كان يا ما كان، كان في غولة، وأبو رجل مسلوخة، وإشي عو، وإشي بخ... ده كلام اتربينا عليه، زرع جوانا الخوف والتنفيذ من غير تفكير، افتكرنا إن دي التربية، وكبرنا وخلّفنا، وجينا نخوّف فخفنا، واتعلمنا قصص من تأليف عيال مهماش عيال.





مازن الصغير بيتكلم بالمنطق، آه والله بالمنطق، مفيش ممنوع غير لمّا يعرف ليه بالضبط، وندخل في نقاش وجدال طويل عريض.النهارده جه مازن يحكي لباباه عن استيائه من تكدير مدرس الموسيقى له.مازن قال لأحمد: "يعني أنا اتكلمت في الفصل وقالوا لي غلط علشان دي حصة، قلت ماشي، لكن دي حصة مزيكا، والمدرس بيعزف، أسكت أنا ليه؟ ومكلمش صاحبي ليه؟".لمّا كنا صغيرين كان أكبر أسئلتنا "إحنا جينا إزاي؟"، بس مازن أبو أربع سنين ونص، جه في مرة سألنا عن الحرية، وقال: "يعني إيه حرية يا سالي؟".





بعد تفكير، إزاي نبسط الفكرة، قعد باباه وشرح له حقوقه في محيط عالمه الصغير، البيت والمدرسة... والحقيقة أنا كأم أدركت الوضع المستقبلي، أكيد هتحصل ثورة في البيت، لو طابخة مكرونة، ومازن عرف حقه إنه يختار أكله اللي هو عايزه، مش اللي أنا هطبخه من غير ما آخذ رأيه.. ربنا يسترها علينا.وهنا ساعات كتير بتعب، من كتر الجدل، في حاجات كتير وساعات كتير الشرح بيكون صعب لطفل صغير، وهو نفسه بيقول لي أنا زعلتك يا سالي، طيب خلاص متزعليش مش مهم، نتكلم بعدين.بعقل شديد بيربينا الجيل الصغير ده، جيل محتاج مننا نذاكر كتير، علشان نعرف نكون على قد إمكانياته وفلسفته الكبيرة.وحتى لمّا أقول له ادخل نام، فيها سؤال، ليه يا ماما؟ هندخل ننام ليه؟ إيه بيحصل لجسمنا لمّا ننام.بيدور دايمًا على تفسيرات للي بيحصل حواليه، وبيرفض محاولات معاملته كطفل مش فاهم الحياة، رافض للأوامر من غير فهم واقتناع، رافض للخوف، لمّا أقول له هتقع، يقول لي هجرب، وإيه يعني لمّا أقع.. عادي.مازن ابن جيله، ابن أيامه، زيه زي أطفال كتير اليومين دول، مش هتخوفهم بالعو، علشان يناموا، ولا هيناموا علشان هتدبح لهم جوز حمام، هيقول لي بكل بساطة إيه علاقة إني أنام، وإنك تدبحي لي جوز الحمام؟