رحلات البر العائلية «متعة» لا تخلو من الحوادث والإصابات الجسيمة
تاريخ النشر: الأحد 24 نوفمبر 2013
هناء الحمادي (أبوظبي) - بعد أن تم اتفاق جميع أفراد أسرة سالم السعدي على القيام برحلة برية في ربوع إحدى المناطق السياحية البرية التي تشتهر بها الدولة، وبعد تصور الجميع أن هذه الرحلة ستكون أكثر من ممتعة، لم تكن تدرك أم خليفة أن الرحلة التي تصورتها تحمل لها الأوقات السعيدة مع أسرتها وأطفالها، بأنها ستنقلب إلى ضيق وكدر وفرحة لم تكتمل، حيث تعرضت طفلتها التي لم تتجاوز السادسة إلى حرق في يديها نتيجة اللهو مع إخوتها بـ «شبة النار» التي أشُعلت للتدفئة والطبخ، مؤكدة أم خليفة أنها بدلاً من أن تعود سعيدة من الرحلة البرية عادت محملة بأوجاع صغيرتها نتيجة تعرضها للحرق، وها هي كل يومين تعود للمستشفى لتغير ضماد يد طفلتها مع أخذ جرعات العلاج اللازمة.
الحكاية بطبيعة الحال بدأت مع تغير الجو واعتدال الطقس المائل للبرودة أحياناً، وسقوط زخات من المطر أحياناً أخرى، ما شجع العائلات للخروج إلى البر والأماكن المفتوحة للاستمتاع واللهو، إلا أن البعض أخذه الحماس لدرجة أنه لم يتخذ احتياطاته اللازمة، الأمر الذي أسفر عن وقوع الكثير من الحوادث بعضها مأساوي، وأخرى مؤلمة، نتيجة عدم أخذ الحيطة والحذر مثلاً أثناء إشعال النار للطبخ أو عدم توافر شروط السلامة في المخيمات، لتتحول تلك الرحلات من الفرح والذكريات الجميلة إلى مآسٍ جراء حادث كان يمكن تلافي وقوعه، بأخذ القليل من الحذر واشتراطات السلامة.
حوادث الأطفال
حالة أم خليفة، وغيرها من العائلات، قد ترجع إلى عدم مراعاة شروط الأمان خلال الرحلات البرية، والدليل ما تعرض له الشاب خميس هارون ذات (16 عاما)، حين نسي أهله إطفاء «نار الحطب» المشتعل أمام الخيمة ليلا، ليصحو الجميع على صراخ خميس حين أحس باختناق في التنفس نتيحه غاز أول أكسيد الكربون المنبعث من نار الحطب، ولكن سرعة اليقظة لدى والده الذي لديه معلومات كافية وخبرة في احتياطات الأمن والسلامة في الرحلات البرية والتنفس الاصطناعي حال دون تعرض الطفل إلى الاختناق، حيث قام والده بإجراء التنفس الاصطناعي له، والإسراع به إلى مركز الإسعاف بالمنطقة البرية. ويقول في هذا الصدد، هارون والد الطفل خميس: «كثيرا ما نسمع عن الحوادث التي يتعرض لها الأطفال أو الكبار في رحلات البر، ولكن نتيجة إلمامي بالكثير من المعلومات حول تلك الحوادث وكيفية التعامل معها، ساعدني في إنقاذي طفلي من كارثة مؤلمة ومحققة، لذلك أتمنى من الجميع قبل الشروع في القيام بتلك الرحلات البرية توفير احتياطات الأمن والسلامة كافة لأفراد الأسرة من خلال توفير حقيبة الإسعافات الأولية التي تجنب الجميع الوقوع في أي حادث بري قد يؤدى بحياة أحد أفراد الأسرة.
وفي «عزبة» أخرى، بإحدى المناطق السياحية البرية المشهورة بالدولة، والتي تفتقر فيها معظم العزب لشروط السلامة، يعترف محمد عبد الله (رب أسرة) ، بأنه أثناء انشغالهم بركوب دراجات البانشي، تعرض ابنه لحروق في يديه بسبب العبث بالنار، حين كانوا في غفلة عنه، ويتذكر تلك الرحلة المؤلمة، ويقول: «لم أتصور أن يقوم ابني خالد الذي يبلغ من العمر 5 سنوات الاقتراب من النار، فقد كنت أحذره هو وأخوته من عدم الاقتراب منها، لكن حب الفضول لديه دفع به إلى العبث بها مما تسبب ذلك في حرق في رجله اليمنى، ليتم علاجه في أقرب عيادة صحية التي قدمت له العلاج اللازم، مطالبا أن تتوافر في كل المناطق البرية السياحية التي تتردد عليها الأسر أن يتوافر فيها سيارة الإسعاف أو عيادة متنقلة لإنقاذ أي شخص قد يتعرض لمكروه، خاصة الصغار، بالإضافة إلى ضرورة توافر مركز صغير للدفاع المدني، بالإضافة إلى رجال الشرطة لحماية مرتادي البر من التعرض لأي حادث عرضي.
شروط التخييم
في هذا الجانب، تلفت هناء سيف السويدي رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعة في الشارقة، إلى أن إمارة الشارقة قد خصصت لمرتادي البر أماكن للتجول فيها والتخييم بمناطقها، حيث كل من يريد التخييم في منطقة الكهيف التابعة لمنطقة البطايح بالشارقة، لابد له من ضرورة الالتزام باشتراطات الأمن والسلامة خلال موسم التخييم بحيث تكون مساحة المخيم من 100 إلى 150 متراً، وأن تكون المسافة بين المخيم والآخر معقولة بغرض توفير الاستقلالية، والشعور بالراحة لجميع المخيمين، مبينة أنه من شروط التخييم أيضا عدم دخول الدراجات إلى منطقة التخييم، حيث تم تخصيص منطقة الحمراء بالبطايح لهذه الغاية، لافتة إلى شروط أخرى، مثل عدم إصدار الأصوات المزعجة، وغيرها من التصرفات والسلوكيات غير المقبولة التي لا يتقبلها المجتمع الإماراتي.
وأضافت السويدي: «تقوم البلدية بتوزيع مطبوعات وبروشورات توضح شروط التخييم، والتي تتضمن أن يكون مكان الخيام بعيداً عن الفتحات أو الثقوب الأرضية، كما يجب أن يتم نصب خيمة خاصة بالطبخ والأواني والأطعمة، وتكون بعيدة عن خيمة الجلوس أو النوم، وتكون أسطوانة الغاز خارجها، وأن تقفل الأسطوانة عند الانتهاء من الطبخ أو عند عدم استعمالها، إضافة إلى أن تكون التوصيلات الكهربائية داخل أنابيب، وبعيدة عن أرضية الخيمة، فضلاً عن إشعال النار في موقد خارج الخيمة حتى لا يحصل اختناق من استنشاق غاز أول أكسيد الكربون السام، الذي يؤدي إلى الوفاة عند غلق نوافذ وباب الخيمة».
مؤكدة السويدي أنه خلال فترة تخييم العائلات، يتم تنفيذ حملات تفتيشية بقصد التأكد من التزام الجميع بالشروط وذلك للحفاظ على سلامة الجميع. متمنية من كل العائلات التي تعشق التخييم في البر أن تتقيد بشروط الأمن والسلامة، وذلك لسلامتهم وسلامة الآخرين، وأن تتوافر لديهم أرقام التواصل مع مراكز الإسعاف والنجدة في منطقة التخييم.
سلامة الجميع
وفي منطقة الورقاء الخامسة، بالقرب من حديقة مشرف على شارع المدينة الجامعية بدبي، الوضع لا يختلف عن مناطق التخييم في إمارة الشارقة، فقد اشترطت بلدية دبي بشأن التصريح بالمخيمات الشتوية أن تكون كل الخيام المستخدمة تتوافر بها شروط السلامة، مع توفير طفاية حريق لها، حيث يقول المهندس جابر أحمد العلي، رئيس قسم تفتيش إدارة المباني في بلدية دبي: «في طلعات البر والتخييم بعض العائلات، على الرغم من أنها توفر كل متطلبات الرحلة البرية إلا أنها لا تملك أدنى شروط السلامة، مثل توفير حقيبة الإسعافات التي لابد لكل من ينوى التخييم أن تكون هي أول احتياجاته. ومن أجل سلامة الجميع ولتوفير الراحة والمتعة في أجواء بعيدة عن المخاطر، وفرت بلدية دبي في منطقة الورقاء كل شروط الأمن والسلامة، وذلك بالتنسيق مع إدارة الدفاع المدني والإسعاف وطرق النقل والمواصلات التي تقوم بدور فعال من خلال توعية رواد البر بشروط القيادة الآمنة لدراجات البانشي، كما أن إدارة المرور في موسم التخييم تكثف حملاتها التوعوية حول الابتعاد عن الطيش والتهور أثناء قيادة الدراجات على التلال الرملية أو بالقرب من المخيمات العائلية.
وأشاد العلي بتعاون جميع تلك الجهات مع مرتادي المخيمات الشتوية الذين يسعون بالدرجة الأولى لتنظيم تلك المخيمات، وتحقيق الهدف المرجو من خلال حماية سلامة الجميع، والمحافظة في الوقت ذاته على الصحة والسلامة العامة.
مراقبة الأطفال وتوعيتهم
من جانبها، أكدت الدكتورة ريما سيد (طبيبة عامة)، أن الحالات المرضية التي تسببها الرحلات البرية كثيرة، خاصة في مثل هذه الأوقات مع اعتدال الجو وخروج العائلات لرحلات البر، حيث كثيرا ما يتم استقبال حالات لأطفال أصيبوا في تلك الرحلات، فمن طفل لدغ من حشرة سامة، إلى آخر تناول كمية من الأتربة، وتسببت في انسداد المجرى التنفسي، وثالث تناول كمية من الأعشاب الضارة، ومنهم من تطول مدة بقائه في المستشفى نتيجة تعرضه لحروق بالغة أثناء لعبه بشبة النار في غفلة من الأهل.
وتضيف أن الأسر لابد أن تدرك أهمية متابعة الأطفال الصغار أثناء الرحلات البرية حتى العودة بسلامة إلى المنزل، ولابد من توعية الأطفال الصغار بضرورة الابتعاد عن الشجيرات البرية، وجحور الزواحف، وعلى الأسر تجنب التجمع والتخييم في أماكن الأودية والسيول، نظراً لسرعة تجمع مياه الأمطار والسيول فيها، والتي قد تباغتهم في مثل هذه الأوقات».
وأكدت الدكتورة ريما ضرورة التزود بحقيبة تتضمن الإسعافات الأولية، لاستخدامها في حال حدوث أي مكروه لأحد أفراد الأسرة، وأن يكون هناك شخص مدرب من الأسرة على تقديم هذه الإسعافات، سواء عن طريق الالتحاق بدورة في هذا المجال أو عن طريق التثقيف الذاتي.
إرشادات السلامة في البر
◆ اختيار موقع للخيام بحيث يكون مرتفعاً وبعيداً عن الأماكن المنحدرة، وبعيدة عن الحشرات والقوارض والزواحف السامة.
◆ يجب أن تكون التوصيلات الكهربائية داخل أنابيب خاصة مرفوعة عن أرضية الخيمة، وألا تكون الأسلاك عارية حتى لا يحدث التماس كهربائي.
◆ التأكد من عدم ملامسة المصابيح الكهربائية أو التي تعمل بالوقود قريباً من سقف الخيمة أو ملامسة قماشها أو أعمدتها أو أي مواد قابلة للاشتعال.
◆ يجب أن تكون المصابيح داخل الخيمة على ارتفاع مناسب حتى لا تصيب رأس شاغلي الخيمة، خاصة المصابيح التي تعمل بالكيروسين.
◆ يجب تخصيص أماكن للطبخ وفصلها عن أماكن المعيشة.
◆ إطفاء الجمر والتأكد تماماً من أن النار خمدت وانطفأت قبل النوم حتى لا تؤدي إلى للاختناق بغاز أول أكسيد الكربون أو تكون مسببة للحرائق.
◆ لإشعال الحطب أو الفحم يجب عدم استعمال البنزين لأن البنزين سريع الاشتعال ويفضل استخدام الكيروسين الجاف الذي على شكل قوالب لأنه آمن وأسلم من الكيروسين السائل.
منقول
مواقع النشر