم في الحياة، وأن يعوا واجبهم، وأن يضحوا في سبيل دينهم، ويجتهدوا غاية الاجتهاد بالعلم النافع، والعمل الصالح، وتربية الأُسر والأبناء على الإسلام؛ ليكون الجميع مجندين ومسلحين في خدمة الإسلام.
هذه أركانٌ من المنكرات والمحرمات ضد ديننا، وضد أخلاقنا، نسمعها كثيراً، ونراها، وتخالطنا في الأسواق والشوارع، والبيوت، فلماذا لا نغار على ديننا؟!
ولماذا لا نتحرك في سبيل ديننا؟!
ولماذا لا نعمل لآخرتنا؟!
يجب علينا أن نعمل للآخرة يا إخوتي في الله! فالحياة قصيرة، والأنفاس محدودة، وأنت مسئول يا بن آدم عن عمرك فيما أفنيته! وعن شبابك فيما أبليته! وعن علمك ماذا عملت فيه!
وعن مالك من أين اكتسبته، وفيما أنفقته!
فماذا أعددت لهذه الأسئلة؟!
إنني ألفتُ النظر إلى محاسبة النفس، أن يحاسب كلُّ منا نفسه؛ فإننا نسمع كثيراً؛ لكننا نعمل قليلاً.
إلى متى يا إخوتي في الله التسويف؟!
وإلى متى التثاقل؟!
وإلى متى إلقاء التبعية على الآخرين؟!
وإلى متى... ! وإلى متى... !
كل مسلم جندي للإسلام عليه أن يعمل له، وأن يقوم بعبادة الله -عز وجل-.
لكن الذي يؤسِفُ كلَّ مسلم، ويَقُضُّ مضاجع المسلمين؛ أن يكون أبناء المسلمين لا يعرفون رسالتهم، وأن يكون المسلمون لا يعرفون هدفاً لهم في الحياة، يسيرون كما تسير البهائم، ويعيشون كما تعيش الأنعام، لا يعرفون إلا مأكلهم، ومشربهم، ومنامهم، يلهثون في دنياهم، كلٌ يبحث عن الرفاهية، وتمتع نفسه وأسرته في غفلة عن الله والدار الآخرة.
المسئولية مسئولية المسلمين جميعاً، وأنا أحدث الحاضرين وأطالب كل مسلم أن يقوم برسالته، الرجال عليهم من الواجب العظيم ما عليهم، والمرأة في بيتها عليها من الواجب العظيم ما لا يخفى، والشباب عليهم من المسئولية والواجب تجاه أمتهم ما لا يخفى عليكم جميعاً، وكذلك العلماء وغيرهم؛ فكل مسلم على ثغر، وكل مسلم يجب عليه أن يُقدِّم لهذا الدين، ولا نترك إسلامنا يُنتهك، وحُرُماتنا تدنس، والمسلمون ساهون غافلون.
يجب علينا -جميعاً- أن نتحرك في الدعوة إلى الله، والقيام بعبادة الله، والتواصي بالحق والصبر عليه، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقصاء الشر عن أحيائنا، وعن بيوتنا ومجتمعاتنا، ليحصل للأمة الإسلامية الخير الذي وعدها الله به.
ولا يخفى عليكم واقع أمتكم؛ ولكن الفأل عظيم، والأمل كبير، والصحوة -ولله الحمد والمنة- تعم أقطار الدنيا؛ لكن علينا أن نكون على علم؛ لأن العلم أساس العمل، وأن نكون على بصيرة، وأن نكون على قدر من المعرفة والحكمة وبُعد النظر في كل أمر من أمورنا.
هذا؛ وأسأل الله - عز وجل - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا وإياكم من عباده المفلحين، ومن حزبه الناجين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
كما نسأله - تعالى -أن يُصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يمنَّ على ولاة الأمر باتباع كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن يرزق الجميع الفقه في دينه والبصيرة فيه، والعلم النافع، والعمل الصالح، وأن يصلح مجتمعات المسلمين، ويقيها من كل شر وبلاء وفساد، إنه على كل شيء قدير.
كما نسأله - تعالى - أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يجعل كلامنا وسماعنا حجة لنا لا علينا، وكلامكم وسماعكم الذي سمعتموه مسئولون عنه؛ فيجب عليكم أن تتذكروه، وأن تعملوا به.
نسأل الله - تعالى -أن يجعلنا ممن جمع بين العلم النافع والعمل الصالح؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ونسأله - تعالى -أن يجمعنا في دار كرامته ومستقر رحمته، كما جمعنا في هذا المكان الطيب المبارك.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
مواقع النشر