بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة إلى معلمة:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد
فهذه رسالة ل
كل معلمة أيا كان حالها ومكانها وزمانها، وكل من تشرفت بحمل هذه:الرسالة النبيلة والأمانة العظيمة فأقول
أيتها المعلمة:
حق لكل أب وأم أن يفخر بِك معلمة لأبنائهم وفلذات أكبادهم، فكل الألسن تلهج بالدعاء لِك، لك أنِت يا صانعةالأمهات، الجميع يشعرون لِك بالفضل بعد الله *عز وجل*، وأنِت من تجلسين الساعات الطويلة كل يوم معبناتهم للتوجيه والإرشاد، أنِت أيتها المربية من تزرع الأخلاق والآداب في نفوس بنات المسلمين، أنِت منحملتي الأمانة لنشر العلم والتأديب والتهذيب بين بنات المسلمين، أنِت أم حنون لِك صغيرة، وأخت عطوف لِك..كبيرة فإليِك أيتها المعلمة كل تقدير واحترام.. وكل شكر وامتنان
لا تعجبي يا مربية الأجيال من هذه المقدمة فهي ليست كلمات إطراء ولا عبارت مجاملة وثناء، بل هو واللهالحق متى ما قمِت بهذا الدور العظيم، وأديِت الأمانة على الوجه الذي يرضاه الله *جل وعلا*، إن الجميع يأتونلِك كل صباح بأغلى ما يملون *فلذات الأكباد* فلا يطمئنون حتى يتجاوزوا عتبة باب المدرسة، يسلمونك قلوبا!!خالية لتملئيها بمداد التربية والتعليم. أفلا نقدر لِك قدرك ونعتز ونفتخر بِك
ما الفخر إلا لأهل العلم أنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل أمرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حيا به أبدا *** الناس موتى وأهل العلم أحياء
أيتها المعلمة:
هل تساءلِت يوما كم عدد الطالبات التي يخرجن كل صباح ليجلسن بين يديِك كم عدد الساعات التي يقضيهامئات الألوف من الطالبات معك إنها أعداد خيالية وأرقام عجيبة، مسؤوليات وواجبات وأمانات عظيمة ولابد لها!من التوجيه والتذكير بل لابد من عقد الندوات والمحاضرات والمقالات، لماذا؟لتجني ثمار يانعة وكاسب رائعة من تسمو لمعرفة عيبها وتقصيرها، وتسعى إلى تطوير نفسها وتقدمها أخلاقاومعاملة، وعلما وثقافة، ولا يمكن معرفة العيوب والتقصير وتربية النفس والتطوير إلا بالتواضع والتناصح والحرص.على مكارم الأخلاق، فالتدريس فن ومهارة وأخلاق ومعاملة.
أيتها المعلمة: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا» كمافي [صحيح مسلم]، و«إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت.[ليصلون على معلم الناس الخير»* كما في [صحيح الترمذي، صححه الألباني.
قال النووي *رحمه الله*: "ويجب على المعلم أن يقصد بتعليمه وجه الله، وألا يجعله وسيلة إلى غرض دنيويفيستحضر المعلم في ذهنه كون التعليم آكد العبادات ليكون ذلك حاثا له على حياه من مكدراته و مكروهاته.مخافة فوات الفضل العظيم". أهـ.
إًذا فالتعليم عبادة لله تؤجرين عليها، فيها فضل عظيم وخير جسيم متى ما صلحت النية وكان القصد وجه الله،والنية الخالصة تفرض عليِك أيتها المعلمة رقابة داخلية وإتقانا للعمل وأداء للأمانة وخوفا من الله لا من الناس،وتشعرين *أيضا* بحلاوة التعب وقيمة الساعات التي قضيتها داخل المدرسة. هذه من ثمرات الإخلاص، وما..عند الله خير وأبقى.
أمانة ومسؤولية:
لابد أن تكون نظرتِك بعيدة وطموحِك أبعد فأنِت من صناع الحياة، نعم تصنعين الحاضر بتربية جيل من بناتالمسلمين تربى على تقوى الله، واستنار بهدى القرآن، وارتوى من منهل السنة النبوية تصنعين المستقبل إن.طالبات اليوم أمهات المستقبل ومعلمات الغدالتعليم والتربية لا يتحملها إلا الجادات الصادقات المخلصات، فلابد من المتابعة والاهتمام بهذه الأمانة، فهي.صفة من صفات المؤمناتفيا أيتها المعلمة: إن التدريس أمانة ومسؤولية عظيمة ستسألين عنها وستحاسبين على كل صغيرة وكبيرة،.إن كان خير فخير وإن كان شرا فشر.
التربية والتوجيه:
إن التربية والتوجيه من أعظم ما تحتاجه الطالبة في هذا العصر الذي كثت فيه الفتن ووسائل الفساد.. فيوقت تساهل فيه الآباء والأمهات عن أداء هذا الدور بل ربما تخلوا عنه بالكلية، وهنا يأتي دورِك أنِت أيتهاالمعلمة الغيورة، يأتي دورِك أنت أيتها المصلحة الناصحة ذات القلب الرقيق، واللمسات الحانية والأسلوبالمهذب، الخبيرة البصيرة بسلوك الطالبات وطباعهن. تلك المعلمة التي نذرت نفسها، معلمة صادقة، ومربيةحكيمة، وأما حنونة، يدفعها إخلاصها 쌻ጏ وتوجيهها لتلميذاتها وحرصها على الإصلاح، وطلبها الأجر والثواب...[ «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم» [رواه البخاري].
المعلمة المسلمة.. حسنة الخلق لينة القول، رقيقة الخطاب، اجتماعية فعالة مؤثرة، صاحبة رسالة فيالحياة، حيثما وجدت كانت منار إشعاع، ومشكاة هداية ، ومصدر توجيه، بل والله هي عامل بناء وتسديد،.بأقوالها وأفعالها، ومظهرها ولباسها.
أستاذتي شمعة للعلم موقدة *** ويا نشيد فم الإخلاص غناه
إليك أرسلت أشعاري مغردة *** والنشد صاف ولحن الشعر تياه
إذا وصلنا برب الكون أنفسنا *** فما الذي في حياة الناس نخشاه
خيرا معلمتي... هنيئا لِك تلك الأجيال التي تخرجت على يديِك فكم من أم كنِت السبب في إصلاحها..!وتوجيهها للخير، هي الآن محضن خير لأبنائها وتربيتها على الإصلاح والخيربل كم من فتاة كنِت السبب بعد الله في إنقاذها من دراكن الجهل والمكر بتوجيهاتِك وإرشاداتِك!، وكم من فتاةتلهج بالدعاء لِك والثناء عليِك قد غفلتي عنها بل نسيتها لكنها لن تنسى معروفك الذي بذلته من أجلها بل لن ينساه ربِك *عز وجل* القائل: (أني لا أضيع عَمَلَ عاِمٍلِ مْنُكْمِ مْنَ ذَكٍر أَْو أُْنَثى بَْعُضُكْمِ مْن بَْعضٍ) [آل عمران]
وأخيرا .. فهذه رسالة عاجلة، وإرشادات وهمسات أسأل الله العظيم أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن يعينِك.على كل خير، ويسدد على دروب الخير خطاِك، ويجزيِك خير الجزاء.
واقبلي مني.. معلمتي كل الشكر والامتنان والسلام عليِك ورحمة الله وبركاته
من: أحلام عسيري
مواقع النشر