لا تتتردد في الدخول للتعرف على نبيك و شفيعك محمد - الصفحة 2
صفحة 2 من 10 الأولىالأولى 12345 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 5 إلى 8 من 37

الموضوع: لا تتتردد في الدخول للتعرف على نبيك و شفيعك محمد

  1. #5
    عضوة جديدة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    35
    معدل تقييم المستوى
    12
    أوّل ثـلاث سنــوات للبعثــة

    بُعِثَ النبّي في قومه و اختاره الله نبّيًا للأمّة جمعاء ، فقام الإسلام في بادئ الأمر على رجلٍ و امرأة و طفلٍ صغير ، فيحكي أشعث بن قيس فيقول أتيت مكة في تِجارة لي مع العبّاسعمّ النبّي فرأيت محمد يُصلي و من ورائه رجل و امرأة و طفل فسألت العباس عن الرجل و من معه و ما يفعلونه ، فقال لي الرجل ابن أخي محمد و يزعم أنّه نبّي آخر الزمان و الرجل من ورائه صاحبه أبو بكر و المرأة زوجته خديجة و الطفل ابن أخي الآخر علّي و هم يُصَلُون غير أنّك إذا أردت أن تُكلّمه أخُذك إليه ،فقال له أشعث لا دعنا في تِجارتنا ، و بعد مِضِّيِ عِشرينَ سنة رجع أشعث إلى مكة بعد فَتحِها فأسلم و بكى بُكاءًا شديدًا ،فقال له النبّي لمِاَ تبكي يا أشعث و الإسلام يزيد يومًا بعد يوم ؟ فقال له أشعث لستُ أبكي لذلك يا رسول الله و إنّما أتتني الفرصة أن أُسلم قَبْلاً و أكون رابع أربعة غير أني ضيعت فُرصتي و أَبَيتُ أن أسمع منك ، فيا ليتني قد فعلتها يومها .

    فهكذا بَدَأ الإسلام معرجل و امرأة وطِفل ليُصبح الثلاثة بعدها عشرة ، فيأتي أبوبكربستة رجالعثمان بن عفان _ طلحة بن عبيد الله _ الزبير بن العوام _ سعد بن أبي وقاص _ أبو عبيدة الجراح و عبد الرحمن بن عوف و تكون هذه الأسماء أوّل الأسماء إسلامًا و تبشيًرا بالجنّة .

    و بعد خمسة أشهر زاد عددهم و بلغ خمس و أربعين نفرًا بين رجلٍ و امرأة مُتباين سِنُّهم بين الصغير و الكبير و مُتباين نًسبهم بين الغنّي و الفقير و مُتباينة أجناسهم بين ستة عشرة قبيلة ، و بعد ذلك أصبح الخمسة و أربعينمائة و كل هذا و قريش لا تعلم بالأمر لأنّ النبّي انتهج في دعوته أُسُسًا قويّة و خُطَطًا فَعالة جعلته يتوغّل في قريش سِرًّا .

    ثم انتقل النبّي إلى الخُطوة الثانية و هي إعلان الإسلام في عَشِيرته ، فأقام النبّي وَليمةً جمع فيها آل عبد المطلب برِجالها و نِساءها و بلغ عدد الحاضرين فيها خَمسٌ و أربعين بمن فيهم عمّه أبو لهب الذي قام من مَقعده و قال للنبّي اسمع يا محمـد و اعلم أنّه ليس لنا في العرب طاقة و إنّك إن بقيت على ما أنت عليه لوقفت العرب و قريش على مُعاداة قومك و إني لا أعرف من العرب من آتى على قومه بِشًرْ كما أتيت أنت على قومك ،ثم نظر للجمع و قال لهم خُذوه على يده و على لسانه و أكتموا على هذا الفمّ قبل أن تُعاديكم العرب ، فسكت النبّي لحظة ثم قال للجمع إذا أردتم الانصراف فلكم ذلك ، فانصرف الجميع وفَشِل النبّي ربّما أي نعم في مُحاولته الأولى إلاّ أنَّ هذا الفشل كُلِّلَ بالنجاح بسبب إسراره و صبره و سعيه ، فكرّر النبّي المُحاولة و أقام وليمةً أخرى جمع فيها ثلاثين نفرًا من عشيرته و هذه المرّة أيضًا لم يستثني أبا لهب من الحضور بل دعاه أيضًا على غِرَارِ ما فعله معه في المرّة السابقة ،و لكن في هذه المرّة كان النبّي هو السبّاقُ إلى الحديث و أوّلُ المُتكلمين فقال للجمع الحمد لله أحمده و أستعينه و أؤمن به و أتوكل عليه و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، ثم قال والله لو كَذبتُ على الناس جميعًا لما كذبت عليكم و لو غًررتُ على الناس جميعا ما غررتكم ،والله الذي لا إله غيره إني رسول الله إليكم خاصةً و إلى الناس عامةً و والله لا تموتون كما تَنامون و لتُبعثونَ كما تستيقضُون و لا تُحاسَبون على ما تفعلون و إنها لجنّةٌ أبدا ؟ أو نارٌ أبدا ؟ ثم قال يا بني هاشم أنقضوا أنفسكم من النار ...يا بني عبد المطلب أنقضوا أنفسكم من النار ..يا عباس عم الرسول أنقض نفسك من الناّر فإني لا أملك لكم من الله شيئا ، ثم نظر إلى ابنته فاطمةو قال لها يا فاطمة بنت محمداسأليني من مالي ما شئتِ لكني لا أملك لك من الله شيئا ، فسكت الجميع ووضعوا عُينوهم في الأرض بمن فيهم عمّه العباس و حمزة غير أنّ مُربيه بعد أمّه و جدّه أبا طالب وقف وقال للنبّي امضِ بما أُمِرت به و إني أُحيطك و أمْنعُك ما بقيت ، فغضب أبو لهبلمساندة أبي طالب للنبّي و قال له إنّ هذه لهي السوءة فخذوه على يده ، فردّ عليه أبو طالب و قال و الله لأمنعنّه ما بقيت ، فسكت الجمع كلّه بعد كلام أبي طالب لأنّهم فهِمُوا من رَدّة فعله أنّه سيحمي محـمد ما حيا ، فانتهز النبّي فُرصة كسب عمّه إلى صفّه و قال لعشيرته فمن منكم يُؤمن بما جئت به ؟ !، فسكت الجميع و قال أبو طالب أمّا أنا فعلى دين أبي عبد المطلب و سائر أجدادي ، فنهض علّي و عمره ثلاثة عشرة سنة و قال للنبّي أنا معك أَتَبِعُك و أسير معك ، فضحك عليه القوم لصِغَرِ سنّه ، فابتسم له النبّي و قال له ضع يدك في يدي فشدّ النبّي على يد علّي و ضرب عليها .


    و بعدها نفّذَّ النبّي الخُطوة المُوالية و هي إعلان الإسلام و الجَهْرُ بدعوته في قُريش ، فاختار النبّي جبل الصَفَا نُقطة انطلاق دعوته في قُريش و لأوّل مرّة عَلَنًا ، فصعد النبّي الجبل ثمّ نادى على قُريش فقال يا بني عبد منَاف ..يا بني عًدِّي ..يا بني فِهر ..يا بني عبد المطلب ...أرأيتم إن أخبرتكم أنّ وراء هذا الجبل جيشًا ضخمًا جاء ليَغِيرَ عليكم أكنتم مُصًدّقيا ؟ فقالوا له نعم فما جربنا عليك كًذِبًا ، فقال لهم النبّي((إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد))، فقاطعه عمّه أبو لهب و قال له تبًّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا ؟، فنزل النبّي من على الجبل ، فنزلت سورة المسد في أبي لهب لأنّه كان أوّل من تجرأ على النبّي و اجترأ عليه و قال له تبًّا لك ، و كل هذا إلاّ أنّ النبّي لم يتَكِل و لم يتواكل بل أسَّرَّ على دعوته و توكّل على الحيّ الذي لا يموت ، فحمّسَ الناس على الإسلام ووعدهم بالجنّة فقال لهم يا معشر قُريش قولوا لا إله إلاّ الله تملكوا بها العرب و العجم ، قولوا لا إله إلاّ الله تدخلوا بها الجنّة ، فتعرضت قُريشللنبّي و آذته بشَتى الطُرق و عذّبته بمختلف الأساليب و أعنف الوسائل ، فانتهجت قُريش أسوأ أسلوب و هو أُسلوب الأذِية المعنويـة ، فشَكَّكُوا في صِدقِ رسالته و في سلامة عقله فقالوا عليه مجنون و ساحر و كاهن و حرّضُوا عليه الأطفال ليَسخروا منه ، فسَمِعَ الوليد بن المُغيرة بالأمر فأتى أهل قُريش و قال لهم يا أهل قريش ما عرِفناه مجنون و سمعنا الكثير من الشُعَّارْ و لم نسمع مثلما سمعنا منه و رأينا السحرة و الكهنة و لم نرى أبدًا مثلما رأينا منه ، فقالوا له يا أبا الوليد فماذا ترى أنت فيه ؟، فقال إنّ لكلامه حلاوة و إنّ عليه لطلاوة و إنّ أعلاه لَمُثمر و إنّه يُعلى و لا يُعلى عليه ، فقالوا له أ اتبعت دينه ؟ فقال لا ، فقالوا له إذن قلْ عنه إنّه ساحر و يُفرقُ بين المرء و زوجه و بين المرء و آبيه .

    وهكذا واصلت قُريش أذِيَّتَها للرسول طيلة الثلاث سنوات الأولى للبعثة لتمتد في تعذيبها له و تتجاوزه إلى ثاني ثلاث سنوات من بعثته

  2. #6
    عضوة جديدة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    35
    معدل تقييم المستوى
    12
    ثــاني ثـلاث سنـوات من البعثـة



    لقد امتدت أذيّة النبّي إلى ثاني ثلاث سنوات من بعثته ، فتفنَّنُوا في تعذيبه و انتهجوا في ذلك كلَّ السُبُل و مُختلف الأساليب ، فقامت زوجة أبي لهب أمّ جميل بتأليب قُريش عليه و رَمتهُ بالشَوكِ و الحِجارة خاصةً لمّا سمَِعت أنّ القرآنقد نزل فيها ، فذهبت أم جميل إلى الكعبة تترقب و صول النبّي لتَرجُمَهُ بالحجارة فوجدت أبا بكر فصاحت به قائلة أين صاحبك؟ ووقتها كان النبّي أمامها إلاّ أنّ الله أعمى بَصرَها فلم ترَهُ ،فسألت أبا بكر عن مكانه فسكت و لم يُجبها ، فقالت له يا أبا بكر لقد بلغني أنَّ صاحبك قد هَجاني فلو رأيته لأضربّنه بهذا الحجر و إن كان هو شاعر فأنا أيضا شاعرة ، ثم قالت في النبّيمُذَّمَّمْ عصينا و أمرهُ أبَّيْنا و دينه قَلَيْنا و رَحَلَت ، فاتفقت سائر قريش على مُناداته مًذَّمم كلّما مرّ بهم ، فتوجع الصحابةلهذا الأمر ، فقال لهمالنبّي دَعُوهم فإنّما يَشتمون مُذّمَّمَا و أنا لست إلاّبمحمدَا .

    و مرّة كان الرسول يطوف بالكعبة فتجمعت قريش حوله و أطلقوا فيه النُكت و صَخِرُوا منه و ضَحِكُوا عليه فاقترب منهمالنبّي و قال لهم أتعرفون يا معشر قريش إن لم تنتهوا فقد جِئتُكم بالذبح ، فتوقفوا و قالوا له امضِ يا أبا القاسمفما عرِفناك إلاّ حليمَا.

    ثم أطلقوا عليه الإشاعات و قالوا عليه أبْتَرْ لأنّ أولاده الذُكور كانوا يموتون فإن مات ماتت معه رسالته ،كما طلَّقَ أبو لهبابنيه من ابنتي الرسول ، ثم تجرأت قريش أكثر فأكثر على النبّي و امتد بهم الأمر إلى استعمال التعذيب البـدني ، فقام عُقبة بن أبي مُعيط بنزع عِباءته ليخنِقََ بها الرسول و هو يُصلي ، فسقط النبّي على رُكبتيه فبكت ابنته فاطمة الزهراءفمسح النبّي دُمُوعَها و قال لها لا تبكي يا بُنيّتي فإنَّ الله ناصرٌ أباكِ ، و مرّة أتى بأمعاء جمل ميّت ورماها على ظهر النبّي .

    كما كذَّبَهُ أبو جهل و استهزأ به فقد قال له يا محمد أتريد أن أشهد لك عند ربّك أنّك قد بلغت الرسالة ؟ ! فلو رأيت أنّك صادق لصدقتك و لكنّك كذاب ، فنظر النبّي إليه ثم ذهب و تركه ، فقال أبو جهل في نفسه و الله لإني أعلم أنّك صادق و لكنّك من آل عبد المطلب ، ثم توعده و أقسم بالات و العُزة على أن يضع يديه على رأسه ، فترصده يومًا و بينما النبّي يُصلي باغتهليفعلها و لكن سُرعان ما تراجع إلى الوراء و صرخَ لأنّه رأى أنّ بينه و بين النبّي خندقًا من نار كلما اقترب منه زاد لهيبه و كاد أن يحرقه .

    و ذات مرّة دخلأعرابّي الكعبة و هو حزين لأنّ أبا جهل سَلَبه ماله عُنوّة ، فأشارت عليه قريش أن يذهب إلى محمد إن أراد استرجاع ماله حتى تستمتع قريش بالصُخرية عليه ، فذهب الرجل إلى النبّي و قصّ عليه قصته فقال له النبّي تعال معي و أنا سأسترد لك مالك ، فذهبا معًا إلى أبي جهل ، فقال الرسول لأبي جهل هل سلبته ماله ؟فردّ أبو جهل نعم ، فقال له الرسول رُدَ عليه ماله ،فسارع أبو جهل و أرجع مال الأعرابي ، فرآه نفرٌ من قومه فقالوا له لقد جَبُنت يا أبا جهل أمام محمد و ما رأيناك ذليلاً قبل اليوم فرد عليهم و قال لا تصخروا مني يا قوم فقد رأيت وراء محمدثُعبانٌ برأسين فلو لم أرد عليه ماله لإلتهمني.

    و مرّة بينما كان النبّيبالكعبة تجمّعَ حوله عشرة أنفار من قريش فأخذوا يصخَرُون منه ثم عمَدُوا إليه يضربونه فأقبل عليهم أبا بكر و دفعهم عن الرسول و قال لهم أتضربون رجلاً يقول لا إله ألاّ الله !فتركوا النبّي و انقضوا على أبي بكر فأبرحوه ضربًا و ضربه عقبة بن أبي معيط بالنعل على وجهه فأُغشيَ عليه ، فأتت قبيلته و أخذوه إلى بيته و توعدوا عقبة بالقتل إذا وقع له شيء ، كما أوصوْا أمّه أن تسهر عليه و تُطعمَه و تُشربَه و لا تدعه يخرج من البيت ،و بعد ثلاثة أيّام استيقظ أبو بكر فسأل عن حالِ النبّي فقالت له أمّه أتركنا في حالك أنت ، فأبى أبو بكر أن يأكل أو يشرب حتى يطمئن بنفسه عن النبّي ،فأتت فاطمة و طمأنته على حال النبّي فقال لها أبو بكر و الله لن آكل و لن أشرب حتى أطمئن عليه بنفسي، فحملوه إلى بيت النبّي فلمّا رآه النبّي احتضنه ، فقال له أبو بكر لا تقلق عليّ يا رسول الله فليس بي شيء يُذكر.

    فهذه المواقـف تُعدُّ عيّنة قليلة من المواقف الكثيرة و العسيرة التي تعرضَ لها النبّي في بداية دعوته و بالرغم من مُعاناته المَريرة إلاّ أنّه لم يَمَلْ و لم يَكَلْ بل ثبتَ و ازداد قوّةَ يومًا بعد يوم ، فواجه قومه و ضحَّى بنفسه و بيومه من أجلنا و من أجل غَدٍ مُشْرق لا مَحَالة سَتَسْطعُ فيه شمس الإسلام الغابرة لتُضيء ليس فقط على أشراف مكة بل على أشراف البشريّة و الدُنيا جمعاء .

  3. #7
    عضوة جديدة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    35
    معدل تقييم المستوى
    12
    المفــــــــــاوضات



    باشتداد الإيذاء على الرسول قرّرَ أن يجمع المسلمين ليرفع رُوحَهم المعنويّة و يُوَسع مَدَارِكَهُم الفِكرية و يُقَوّي إيمانهم و يزيد في إِخائهم فاختار دار الأرقـم لتكون همزة وصل بينه و بين الصحابة، واختار النبّي الأرقم على غِرارِ بقيّة الصحابة بالرغم من صِغَرِ سنّه بسبب الموقع الاستراتيجي الفعّال لمنزله الذي يتوسط قبيلته فتُجَنِّبُهم بذلك تَعَرُضات قريش لهم لمخافتها من قبيلته .

    هذا ما جعل قريش تُغيّر أسلوبها الذي باء بالفشل في آخر المطاف لتَتَبَنى فِكرةَ اللُّجوء إلى مُفاوضاتٍ مَفَادُها الإغراءات و المُسَاومًات.

    فاختارت قريش وفدًا يتكلم باسمها ضَمَّ أبا جهل و أبا سفيان و شَيبة بن الربيعة و وائل بن العاص و عُتيبة بن الربيعة و الوليد بن المُغيرة و البُختري بن هِشام،فاتفق الوفد على الذهاب إلى سيّد بني هاشمأبي طالب عمّ النبّي ،فقصدوه و قالوا له يا أبا طالب كُفََ عنّا ابن أخيك فقد سَبَّ آلهتنا و عَابَ ديننا فإمّا أن تكفه عناّ أو أن تُخلي بيننا و بينه ، فقال لهم أبو طالب سأرى في الأمر ، فذهبوا و لم يُحرّك أبو طالب شيئًا في الأمر ، فرجع إليه الوفد مرّة ثانية و قالوا له يا أبا طالب جِئناك بعُمارة بن الوليد بن المغيرة و هذا الفتى أفضل فِتيان قريش نسبًا و جمالاً و عقلاً فخُذه و اتخذه ولدًا لك و سَلِمْ لنا ابن أخيك الذي سبَّ آلهتنا و عابَ دين أبائك لنَقتلُه ، فقال لهم أبو طالب و الله يا قوم ما أنصفتموني حقي تُعطوني ابنكم لأغذيه و أربيه لكم و أعطيكم ابني لتقتلوه ؟ !و الله ما يكون هذا أبدا فافعلوا ما شِئتم ،فذهبوا غير أنّهم رَجعوا إليه مرّة ثالثة و الحِقدُ و الغِلُّ و الشَرُّ مالئ عيونهم فقالوا له يا أبا طالب إنّ لك شرفَا و نسبَا بيننا و إنّ ابن أخيك مازال يُؤذينا و لن نَصبِرَ عليه بعد اليوم فإمّا أن تَكُفَه عنّا اليوم أو لنُحاربنّك و نُحاربه حتى يهلك أحد الطرفين ، فسكت أبو طالب و كانت هذه أوّل مرّة يجُترأ فيها على آل عبد المطلب و على آل بني هاشم ، فنادى أبوطالب على ابنه عقيل و قال له اذهب و أأتني بمحمد ، فأتى النبّي و جلس إلى عمِّه فحكى له عمُّه ما دار بينه و بين وفد قريش ، ثم قال له يا ابن أخي أَبقِ على نَفسك و أبقِ عليَّ و لا تُحمّلني من الأمر ما لا أُطيق ، فقال له النبّي و الله يا عَمْ لو وضعوا الشمس بيميني و القمر بيساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يُظهره الله أو أموت في سبيله ، فبكى حِينها النبيّ ثم خرج من عند عمِّه ، فنادى أبو طالب على ابنه عقيل مرّة أخرى و قال له رُدَّ عَليََّ محمد ، فرجع النبّي إلى عمّه ، فقال له عمّه يا ابن أخي قُل و افعل ما شِئت و أنا معك و لن أتركك أبدا ،وقتها استرد النبّي ثِقته و أمَلُه بعمّه الذي أحاطه بحمايته و أعلنها بين القوم فأطلق شِعرًا يُعلن فيه عن مَوقفه ووقوفه إلى صف محمد فقال :


    و الله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أُوَسَّد في التراب دفينا فاصدع بأمرك فليس عليك عضاضة و قَرْ بذلك عيونًا و أبشر .

    فانتشر الشِعْرُ في رُبوع مكة و بَلغ قريش ردّ أبو طالب من خِلال شِعره ، فقرّروا الذهاب إلى محمد و مُحادثته وَجهًا لوجه فاختاروا عُتبة بن الربيعة مُمَثلا لهم ، فقصد عتبةالرسول فوجده عند الكعبة ، فقال له يا ابن أخي إنّ نعلم أنّ لك نسبٌ عظيم بيننا و نعلم أنّك جِئْت قومك بأمر عظيم لم يُؤتى به أحد من قبل فقد فرقت شملنا و جمعنا و فرّقت بين الرجل و ابنه و إني عارضٌ عليك أمورًا فانظر فيها فلعلّك قد تقبل بعضها ، فإن كُنت تُريد مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تُصبح أغنانا و إن كُنت تريد جاهًا سَودناك علينا فلا نقطع أمرًا إلاّ أعلمناك به و إن كُنت تُريد مُلكًا مَلَكنَاكَ علينا و جعلناك مَلِكًا على مكة و إن كان هذا الذي يحدث لك شيئا من الجِّن رأينا لك الطِّب و بذلنا لك فيه أموالنا حتى تُشفى و إن كنت تريد أن تتزوج امرأة جميلة زوجناك أجمل نساء قريش ، فاستمع النبّي لكلام عُتبة بكل انتباه و عندما انتهى من كَلامه قال له أفرغت يا أبا الوليد ؟ فأجاب بنعم ، فقال له النبّي فهل تسمع مني؟ ! ،فأجاب أبو الوليد بنعم ، فتلا النبّي قوله ۝۝﴿حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ * قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍقُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِفَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ * إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ ، فقاطع أبو الوليد النبّي ووضع يده على فمِه و قال له أُناَشِدُك بصلة الرحم أن تَسكُتَ يا محمد.

    فرجع عتبة إلى قريش فتلقاه القوم بلهفة و قالوا له ما وراءك يا أبا الوليد ؟ فقال لهم ورائي أني سمعت منه كلامًا لم أسمع مثله قطُّّّّّّّّّّّّّ من قبل و و الله ما هو الشِعْر و ما هو السِحْر و واللهإنّ له حَلاوة و عليه لطَلاوة و إنّ عُلوّه لمثمر و إنه يَعلو و لا يُعلى عليه ، نفس الكلمات التي أجاب بها قريش يوم قالوا عن الرسول مجنون و شاعر ، ثم قال لهم يا معشر قريش أطيعوني اليوم و اعصوني بعدها خَلُّو بين الرجل و بين ما يريد فو الله إنّ له لأمر عظيم و إنّكم إن تركتموه للعرب تخلصتم منه إذا هُزم و إن انتصر على العرب فمُلكه هو مُلككم و عِزّه هو عِزّكم ، فقالوا له لقد سَحركَ محمد يا أبا الوليد ، فقال هذا رأيي و افعلوا ما شِئتم .

    فاتفق الوفد السُباعي لسادة قريش أن يَقصدُوا النبّي سَوّيةً ليُقدِّموا له عَرضهم ، فردّ عليهم النبّي قائلا ما جِئتكم لآخُذَ أموالكم و ما جِئتُكم لأكون مَلِكًِا عليكم و ما جِئتكم للرئاسة إلاّ أنّني رسول من ربّ العالمين فإن قبلتم بما جِئتكم به فهذا حظَُّكم من الدنيا و إن أبيتم أصبر حتى يحكم الله بيني و بينكم، فردوا عليه و قالوا له يا محمد أأنت خيرٌ أم أبوك؟ أأنت خيرٌ أم عبد المطلب ؟ فإن كُنتَ تزعم أنّك خيرٌ منهم فأخبرنا كي نقول للناس ، فلم يرد عليهم النبّي و انصرف عنهم .

    غير أنّ أهل قريش لم يَسأمُوا من مُحاولاتمهم و يعتبروا من خَيبَاتِهم المتتالية و المتوالية بل عَمَدُوا إلى النبّي و اقترحوا عليه أن يعبد آلهتهم يومَا فيعبدون إلهه يوما ، فتلا النبّيقوله۝۝﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينْ

    و كل ذلك ولم يَسأموا بل طَلبوا منه أن يَطرُدَ الفقراء من أصحابه حتى يتبعوه فأبىالنبّي و تلا عليهمقوله۝۝﴿ وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ
    ثم طلبوا منه أن يُفجِّرَ لهم الجزيرة العربية أنهارًا و يَبعثَ أحدًا من أجدادهم ليُؤكد لهم أنّه حقًا نبّي حتى يُصدّقوه ، إلاّ أنَّ النبّي أبَى ذلك و قال لهم ما أنا لأسأل ربّي ذلك .

    ثم طلبوا منه مُعجزةً فأيَّد الله نبّيه بمعجزة ِشق القمر بعدما دعا الرسول ربّه و قال يا رب إذا رأيتَ أن تُريهم آية فأرهم ما تُحب ، فانشق القمر أمام أهل قريش فذُهِلوا ثم قالوا له لقد سَحَرتَ أعيننا يا محمد و قال له أبو جهل أتركه لنا ثلاث أو سبعُ ليالٍ حتى نأتي الكُهَانَ و نرى من هذا السِحر إن كان بمكة فقط أو تَعَدَّاها إلى خارج مكة ، فسألوا أهل اليمن و العراق و الشام إذا انشق القمر عِندهم أيضا ،فقالوا لهم نعم فقد رأينا عَجَبًا و انشق القمر إلى نِصفين .

    و بالرغم من هذه المُعجزة التي كانت صَاعقة و ضربة قاضية قد وجهها الله لأهل قـريش إلاّ أنّهم لم يُؤمنوا و بَقُوا على كُفرهم ، و لكن هذا لم يُحَرِّك في النبّي سَاكنًا ولم يستسلم بل استمرّ في دعوته إلى اللهو كان على قومه كالريح المُرسلة حليمًـا بهم يَغدوه الحِرص و الإسرار على إنقاضهم من النار .

  4. #8
    عضوة جديدة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    35
    معدل تقييم المستوى
    12
    ايذاء الصحابة

    بعد الفشل الذريع الذي حَققتهُ قريش في إِسكاتِ النبّي و كَفِهِ عن دَعوته و الجَهر بها قَررت أن تنتهج أُسلوبًا جديدًا غير أنّ أنظارها هذه المرّة تَوجهت إلى الفِئة المُستضعفة من أصحاب النبّي ،فانقضت عليهم و مَارست فيهم مُختلف أنواع التعذيب و أشَدُّها حتى يتخلوا عن محمد و يتركوا دِينه ، إلاّ أنّ هذه المُحاولة باءت أيضًا بالفَشل في آخر المَطاف و أدركت قريش و أيقنت أخيرًا أنّ أصحاب محمد هُم نِعم الأصحاب و نِعم حَاملي رايةَ الإسلام ، فمنهم من صَبر على الأذيّة و مِنهم من هَلَكَ بها .
    و مِن هؤلاء الصحابة الذين صَبروا على أذيّة قريش سُميّة بنت الخياط و زوجها ياسر اللذان عُذّبَا من قِبَل قريش أشدّ عَذاب ، و بالرغم من ذلك لم يَستكينا و لم يَستسلما بل صَبرا حتى لاقا ربّهما ، فقُتلت سميّة و ضُربت بالرُمح في مَكان عِفّتها فانتزعت قريش منها حَياتها غَصبًا إلاّ أنّها هي أيضَا انتزعت لقب أوّل شَهيدةِ في الإسلام و قُتّل زوجها ياسر أيضًا و كلّ هذا قد جرى أمام مَرأًى من ابنيهما عمّار .
    و عُذِّب بِلال أيضًا و عُرّضَ جِلده للحرِّ و جَعلوا الحِجارة من على فوقه ،فصبرَ هو أيضَا لأذِّيتهم .
    و صَبر ابن مسعودأيضًا على أذيّة قريش ، فقد كان يذهب كلّ يومإلى الكعبة ليتلوَ سورةالرحمن فتكاَلبت عليه قريش بالضَرب ، فقال لهم و الله سوف أُعِيدها غدًافأعادها3 مرات، فسمع بهالرسولفقال له أتقدر أن تتحمَّلَ ضربهم لك ؟ هوّن عليك يا ابن مسعود ،فردَّ عليه و قال والله يا رسول الله ما هَانوا عليّ مِثلما هانوا عليَّ اليوم و هُميضربونني .
    أو كَما صَبرَ الزُبير بن العوامعلى أذيّة عَمّه الذي كان يُدخلهفي حَصيرةٍ بها دُخان حتى أصابه مرضٌ صدري .
    أو كَما صَبرَ سعد بن أبي وقاصذلكالذي هَدّدته أمّه بأن لا تأكل أو تشرب حتى يترك الإسلام فإن ماتت عُيِّر بها ، فقاللها و الله يا أمّي لو خَرجت نَفسكِ نَفَس ٌبعد نَفَسٍ على أن أترك ديني ما تركته فأكلت.
    أو كما صَبرَ حُبَابْذلك الذي عُذِّب أشدّ عَذاب فنزعوا عنه ثِيابه ونيّموه علىالجمر حتى ذابت شَحمه .

    وقد صَبر مُصعب بن عُمير أيضًا عندما تأذى ايذاءاً شديدًا .
    و في وسط كل هذا الإيذاء الشديد استَرقَ أبو سفيان و أبو جهل و الأخمس تِلاوةَ النبّي في بيته كلّ يومٍ ، فأعجبهم إلاّ أنّهم لم يعترفوا له بالنبوّة .
    وقد نَصرَ الله
    رَسوله في وسط هذا الإيذاء فأسلم عمّه حمزة، أمّا إسلامحمزةفقد بدأ تدريجيًا من وقتِ ما أتته الجارية و قالت له يا أبا عمارة أتكون مُنهمِكًا فيالصيد و لا تدري بما يُفعل بابن أخيك ؟ ! فقال لها و ما يُفعل به ! فقالت له لقد سُبَّ ابنأخيك ، فسارع حمزةإلىالكعبة فرأى التفاف أهل قريش على محمدو هُم يُحاولون ضََربَه ،فقال لهم أتضربونه و تَشتمونه وأنا على دِينه ؟ ! فرد أبو أميّة عليهووصف النبّيبالكَذَاب فوخزه حمزةبقوسِه و قال له رُدَّها عليَّ إن استطعت، و بعدها تفطن حمزة أنه قد تَورَط بنطقه للشهادة فدعاه الرسولللإسلام فأسلم .
    و زاد اللهنَصرَ نبيّه و دينه بإسلامعمر بن الخطاب ،أمّا إسلامعمر بن الخطابفقد كان مُختلفَا لأنّه كان شَديدُ الغِلظة على الرسول ، و قد كان يعمل علىإبعاد كل أصحاب محمد منه حتى يُقلّلَ بذلك من أتباعه ، و في إحدى المرات رأىجاريتهتُصلي فأخذ يَضربها و هي تُقاوم ضربه لها حتى تَعِبَ منها ، فقالت له انظر كيف أتعبك الله و قوّاني ، و مرّة ذهب إلىالمَخمرةفوجدها مُغلقة فقال في نفسه سأذهب إلىالكعبة ، فوجد الرسوليطوف بها و هو يتلو سورة الحاقة فقالعمرفي نفسه يا تُرى ما ذايقرأ محمد ؟ !فاقترب منه و أخذ يسمع منه فتعجب مِمَّا سمع ! وقال في نفسه لأضُّنّه قولكَاهنفتلاالرسولقوله ۝۝ ﴿وَ مَا هُوَ بِقَوْلِ كَاهِنْ ، فاستغرب عمر لرّدالنبّي ثم قال لإنّه قولشاعر،فرد النبّي و تلا قوله۝۝﴿وَ مَا هُوَ بِقْوْلِ شَاعِرْفمن دَهشَة عمر قال في نفسه و ما هو؟ فتلا النبّيقوله۝۝﴿إنَّمَا هُوَوَحْيٌ يُوْحَى، فارتعب عمر وقال في نفسه كيف سَمِعني محمد و أنا لم أنطق بأيِّ كَلمة ! و يومها تسَلَّلَ بعض وَقْعِ الإسلام فيقلب عمر ، و مَرّة كان عائدًا فالتقى امرأةً راحلة بحوائجها و هي تَصيح فقال لها ما بك ياأمَّة ؟ فقالت له إنّي أفّرُ بديني مِنكم ، فقال أ أخرجكِ أحدٌ من أرضك ؟ فاستغربت المرأةاهتمام عمر بها فسارعت إلى زوجها و قالت له أبشر يا رجل إني أرىعمر بن الخطابعلى أُهبة الإسلام ، فقاللها لا تَحلُمي يا امرأة فلن يُسلم عمر حتى يُسلم حِمارالخطاب .
    وفي أحد الأيّام قرّر عمر أن َيقتل النبّي فخرج من بيته و هو عازمٌ على قَتله فلاقاه رجلٌ فيالطريق وقال له لما العَجلة يا عمر ؟ فقال عمر إلى محمد لأقتله ،فقال له الرجل مُحاولاًإبطاءه ، قبل أن تقتلَ محمد اذهب و اقتلأختكفهي أيضًا قد صبأت ، فتوجه عمر إليها مُباشرةً و الشرّ يُدمِي عينيه وعندما وصل بيتها فتح له زوجها الباب ، فقال له عمر لقد سمعت أنّك قد صبأت فهل هذاصحيح ؟ فأجابه نعم لقد أسلمت ، فشدّهُ عمر من ثيابه فأتت أخته و قالت له أرأيت أنَّ الحقّ فيدينك ؟ فضربها عمر فأعادت عليه السؤال و هي ثابتة فلمح في يديها صحيفة فحاول أنينتزعها منها فصَدّته و قالت له اذهب و اغتسل و عُد إليَّ فأعطيك الصَحيفة لتقرأها ، فذهب عمر و اغتسل فأعطته أخته فاطمة الصحيفة التي كانت تتضمن سورة طه فقرأها عمر و بكى ثم ركض إلىبيت الأرقمليُلاقي الرسول ، ووقتها كانبلالعلى الباب ولما سمع الصحابة صَوتَ عمر من على الباب ارتعشوا فقال لهمحمزةاثبتوا ، ثم دخل عمر فمسكه الرسول وهزَّهُ و قال له أمَا آن لك أن تُسلم يا ابن الخطاب ؟ فقال عمر إني أشهد أن ّ لا إلهإلاّ الله و أنّ محمدا رسول الله فاشتد التكبيرمن شِدّة فَرحةِ الصحابةبإسلام عمر ، ثمقال عمريا رسول الله ألسنَا على الحقّ و هُم على الباطل فلما لا نخرج إليهم؟ فقال لهالرسوليا عمر إنكالفاروقالذي يُفرّقُ الله به بين الخير و الشرّ .
    فخرج الجميع من البيت مُتجهين إلى الكعبة وهُم على رأس صفين صَفٌ يعتليهحمزةو صف يعتليهعمر.
    فتعالتِ التكبيراتحول الكعبة حتى تهوّلت قريش .
    و وقتها أراد عمر أنيَعرف الجميع بإسلامه فقصد بيتأبا الحكمو قال له يا أبا الحكم ألا تعلم بأني قد أسلمت ؟ فقال أبو الحكم اذهبفلقد أفسدت عليّ يومي ، ثم توجه إلى دارأبي سفيانو قال له نفس القول ، إلا ّ أنّ عمر أراد يومها أن ينَالالقليل ممّّا ناله أصحاب الرسول عند إسلامهم ، فذهب إلىأبيجميلو هو أكبر ناقل أخبار بمكة و أخبره أنه قد أسلم و ألحّعليه أن يَكتُم الخبر ، فأخبر أبو جميل الجميع بإسلام عمر فأخذوا يَضربونه و هو يضربهمإلى أن أجهدوه من الضرب فسحب رجلاً منهم و وضع يديه على عينه و قال لهم إن اقتربتممني فَقَصْتُ عينيه، فتركوه يذهب إلى عائلته التي قام بجمع أفرادها و قال لهم لقد أسلمتاليوم و عليكم أن تُسلموا جميعا ، فقال له ابنهعبد اللهلقد أسلمت منذسنةيا أبي ،فقال له عمر وَيْحَكَ أ أسلمت من سنة و تركت أباك يضيع! .

    و قد صَبر صحابةٌ كُثرٌ على أذيّة قريش لهم ، و هذه عيّنة مُتواضعة من كَمٍ هائل من الصحابة الذين عُذّبوا أشدّ عذاب من قِبل قريش لِيُوصلوا لنا الإسلام على أكملِ وجه .
    و هذا الإيذاء الذي تَلاقَاهُ النّبي و الصحابة جعله يُفكر في استبعادهم من مكة ، فاختار لهم الله أرضَ الحبشة لِيَرسُوا عليها من هَولِ إيذاء قريش لهم .


صفحة 2 من 10 الأولىالأولى 12345 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. سالتي إليكِ يا فتاة كوني كما أرادكِ الله فلا تتبرجي
    بواسطة عبيـر* في المنتدى اسرار البنات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 29-01-2012, 09:50 PM
  2. كل ما تريدينه عن نبيك محمد
    بواسطة miss.manoor في المنتدى اسرار البنات
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 18-07-2009, 06:40 AM
  3. قرانك شفيعك
    بواسطة يمنى عبدالعزيز في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 16-04-2009, 08:17 AM
  4. سلسله موضوعات اعرفى نبيك صلى الله عليه وسلم ( اعرفى نبيك )
    بواسطة ملك الاموره في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-06-2007, 10:54 PM
  5. انصر نبيك محمد صلى الله عليه وسلم
    بواسطة tamooh في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-02-2006, 01:03 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أهم المواضيع

المطبخ

من مواقعنا

صفحاتنا الاجتماعية

المنتديات

ازياء | العناية بالبشرة | رجيم | فساتين زفاف 2017 | سوق نسائي | طريقة عمل البيتزا | غرف نوم 2017 | ازياء محجبات | العناية بالشعر | انقاص الوزن | فساتين سهرة | اجهزة منزلية | غرف نوم اطفال | صور ورد | ازياء اطفال | شتاء | زيادة الوزن | جمالك | كروشيه | رسائل حب 2017 | صور مساء الخير | رسائل مساء الخير | لانجري | تمارين | وظائف نسائية | اكسسوارات | جمعة مباركة | مكياج | تسريحات | عروس | تفسير الاحلام | مطبخ | رسائل صباح الخير | صور صباح الخير | اسماء بنات | اسماء اولاد | اتيكيت | اشغال يدوية | الحياة الزوجية | العناية بالطفل | الحمل والولادة | ديكورات | صور حب | طريقة عمل القرصان | طريقة عمل الكريب | طريقة عمل المندي |