لا تتتردد في الدخول للتعرف على نبيك و شفيعك محمد - الصفحة 4
صفحة 4 من 10 الأولىالأولى 1234567 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 13 إلى 16 من 37

الموضوع: لا تتتردد في الدخول للتعرف على نبيك و شفيعك محمد

  1. #13
    عضوة جديدة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    35
    معدل تقييم المستوى
    12
    التخطيـــــط للهجــــرة



    بعد التَكذيبِ و الرَفضِ الذي تَلقاهُ النبّي في مكة من قِبَلِ قريش ، أدرك أنّ دعوته لهم للإسلام لم تَعُدْ تُجدي نَفعًا في هذه الآونة لأنّهم أبَوْا أن يَسمعوهُ بآذانهم لأنّ الغَشَاوةَ و العَداوةَ أعمت قُلوبهم و انتقلت عَدوَاهَا لتتَعشَعشَ في عُقولهم ، هذا ما جعل النبّي يَغُضُ نَظرَهُ عنهم لفترةٍ ، فقرّر أن يبحث عن قبائل بديلة يدعوها للإسلام لتحمي ظَهرهُ من قريش ، فقصد الرسول قبيلة مُسيلمة الكذّاب في السنة العاشرة من البِعثة و عرض عليهم الإسلام و دعاهم إليه فأبوا ذلك و ردوّا عليه بأقبح الرُدُود ، ثم قصد قبيلتي بني كلب و بني عبد الله و دعاهم للإسلام و مَدَحَ أباهم و قال لهم إنّ الله أحسَنَ اسم أبيكم ، فأعرضوا عنه هم أيضًا.

    ثم توجه الرسول إلى قبيلة بني عامر بن صَعصَعَة و عرض عليهم الإسلام فتلا عليهم القرآنو قال لهم قولوا لا إله إلاّ الله تدخلوا الجنّة ، فخرج له بحيرة بن فِراس و قال له يا محمد أرأيت إن بَايعناكَ و أخذناكَ إلى بِلادنا و حَميناكَ حتى تُؤدي رِسالتكَ و يُظهرك الله أيكون لنا الأمر من بعدك؟ ، فقال له النبّي المُلكُ لله يَضعُهُ كيف يشاء ، فرد عليه بحيرة و قال له أفُنهبِطُ بنُحورِنَا حتى إذا أظهركَ الله تركتنا ؟ و الله لن يكون ذلك أبدًا ، فتركهم النبّي و ذهب إلى بطن آخر منبني عامربن صَعْصَعة و التي يترأسها بجرة بن قيس ، فدخل النبّي القبيلة فلم يجد بها سيّدها بجرة بن قيس فجلس إلى شباب القبيلة و عرض عليهم الإسلام فاقتنعوا به و تعاهدوا مع النبّي على حِمايتهِ غير أنّه في تلك الأثناء وصل بجرة بن قيس فرآى النبّي جالسًا إلى الشباب فقال لهم من هذا ؟ فقالوا له هذا محمد بن عبد الله القُرشي ،فقال لهم مالكم و له ؟ فقالوا له يزعم أنّه رسول من الله و يُريد مِنّا المَنْعَ و الحِماية حتى يُظهره الله ، فقال بجرة و ما قلتم له ؟ فقالوا له قلنا له على الرحب و السعة ، فاشتدّ جُنون بجرة و قال لهم ما رأيت أحدًا يرجع إلى بلده بشرِّ ممّا رجعتم أنتم به ! أفتطردُهُ قريش لتؤونه أنتم ! سَتحاربكم قريش به ، ثم نظر إلى النبّي و قال له قُمْ يا فتى و الحق بقومك و والله لولا أنّك برِحالنا لضربتُ عنُقك ، فقام النبّي حَزِينًا و رَكِبَ ناقته فقام بجرة بضرب ناقة النبّي في خَاصِرتها فاهتاجت الناقة ووقع النبّي من عليها فضحك عليه بجرة بن قيس ، فجرت إليه امرأة من بني قيس تعيش بمكة و قد أسلمت حديثًا و أتت إلى بني عامر لتزور أهلها ، فصرخت المرأة بالقوم و قالت لهم يا بني عامر و لا عامرَ لكم أحدث ذلك لرسول الله في رِحَاِلنا و لا يحميه أحد منكم !؟ فقام ثلاثة رِجال من بني عامر و قد تأثروا لكَلامها فدفعوا بجرة عن النبّي فقام رَجلان آخران حاولوا الدِّفاع عن بجرة فوقع عِراكٌ بين الطرفين ، فنظر إليهم النبّي و قال اللهم بارك لهؤلاء و انتقم من هؤلاء .

    ثم ذهب النبّي إلى قبيلة بني شيبان التي تقع على أطراف الفُرس و أخذ معه صاحبه أبا بكر غير أنّ هذه القبيلة بها ثلاثة أسياد على غِرار بقية القبائل و هم مَغلُوق بن عامر _ هاني بن قُريصة و المُثنى بن الحارثة ، فدخل النبّي عليهم و معه أبا بكر فجلسا إلى الثلاثة ، فقال أبو بكر له كم عددكم ؟ فقالوا له يزيد عن الألف ، فقال و كيف المَنعُ فيكم ؟ وقصد أبو بكر بالمَنعِ القوّة ، فقالوا له الجِدّ و البَذل و على الله الفوز و النصر ، فقال لهم فكيف الحرب بينكم و بين عدّوِكم ؟ فقالوا له إنّ أشدّ ما نكون غضبًا حين نلقى عدّونا و إنّنا نُفضل الجِيَاد على الأولاد و نُفضِّلُ السِلاح على اللِّقاح ، وقتها التفت مَغلوق بن عامر إلى النبّي و قال له لعلّك أخَا قريش ؟ فردّ عليه أبو بكر و قال له نعم فأبَلَغكَ أنّه رسول الله ؟ فقال مَغلوق بَلغَنَا أنّه يزعم أنّه رسول الله ،ثم نظر إلى النبّي و قال له ماذا تُريد ؟ فقال له الرسول أن تَؤوني وتَحموني حتى أُبلَِّغَ رسالة ربّي لأنّ قريش قد تطاولت و تكالبت على أمر الله و إنّ الله سيُعينني ، فقال مَغلوق إلى ماذا تدعوا يا أخا قريش ؟ فتلا النبّي قوله۝۝﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ، فقال مَغلوق و إلى ماذا تدعوا أيضا فأكمل النبّي تِلاوةَ بقيّةِ الآيات و قال﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن حَتَّى يَبْلُغ أَشُدّهُ فأشرق وجه مَغلوق و قال للنبّي و إلى ماذا تدعوا أيضًا ؟ فقال له النبّي﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَفسكت مَغلوق بن عامر ، فقام هانىء بن قُريصة و قال للنبّي قد سمعتُ مَقالتك يا أخا قريش و لكن أن نترك دِيننا و نَتَبِِعُكَ في جلسة واحدة ليس لها أوّل و لا آخر لإنّه الوهنُ في الرأي و إنّ الزِّلّة في العَجلة و لكن نَنْظُر و تَنظُر و نُفَكِر و تُفكر و نعود إليك ، و قتها تَدَخَلَ المُثنى بن حارثة و قال للنبّي يا أخا قريش إني أرى ما تدعوا إليه تكرهه المُلوك و إني أرى أنّ الفُرس إن سمعت بهذا الكلام سَتُحاربنا و إنّنا نقع بين بِلاد العرب و العجم ، فأمّا ما كان من جانب العرب فذنبُ صاحبه مغفور و عُذره مقبول وأمّا ما كان من جهة الفرس فذنب صاحبه غير مغفور و عُذره غير مقبول وقد نستطيع أن نحميك من جانب العرب و لكن لا طاقة لنا في الفُرس ، فوقف النبّي و قال لهم ما أسئتم الردّ استنصحتم بالصِدق و لكن لا يقوم بهذا الأمر إلاّ من حَاطَهُ من كل الجوانب ، فمشى قليلا ثم قال لهم أرأيتم إن أظهرنيالله و مَلَّكني أرضَ الفُرس أتًسبحون الله و تُقدسُوه ؟ فنطقوا جميعًا في كلمة واحدة نعم لك هذا .


    فذهب النبّي و تلا قوله۝۝﴿ يَا يَأَيُّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ ، ثم أمسك يدَ أبا بكر و قال له أيًّ أخلاق عَظيمة في الجاهلية هذه يا أبا بكر ؟ ! .

    و تمر الأيّام و يموت النبّي فيسمع أبو بكر أنّ بني شيبان قد أسلمت و أنَّ رجلاً منها قاد جيشًا عَرَمْرَم و فتح به الفرس ، فأمر أبو بكر بإحضار الرجل ، فأتى الرجل أبا بكر ووقف بين يديه و تَشَاءُ الصُدَفْ أن يَكون فاتح الفُرس هو نفسه الرجل الذي قال للنبّي لا طاقة لنا بالفرس ، فَفَرِحَ به أبو بكر و قال له لو رآك النبّي لفَرحَ بك ، فقال له الرجل ألم تتَذكرني يا خليفة رسول الله ؟ فقال أبو بكر من أنت ؟ ! فقال الرجل ألا تتذكر لِقاءَ النبّي ببني شيبان ؟ ! يوم قُلتُ له و أمّا ما كان من جِهة الفُرس فذنبه غير مغفور و عُذره غير مقبول ؟ ! لقد كُنتُ خائفًا يومها أمّا اليوم و بعدما أسلمت زال الخوف ، فَفَرِحَ أبو بكر به و قال له و الله لو رآك النبّي يا مُثنى لَفَرِحَ بك ، فبكى المُثنى و قال فاتتني الصُحبة يا أبا بكر لقد تأخرت عليه و لا أدري كيف ألقاه يوم القيامة و تلا قوله۝۝﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ ۚوَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌو بكى.

    بعد مُحاولات النبّي في دَعوةِ القبائل التي أبت حِمايته أو تجنّبته خوفًا من قُريش أو العرب أو الفُرس ، قرّرَ النبّي أن يُغيّر في دَعوتَه و عِوَضَ أن يقصد القبائل اكتفى بدعوته للأفراد الذين قصدوا مكة لأداء مَناسك الحجّ، فأوّل من قابله هو رُكَامة من قبيلة بني مُحارب و هو رجل مُحارب و شديد ، فعرض عليه النبّيالإسلام ، فقال له رُكامة لا أُسلم حتى تُصارعني و تَغلبني ،فقبِلَ النبّي بمصارعته و كانت المُصارعة أمام القوم ليَضحَكوا عليه ، فغلَب النبّيرُكامة فقال له لا بد من أن نُعيد المُصارعة لأنّك قد أخذتني على حين غِرَّة ، فعاودوها فغلبه الرسولمرّة أخرى ، فقام ركامة من على الأرض و قال للنبّي و الله لا أعلم كيف حدث معي ذلك لنُعِدْها مرّة ثالثة و أخيرة، فصارعه النبّي فغلبه فيها أيضًا إلاّ أنّ رُكامة أبى أن يُسلم فمضى النبّي و تركه.

    ثم قابل النبّيالسُوّيد بن الصامت و هو رجل أديب يُحبّ تجميع الحِكم فعرض عليه النبّي الإسلام فقال له السُوّيد إنّ معي شيء أفضل ممّا معك، فقال له النبّيو ما معك ؟ فقال السُوّيد إنّها حِكمة لقمان لابنه فهل لي في أن أقرأها عليك ؟ فقال له النبّي نعم اعرِضْها عليَّ ، فقرأ سُويد الحِكمة على النبّي و النبّي مُنصتٌ و مُبتسمٌ له فلما انتهى السُويد قال له النبّي هذا كَلامٌ حَسن و لكنَّ الذي عندي أفضل ممّا عندك فهل تسمع مني كما سمعت منك ؟ فقال السُويد نعم أسمع ، فتلا عليه النبّي القرآنفأوّل ما سَمِعَ منه السويد قال للنبّي و الله لهذا أفضل ممّا عندي و أشهد أن لا إله إلاّ الله و أنّك يا محمد رسول الله ، فنجح النبّي أخيرًا و أسلم السُويد بن الصامت غير أنّ إسلامه لم يحمي النبّي لأنّ السُويد كان ضعيفًا في قومه و لا يستطيع أن يؤثر فيهم .

    ثم قابل النبّي رجُلاً من اليمن شَديدُ الدُعابة و يقوم بمعالجة الناس من الجِّن و اسمه ضُماط الأسدي ، فدخل ضُماطمكة فقالوا له القُرشين إنّ في قريش رجل منّا قد أصابه الجِّن و أشاروا على النبّي ، فذهب إليه ضُماط و قال له يا ابن أخي من ماذا تَشكوا ؟ فقال له النبّي إنّ الحمد لله أحمده و أستعينه و أستهديه و أستغفره و أعوذ بالله من شُرورِ أنفسنا و من سَيّئاتِ أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضِّلَّ له و من يُضّله الله فلن تجد له من يَهديه، فبلغت الدَهشة ضُماط و طلب من النبّي أن يُعيدها عليه فأعادها النبّي ثلاث مرات ،فقال له ضُماط من أنت ؟ ! فقال له النبّي أنا رسول الله ، فقال و بماذا تأمر ؟ فقال أن تشهد أن لا إله إلاّ الله و أني رسوله ، فشهد ضُماطو أسلم غير أنّه هو أيضًا كان رجلاً ضعيفًا في قومه و لم يستطع أن يُؤمِّنَ الحِماية للنبّي .

    ثم قابل النبّي رجلاً آخر من قبيلة دًوْس باليمن اسمه الطُفيْلُ بن عَمْرْ ، غير أنّ الطُفيل كان شاعر و عندما وصل إلى مكة تلقاهالقُرشيون و قالوا له يا طُفيل إنّك شاعر و لدينا بمكة رجلُ ساحر يُفرّقُ بين المرء و زوجه بكلامه فيسحرهم ، فقال لهم الطفيل و أين أجده؟ فقالوا له في وسط الكعبة ، فذهب إليه الطُفيل ووضع في أُذُنه قطعةَ قُطنٍ تُجنّبُه سماع النبّي حتى لا يَسحَرهُ ، فطاف الطفيل بالكعبة و النبّي يتلو القرآن فلمّا رآى النبّيالطفيل رفَعَ صوتهبالقرآن فأبى الله إلاّ أن يُسمِعَ الطُفيل بعض الكَلمات ، ففكَّرَ الطفيل قليلا ثم قال في نفسه وَيحَكَ يا طفيل أنت رجلٌ شهم فأ تخاف منه أن يَسحَرك ؟ ! والله لعيبٌ عليكَ ، فاقترب الطفيل من النبّي و أخَذَ يسمع منهالقرآن فلمّا انتهى النبّي من تِلاوته انصرف إلى بيته فتَبِعه الطُفيل و طرق بابه ففتح له النبّي فقال الطُفيلللنبيّ إنّ قومك قالوا فيك كذا و كذا لذلك وضعتُ القُطن في أذني كي لا أسمعك غير أني وجدت فيما تدعوا إليه خير ، فأسلم الطفيل بن عَمْرْ و قال للنبّي بماذا تأمرني يا رسول الله؟ فقال له النبّي اذهب يا طُفيل إلى قومك و ادعُهم للإسلام و ابقَ بينهم حتى تُسلم دوس ثمّ ائتني بهم يوم يُظهرني الله ، فقال له الطُفيل يا رسول الله أُدْعُو الله أن يجعل لي آية فدعا الرسول الله أن يجعل لطُفيل آية ،فوجد الطُفيل بَياضًا في وجهه كالنور فقال يا رب ليس في وجهي فجعلها الله في صَوتِ الطُفيل ، ثم رجع الطُفيل إلى قبيلته و دعاهم إلى الإسلام فأسلم والده و والدته و رجلٌ واحد فقط من دوس و قد كان هذا الرجل هو أبو هريرة ، و قد رَفضَت دَوس الإسلام و بقيت على كُفرها سنة بعد دعوة الطُفيل لهم ، فرجع الطُفيل إلى النبّي و أخبره بأمر قبيلته فقال له يا رسول الله كفرت دوس و أَبَتْ الإسلام و عاندتني ،فرفع الرسول يديه لربِّه فظنّ الطُفيل أن الرسول سيدعو عليهم فقال له يا رسول الله قومي قومي ، فإذ بالنبّي يدعو و يقول اللهم اهدي دوس و ائت بهم ، ثم نظر للطُفيل و قال له اذهب يا طُفيل سَيهدِهِم الله و لكن اصبر عليهم ، فرجع الطُفيل إلى دوس و صبَر على قومه ، و بعد رجوع النبّي من فتح خيبر رأى غُبَارًا كثيفًا يسّدُ الأفق و يقترب من المدينة فكان الغُبار قبيلة دَوْسْ جاءت بقِيادة الطُفيل بن عَمْرْ لمُبايَعةِ النبّي .


    و في آخر يوم من الحجّ من سنة 11 للبعثة قَابَلَ النبّي سِتة شُبّان من الخزرج أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث ويعرف بابن عفراء، وهم من بني النجار، ورافع بن مالك بن العجلان وعامر بن عبد حارثة وهما من بني زريق، وقطبة بن عامر بن حديدة من بني سلمة، وعقبة بن عامر بن نابىء من بني غنم، وجابر بن عبد الله بن رباب من بني عبيدة، يترأسهم شاب اسمه أسعد بن زرارة من بني النّجار ، فالتقى النبّي بهم عند الحلَاَّق فقال لهم أ أنتم من بني يهود ؟ فقالوا له لا ، فقال لهم أتجلسون معي لأكَلِّمَكُم ؟ فقالوا له قُلْ، فقال لهم النبّي إنِّي رسول الله إليكم و دَعَاهم للإسلام ، فنظر الشُبّان لبعضهم و قالوا لبعضهم البعض هذا هو الرجل الذي كانت تَتَوعدُنا به بنو يهود! فلنسبقهم إذن إليه ،ثم قالوا للنبّي لقد جِئْناك و ما من قوم بينهم من العداوة أكثر ممّا بيننا و لعلّ الله سيُصلحُ بك ما بيننا غير أنّنا سنذهب و نعود إليك بعد سنة و ذلك لكي يُحضِرُوا معهم نفرًا من الأَوْس ، فقال لهم النبّي نعم لكُم ذلك فالتقوني في هذا المكان بالعقبة العام القادم .


  2. #14
    عضوة جديدة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    35
    معدل تقييم المستوى
    12
    و في العام الموالي رجع الشُبّان الستة ليُلاقوا النبّي في نفس المكان غير أنّ عددهم زاد هذه المرّة و أصبحوا إثني عشر ،ثمانية منهم من الخزرج و ستة منهم من الأوس بمن فيهم أسعد بن زرارة _ سعد بن الربيع _ سعد بن خيثمة _ المنذر بن عمرو - سعد بن عبادة _ عبد الله بن رواحة _ البراء بن معرور _ أبو الهيثم بن التيهان _أسيد بن حضير _عبد الله بن عمرو بن حرام _ عبادة بن الصامت و رافع بن مالك بن عجلان . ،فَفَرِح النبّي بهم ثم قال لهم أتُبايعونني على أن لا تُشركوا بالله شيئًا و لا تسرقوا و لا تزنوا و لا تقتلوا أولادكم و لا تأتوا ببهتانٍ و لا تعصوني في معروف ، فقالوا له قَبِلنا يا رسول الله و عاهدوه ، ثمّ رجعوا إلى المدينة المنورة فأرسل الرسول معهم مُصعب بن عُميْر ليُعينَهُم هو أيضًا على الدعوة ، ففتَح أسعد بن زرارة بيته للدعوة إلى الإسلام لتبليغ رسالة النبّي و نشرها بالمدينة فتوافد عليهم الناس و أسلم الكثير بين يديهم ، فسمع بهم سَعد بن مُعاذ فأنكر عليهم هذا الفِعل غير أنّه استحى أن يذهب إليهم ليَكُفّهُم لأنّ أسعد بن زرارة ابن خالته فأرسل إليهم أُسيد بن حُضير ، فذهب إليهم أُسيد فرآه أسعدفأخبر مُصعب ليَستَعِد للِقائِه فكلّم أُسيدمُصعب و هو حاملٌ حربتَهُ و قال له من أنت و ما الذي جاء بك إلى بلادنا ؟ فردّ عليه مُصعب و قال له هل لك في أن تسمع مني فان أعجبك فهو خير و إن لم يعجبك تركت لك المكان ، فأنصت أُسيدلمصعب ثم استوى و ألقى حِربته و قال لمُصعب ماذا تفعلون لتدخلوا هذا الدِين؟ فقال له مُصعب تغتسِل و تُنظف ثِيابك و تشهد أن لا اله إلا الله و أنّ محمدا رسول الله ففعل أُسيد ذلك و أسلم و لَقِيَ النبّي يوم بيعة العقبة و كان من بين الاثني عشر رجلاً ، و قد أراد أُسَيد أن يجعل سعد بن مُعاذ يُسلم لأنه سيّدُ قومه و إن أسلم هو ستُسلم سائر قبيلته ، فذهب أُسيدلسعد و قال له يا سعد إني أخشى على ابن خالتك أسعد بن زرارة لأن بعض الناس يُريدون قتله ليحَقِّرُوكَ به، فذهب سعدإلى أسعد فوجد مُصعب يدعو الناس فجلس و سَمِعَ منه فأعجبه و أسلم هو أيضًا ، ثم رجع إلى قومه و قال لهم يا قوم ما رأيكم بي؟ فقالوا له أنت سيِّدنا ،فقال لهم و ما رأيي فيكم؟ فقالوا له أفضلنا رأيًا ، فقال لهم فإنّ الكلام مع رجالكم و نسائكم عليّ حرام حتى تُؤمنوا بالله وحده ،فأسلموا جميعا و بالتالي أسلمت قبيلة بني شهل كلها استجابة لسعد بن معاذ.
    و هكذا بدأ انتشار الإسلامبالمدينة المنوّرة بفضل أسعد بن زرارة و سعد بن مُعاذ و أُسيد بن حُضير و مُصعب بن عُميرو الأنصار و قبل هذا و ذاك بفضل اللهو دعوة نبِّيه الرسول .
    و بعدها هاجر النبّي إلى المدينة و مات أسعد بن زرارة بعد سنة من هِجرة النبّي و مات مُصعب بن عُمير بعد سنتين من هِجرة النبّي و مات سعد بن مُعاذ بعد ثلاثة سنواتمن هِجرة النبّي ، كأنّ اللهيُعلّمنا بذلك أنّهم قد أدوا ما عليهم في تبليغ رسالة النبّي بين الناس و لا بد من تَلَقِيهم فورًا مُكافئتهم ألا و هي الجنّة .
    و يقول النبّي عن سعد بن مُعاذ أنّه أَسْلَمَ و عُمره ثلاثين سنة و استُشهد و عمره سبعة و ثلاثين سنة و عند مَوتِه اهتز له عرش الرحمن و شَهِد جنازته سبعين ألف مَلَكْ حبًُّا و كَرامةً له من الله ، فسبعُ سنوات إسلام فقط اهتز له عرش الرحمن من صنائعه للإسلام! فما فعلناه نحن طيلة مُدّة إسلامنا و قد عَمَّرْنا بإسلامنا أكثر منه بكثير ، فأتُراه قد يهتز لنا لن أقول عرش الرحمن طبعًا لا أحلم ؟ ! غير أني سأقول رجلٌ أو امرأة...إن لم أقلْ طفلٌ!..أو قد أصمُتْ و أُقِّرْ بأنّه لن يكون هُناك أحد ..!!! .
    فا للهم أعّنا على تبليغ رِسالة نبيِّك في أمتّه و في العالم أجمع و أعّنا على نُصرة الإسلام و أعزَّهُ بنا و اجعلنا نَسيرُ على خُطى الحبيب النبّي فنتَبعَِ رَكَْبَ سعد بن معاذ يارب العلميـن

  3. #15
    عضوة جديدة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    35
    معدل تقييم المستوى
    12
    بيعــــــــة العقبــــــة

    لقد نجح الرسول بفضل الأُسُسْ و القواعد التي انتهجها في دَعوتِه للقبائل المُجاورة لقُريش ، فقد أزهرت أخيرًا تخطيطاتُه للهِجرة و أثمرت على إِثرها بيعة العقبة الأولى لِيَحينَ قِطافُ الثِمّار بعقد بيعة العقبة الثانية ، فيكون بذلك البَيْعُ كَبير و الرِبحُ وَفِير كيف لا و السِلعة سِلعةُ الله و الغَلَّّّّة غلّةُ النبّي و أصحابه تَعلُوها يَدُ الله فوق أيديهم .
    فبعدما كان عدد المُبايعين في بيعة العقبة الأولى سنة 11 للبعثة اثني عشر أصبح مُبايعي العقبة الثانية خمس و سبعون نفرًا سنة 12 للبعثة بمن فيهم ثلاثة و سبعين رجلا و امرأتان .
    و تحدث النبّي عن أَثَرِ بيعة العقبة الثانية فقال قبل أن أقَابلَ الأنصار التقيتُ بمُصعب بن عُمير فسألته عمّا جرى معه و هو في رِحَالهِم ، فقال لي معي وَفدٌ يضم خمس و سبعين نفرًا بمن فيهم امرأتين و قد أخبرني أيضًا عن بعض الجوانب في المدينة .
    و بعد ذلك أتى إلى النبّي قائد الوفد البَراء بن مَعرُور و الشاعر سعد بن مالك فسلَّمَا على الرسول فاستبشر النبّي خيرًا و حدّدَ لهم مَوعِدُ اللِّقاء بهم ، فاختار آخر يوم بالحجّ كيومٍ للّقاء و اختار مُنتصف الليل كساعةللّقاء و اختار العقبة كمكانٍ للِّقاء ، فحدث اللِّقاء مثلمّا حدّده النبّي و اجتمع بالوفد عند العقبة و معه عمّه العبّاس الذي تولى أمره بعد وفاة عمّه أبي طالب .
    فجلسوا جميعا و فتح العبّاس الاجتماع فقال لهم يا معشر الأَوْسِ و الخَزْرَج قد عَلِمنا بحضُورِكم اليوم و اعلموا أنّنا نحن بنو هاشم نحمي محمـد فان كُنتم تَرغبون أن يأتيكُم فتُعاهدونَه على حِمايته و إلاّ فنحن قادرون على حمايته ، فقالوا له لقد سمِعنا مقالتك يا عبّاس فتكلم أنت يا رسول الله و اطلب لنفسك و لربّك ، فتلا النبّي القرآن و حمد اللهو أثنى عليه و رَغّبَهُم في الإسلام ،ثم قال لهم أتبايعونني على السَمْعِ و الطَاعة و على الإِنفاق في العُسر و اليُسر و على الأَمر بالمعروف و النَهي عن الُمنكر و على أن لا تأخذكم في الله لومة لاَئِم و على أن تمنعوني كما تمنعون نِساءكم و أولادكم ؟ !
    فقالوا له ما لنا إن فعلنا ذلك ؟ فنظر النبّي إليهم و قال لهم الجنّة فسكتوا ، فقام البراءُ بن مَعرُور و قال للرسول أُمدُد يدك يا رسول الله فنحن أهل الحرب وَرِثناها كَابِرْ عن كابر عن كابر و لك ما أردت و سنحميك كما نحمي أبناءنا ، ثم قام أبو الهيثم ابن تيمان و قال للنبّي يا رسول الله إنّا بيننا و بين اليهود علاقات حميمة و إنَّ بقدومك قد نقطعها فهل إذا أظهرك الله عُدْتَ إلى قومك و نكون نحن قد قطعنا حبائِلَنا مع اليهود؟ ! فابتسم له النبّي و قال بل الدَّمْ الدَّم و الهَدْيْ الهَدْيْ ، و قصد بقوله الدم و الهدي أنّه لن يحول بينه و بينهم إلاّ القتل و القبر ، ثم قال لهم أنا مِنكم و إليكُم أساندُ من ساندتم و أحاربُ من حَاربتُم ، ثم قام أسعد بن زرارة و قال للوفد أنظروا على ما تُبايعون الرجل إنّكم تُبايعونه على مُحاربة العرب و العجم و الأبيض و الأسود فان كُنتم ستخذلونه فاتركوه من الآن ! فقالوا له بل رَبِحَ البيع لا نُقِيلُ و لا نَستَقِيل ، فقال لهم النبّي ألا إنّ سِلعَةَ الله لغالية فهل مِن مُشَمِّرْ للجنّة ؟ فتقاتل القوم على مَسْكِ يد النبّي كلٌ منهم يظنُّ أنه من سيُبايع الرسول أوّلا سيدخل الجنّة أوّلا ، فبايعهم الرسول ثم قال لهم أَخرِجُوا لي اثني عشر نقيبًا ، فانتخب الجمع و اختاروا 12 نقيبا تسعة منهم من الخزرج و ثلاثة من الأَوس ، فقال لهم النبّي أنتم كُفَلاءُ على قومكم و أنا كَفيلٌ على قومي حتى آتيكم ، ووقتها صَرخَ رجلٌ من على الجبل و قال يا معشر قريش أدركوا محمد و الصِّبَاءْ فإنّ محمد قد اجتمع على حَربِكم ، فقام العبّاس بن فضلةو قال للنبّي دعنا يا رسول الله نَمِيلُ على أهل مِنَنْ بأسيافنا الليلة ، فقال له النبّي نحن لا نُؤمَرُ بذلك أبدًا و طلب منهم الرُجوع إلى رِحالهم و النومَ مع قومهم و أمَرهُم بترك مكة في الصباح الباكر ، فكان ذلك و مِثلما أشارَ النبّي فقد تركوا مكة في الصباح الباكر إلاّ اثنين منهم سعد بن عُبادة و المُنذر بن عَمْرْ قد تخلفوا عن البقيّة و تأخروا قليلا فمسكتهُم قريش ، فسمع بهما العبّاس فأتاهما و سَألهما إن كانا يعرفان أحدا من أهل مكة ليُساعدهم ،فقالا له نعم إنّ لنا مع أبي سفيان تِجارة فأشار عليهما أن يَصرُخا باسمة ليجيرَهُما ، ففعلا ذلك فأطلقتهما قريش و عادا إلى يثرب .
    و بعدها جمعَ النبّي الصحابة و قال لهم إنّ الله جعل لكم بلدًا خيًرا من بَلدِكُم هذا و أهلا خيرًا من أهلكم بيثرب فحثّهُم على الهِجرة إليها ، فخرج الصحابة من مكة إمّا خِلسةً و إمّا عَلَنًا جِهَارًا لا يخافون في ذلك لومَةَ لائِمْ كما فعل عمر بن الخطاب يوم خُروجه نادى في قُريش و قال لهم من أن أراد أن تثكُلَه أمُّه أو تُرمّل زوجته أو يُيَتَّمَ أولاده فليلقني غدا و أنا خارجٌ من مكة إلى المدينة ، فلم يتجرأ أحد على الخروج في إثره و التصَدِي له .
    و هكذا أمرَ الرسول جميع المسلمين بالهِجرة إلى يثرب فخرجوا جميعًا من مكة مُتجِهين إلى المدينة لِتُصبِحَ المدينة بذلك طَوْقَ نجاتِهم من أهل مكة و سَفينَةَ الإسلام التي عَبَرَ عليها المسلمين ليرسُوا في الأخير عل

  4. #16
    عضوة جديدة
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    35
    معدل تقييم المستوى
    12
    الهـــــجرة

    لمّا وجَدَ النبّي الحُضْنَ الدافئ و الحِصْنَ الحَصِين بالمدينة المُنوّرة أمرَ الصحابة بالهِجرة إليها لتفادي تكَالُبَاتِ قُريش المُسعَّرَة التي تفاقمت مُؤخرًا و مَسَّت الذِّروة بل تجاوزتها و بلغت الحُلقُوم في السنة الثالثة عشرة للبعثة ، فهاجر مُعظم مُسلمِي مكة إلى المدينة و استقروا بها إلاّ أنّ النبّي قَعَدَ بها و قد أخَّر هِجرتَه إلى الأخير حتى يضمن بذلك سلامة جميع المسلمين ووصُولهم إلى المدينة دون أدنى أذّيّة و بأمان تام .
    و في تلك الأثناء تفطنت قُريش لهِجرة النبّي فجَّنَّ جُنونُها و تخوّفت على مَصالحِها التي أصبحت مُهددة بين العرب ، فسارعت إلى عقدِ اجتماع طارئ بدار النّدوة بحضُور رؤساء قريش أبي سفيان _ أبي جهل _ البحتُري بن هِشام _ ابن خَلَف _ عُتبة بن الربيعة و شيبة بن الربيعة و غيرهم ..، و قد اتفق الجَمع على فِكرة التخلُّصِ من محمـد بأيِّ طريقة و مهما كان الثمن ، فأشار عليهم أحدهم بأن يطردوه من مكة غير أنّ أبا جهل أبى ذلك و خاف أن يستعين بالعرب عليهم ، فأشار عليهم آخر أن يربِطُوهُ و يُقَّيِّدوه بالحديد فلم يقبل بذلك أبا جهل لأنّه رأى أنّ ربطه بالحديد قد يجعل عشيرته من بني هاشم ُتسارع لفكِّه و إطلاق سراحِه ، فتعددت الأفكار و تضاربت الآراء بينهم إلى أن توصَّل أبو جهل إلى فكرةٍ جهنّمية و حلٍّ أرضى جميع الأطراف و هي تجنيد شاب من كل قبيلة يُساهم في قتل محمد حتى يتفرق دمُه بين العرب و بذلك لا تستطيع قبيلة بني هاشم مُجاراةَ كل القبائل و الانتقام منهم و بذلك يموت محمد فتموت معه رسالته .
    فمَكَرت قريش للنبّي غير أنَّ خُبثهُم و مَكرهم هذا باء بالفشل الذريع لأنّ النبّي تَخَطَّى مِن أن يُخَطَ له بَشريًّا كونه مَحفُوفٌ بأجَلِّ تخطيط و هو التخطيط الربَّاني ، فأنزل الله جبريلعلى النبّي و أنبأه بما يُحَاكُ له و أمره بالخُروجِ من مكة ، فكان ذلك و أوّل ما سمِعَ النبّي بالأمر قصد صاحبه أبا بكر و أعلمه بالخبر ، فقال له أبو بكريا رسول الله الصُحبة الصُحبة ، فقال له النبّي نعم يا أبا بكر ، فبكى أبو بكر من شِّدّة فرحته بخروجه مع النبّي فسارع و أحضر راحلتين راحلة له و راحلة للنبّي الذي لم يأبى إلاّ أن يدفع له النبّي ثمنها .

    كما عمَدَ الرسول إلى إرجاع كلّ الوَدائِعِ التي استعارها من قومه و أوصى بها إلى ابن عمّه علّي بن أبي طالب كما طلب منه أن يَنُوبَهُ تلك الليلة و يأوي إلى فِراشه بدلاً عنه لكي يُشَوِّشَ تفكير قريش فتظّن أن النبّي مُلازم بيته و لم يبرحه إلى أي مكان ، فانطلت الحيلة على قُريش فخرج النبّي من بين أعين الشُّبّان دون أن يلمحوه لأنّه أخذ حُفنةً من التُراب و رماها عليهم و هو يتلو قوله ۝۝﴿و جَعَلنَا مِنْ بَينِ أَيدِيهِمْ سُدَّا و مِنْ خَلفِهِمْ سُدَّا فأَغْشَيناهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ،فأغشى الله أبصارهم و لم يُبصِروا خُروجه و لمّا دخلوا إلى بيته وجدوا عليّا مُستَلقيا في فراشه و مُغَطى ببُردته فاندهشوا و اشتدّ غَيضُهم كون النبّي نجا من بين أيديهم بأعجُوبة و فَوَّتَ عليهم فُرصَةَ قتله ، ووقت غَفوتِهِم قصد النبّي أبا بكر و خرجَا معًا إلى المدينة غير أنّ النبّي غّيَّر وِجْهَتَه لأنه قَدَّرَ و تَفَطَن لتفكير قُريش و أحَسّ بخُروجهم وراءه للبحث عنه ،فاختار النبّي غار ثور مأوى له قبل أن يُباشر رحلته إلى المدينة و كانت أسماء ابنة أبي بكر تمُّدهم بالأكل طِيلة مدّة مُكوثهما بالغار رغم حملها ، فتحمّلت مَشَقَة الصُعود و الهُبوط إلى الغار ، كما تحمل النبّي و صاحبه أبو بكربالموازاة ضيقُ الغار و وِحشته ، فمرّة غَفَى النبّي على فخذي أبي بكر و بينما هو يَسُدُّ فُتَحَ الغار برجليه تسللّت حيّة من الغار و لَسَعَت أبو بكر فمن شِدّة تألمه دمعت عيناه و نزلت الدموع على وجه النبّي فاستيقظ ووجد أبا بكر يبكي فقال له ما يُبكِيكَ يا أبا بكر ؟ ! فقال له لقد لسعتني حيّة ، فقال له النبّي و لمًَ لمْ تقل لي ! فقال أبو بكر لم أُرِد أن أوقضَكَ يا رسول الله ، فنفث النبّي عليه فبرأ ، و طِيلة تلك المدّة ظلّت قريش تبحث عن النبّي و تقتصي أخباره و تقتفي أثار أقدامه إلى أن وَجدُوها تنتهي إلى فُتحة الغار ، غير أنّهم لم يُحبّذوا فِكرةَ تواجده به خصوصًا أن الغار كانت به حمامة تبيض و عنكبوتٌ لم يُقطع نسِيجُها ، ووقتها قال أبو بكر للنبّي لو نظروا إلى أرجلهم لرأونا إلاّ أنّ ثقة النبّي بربّه كانت أقوى فأنجاهما من قُريش التي غَضَّت نظرها عن البحث في الغار و غادرته اختياريًا لتواصل بحثها في كل الأمكنة و الطُرقاتِ إجباريًا .
    كما حاولت أن تُغري الناس ليدلُّوهم عن مكان النبّي و بلغت رِشوتهم لهم إلى مائة ناقة ، و كان سُراقة بن مالك من السبّاقين الذين خرجوا في إِثر النبّي و قد وجدهم حقًا و أوّل ما لمحهم تَبِعهم بفرسه و كان أبو بكر وقتها يلتف حول النبّي تارة يمينًا و تارة شمالاً و تارة إلى الخَلف ليحميه إذا ترصد له أحد ، و قد رأى سُراقة لما اقترب منهم هو والنبّي و دليلهما أُريقد ، فنبّه أبو بكر النبّي و قال له احذر فارسٌ خلفك ، فدعا النبّي ربّه و قالاللهم اكفينه بما شئت و كيف ما شئت إنّك على ما تشاء قدير، فوقع سُراقة من على فرسه فاستغرب ثم نهض و ركب فَرسَهُ مُجددًا و لحَِقَ بالنبّي فسقط مرة ثانية و ثالثة ..ففهِم سُراقة أنَّ بالأمر رَيْبْ فقال للنبّي أعطني الآمان يا محمـد ، فقال له النبّي لك الآمان يا سُراقة ، فقال سُراقة يا محمـد كنت أريد المائة ناقة فأعطني شيء تُعوِّضني به، فقال له النبّي أعِدُك بسِوَارَيْ كِسرى يا سُراقة ، فتعجّب سُراقة و قال للنبّي كِسرى من ؟ ! ملك الفرس؟ !! فقال له النبّي نعم ، فانتهز سُراقة الفُرصة و قال للنبّي أتكتُبُها لي ؟ فكتبها له أبو بكر بطلب من النبّي ، و مرَّت الأيام و السنين و فُتحت مكة و فُتحت كِسرى ووقف عمر بن الخطاب بين الناس و نادى على سُراقة بن مالك فجاءه و هو شيخ عجوز ، فقال له هَاكَ يا سُراقة سِواري كِسرى اللذان وعدك بهما النبّي ، فلبسهما أمام الناس و قال صدق رسول الله ، فهكذا صَدَقَ وعد النبّي لسُراقة و صَدَق ظنّه بربّه حين قال لصاحبه أبي بكر و هُما بالغار ما بالك باثنين الله ثالثهما ، فسَلِم الرسول من قُريش و من سُراقة و سَلِمَ من الخطر إلى أن وصل إلى المدينة المنوّرة هاته الأخيرة التي انطلقت أفراحها بحُلول خير خلق الله الشافع و المُشفّع و قُرة الأعين النبّي محمد

صفحة 4 من 10 الأولىالأولى 1234567 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. سالتي إليكِ يا فتاة كوني كما أرادكِ الله فلا تتبرجي
    بواسطة عبيـر* في المنتدى اسرار البنات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 29-01-2012, 09:50 PM
  2. كل ما تريدينه عن نبيك محمد
    بواسطة miss.manoor في المنتدى اسرار البنات
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 18-07-2009, 06:40 AM
  3. قرانك شفيعك
    بواسطة يمنى عبدالعزيز في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 16-04-2009, 08:17 AM
  4. سلسله موضوعات اعرفى نبيك صلى الله عليه وسلم ( اعرفى نبيك )
    بواسطة ملك الاموره في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-06-2007, 10:54 PM
  5. انصر نبيك محمد صلى الله عليه وسلم
    بواسطة tamooh في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-02-2006, 01:03 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أهم المواضيع

المطبخ

من مواقعنا

صفحاتنا الاجتماعية

المنتديات

ازياء | العناية بالبشرة | رجيم | فساتين زفاف 2017 | سوق نسائي | طريقة عمل البيتزا | غرف نوم 2017 | ازياء محجبات | العناية بالشعر | انقاص الوزن | فساتين سهرة | اجهزة منزلية | غرف نوم اطفال | صور ورد | ازياء اطفال | شتاء | زيادة الوزن | جمالك | كروشيه | رسائل حب 2017 | صور مساء الخير | رسائل مساء الخير | لانجري | تمارين | وظائف نسائية | اكسسوارات | جمعة مباركة | مكياج | تسريحات | عروس | تفسير الاحلام | مطبخ | رسائل صباح الخير | صور صباح الخير | اسماء بنات | اسماء اولاد | اتيكيت | اشغال يدوية | الحياة الزوجية | العناية بالطفل | الحمل والولادة | ديكورات | صور حب | طريقة عمل القرصان | طريقة عمل الكريب | طريقة عمل المندي |