هل يعاشر الجني الانسي معاشرة جنسية

[لا بد من العبور]

سمعت في برنامج ( قبل أن تحاسبوا ) في قناة إقرأ
عن هل يتزوج الإنسي من الجني أو العكس
وما دار في البرنامج من حوارات
انه يمكن المعاشرة الجنسية بين الإنسي والجنية
ولكن لا يمكن المعاشرة الجنسية بين الجني والإنسية فلا تستطيع ذلك ولم افهم السبب
وفي سورة الرحمان قوله تعالى

{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} (56) سورة الرحمن

{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} (74) سورة الرحمن

وقيل انه لا يمكن أن يحدث تجاوز بين العالمين ، ولا إنجاب

وان الجني لا يتلبس بالإنسي إنما هو أو كيده لا يتجاوز الوساوس ، فقط
وما نسمع عنه انه حدث تلبس فهذا غير صحيح

رأيكم شيخنا الفاضل فيما سمعنا وفقكم الله وفي الآية الكريمة ،
الحق بعد ان قرات الاية رجعت لتفسيرها لم اجد بغيتي ولكن حدثتني نفسي بارتباط بينها وبين ما سمعته في البرنامج وقلت كيف لا يحدث اتصال جنسي وقال تعالى هذه الاية
هل صحيح ما حدثتني نفسي به نرجو التوضيح

لا حرمتم الأجر

[الشيخ محمد العويد]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً : أشكركم على هذا السؤال لأنه قد خاض فيه بعض ممن يدعون العلم فضلوا واضلوا .

ثانياً : هذه المسألة مما تكلم عنها السلف بكلام متفق ، حيث اتفق السلف على حدوث التلبس .

وقد حكى ابن تيمية رحمه الله إجماع الأئمة أن الجني يمكن أن يتلبس بالإنسي
قال ابن تيمية في الفتاوى ج24 / 276 :
دخول الجنى فى بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة قال الله تعالى الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس وفى الصحيح عن النبى أن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم وقال عبد الله بن الامام أحمد بن حنبل قلت لأبي إن أقواما يقولون إن الجني لا يدخل فى بدن المصروع فقال يا بنى يكذبون هذا يتكلم على لسانه .انتهى كلام ابن تيمية .

والذين أنكروا ذلك هم المعتزلة العقلانيون ، مثل الجبائي وأبي بكر الرازي وغيرهما من المعتزلة .

قال الله تعالى : {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة275

قال ابن كثير رحمه الله :
أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له وذلك أنه يقوم قياما منكرا .

وقال الطبري رحمه الله :
يتخبله الشيطان في الدنيا وهو الذي يخنقه فيصرعه .

عن عطاء بن أبي رباح قال : قال لي ابن عباس رضي الله عنه : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ فقلت : بلى . قال : هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع وإني أتكشف فادع الله تعالى لي . قال : " إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك " فقالت : أصبر فقالت : إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها .
متفق عليه .
قال ابن حجر رحمه الله ج10 / 115 :
وعند البزار من وجه آخر عن بن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت أني أخاف الخبيث أن يجردني فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها .

فهذا دليل على أن الشيطان كان يمسها .

عن عثمان بن أبي العاص قال لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن أبي العاص قلت نعم يا رسول الله قال ما جاء بك قلت يا رسول الله عرض لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما أصلي قال ذاك الشيطان ادنه فدنوت منه فجلست على صدور قدمي قال فضرب صدري بيده وتفل في فمي وقال اخرج عدو الله ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال الحق بعملك قال فقال عثمان فلعمري ما أحسبه خالطني بعد .
رواه ابن ماجه وهو صحيح .

وهذا دليل صريح وصحيح في التلبس .

إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب .
متفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه " .
متفق عليه .

فمسألة التلبس لم تكن خاضعة لخلاف بين السلف بل كلهم متفقون عليها ، وإنما الخلاف بعد حصول فتنة الاعتزال التي جعلت العقل مقدماً على النقل .

وأما بالنسبة للزواج بين الإنس والجن فإليك التفصيل :
يمكن حدوث التزاوج بينهما مع أنه نادر الحدوث .
وإمكانية حدوثه قال به بعض السلف كالإمام مالك وبعض الحنابلة وبعض الحنفية .
وقال به ابن تيمية والطبري وكثير من المفسرين .

قال ابن تيمية في الفتاوى ج19 / 39 :
وقد يتناكح الإنس والجن ويولد بينهما ولد وهذا كثير معروف .
قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - : ( إن بعض الجن يتصور للإنسي في صورة امرأة ثم يجامعها الإنسي ، وكذا يتصور الجني بصورة رجل ويجامع المرأة من الإنس كجماع الرجل للمرأة وعلاج ذلك التحفظ منهم ذكورا وإناثا بالأدعية والأوراد المأثورة وقراءة الآيات التي تشتمل على الحفظ والحراسة منهم بإذن الله ) ( الفتاوى الذهبية – جزء من فتوى – ص 196 )

والأظهر والله أعلم تحريم التناكح بينهما .

ومع أهمية هذا الموضوع إلا أن الخوض في مثل هذه المسائل مما ينبغي تركه وهذا ما نص عليه كثير من أهل العلم لأنه مما يحدث خلافاً للمألوف ، وما يحصل بين الإنس والجن من تزاوج إنما هو خروج عن قاعدة الشرع في تكوين الأسرة المسلمة وتربية الأولاد ، فهل يمكن أن يكون الاستقرار مع زوجة جنية ؟ وهل يمكن تربية أولاد من أم جنية ؟

لعلنا نعرف الجواب بدون كلفة

جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
وثبتنا وإياكم على الحق