إن الأسس الرئيسية للسعادة متوفرة في دين الله القويم ، وما فيه من حقوق وواجبات لكل منهما على الآخر .
فيجب أن يسود بين كل زوجين سيد الأسس وأولها وهو :
الحب :
عرف الفقيه ابن حزم الحب بقوله : " الحب أوله هزل وآخره جد. دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة ، وليس بمنكر ، ولا بمحظور في الديانة والشريعة إذ القلوب بيد الله عز وجل ، وقد أحب من الخلفاء الراشدين والأمة المهديين كثيراً ، وأفتى ابن عباس بأن قتيل الحب لا دية له ، والحب اتصال بين أجزاء النفوس ".
وقد من الله بالحب على عباده فقال : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة ) الروم آية 21
فجعل المرأة سكناً للرجل يسكن إليها قلبه ، وجعل بينهما خالص الحب ، وهو المودة المقترنة بالرحمة .
وقد قال بشار العقيلي لزوجته :
هل تعلمين وراء الحب منزلة تدنى إليكِ فإن الحب أقصانى
وقال رسول صلى الله عليه وسلم : " حبب إلى من دنياكم ثلاث : النساء والطيب وقرة عيني في الصلاة " رواه النسائي.
الغيرة المعتدلة :
إن الغيرة على المرأة مطلوبة ، والعاقل هو المعتدل في غيرته ، فلا يتغافل عن مبادئ الأمور ، ولا يبالغ في إساءة الظن بأهله ، ولا يتعنت ويجسس البواطن ، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتتبع عورات النساء ، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " إن من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل وهي غيرة الرجل على أهله في غير ريبة " رواه أبو داود والنسائي .
أما الغيرة المحمودة فقد حث عليها الإسلام ، وأمر بها.
فقد قال سعد بن أبي وقاص : " لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتعجبون من غيرة سعد ؟ لأنا أغير منه ، والله أغير مني " رواه الشيخان .
وكان الحسن – رضي الله عنه – يقول : أتدعون النساء يزاحمن الرجال في الأسواق قبح الله من لا يغار .
فيأيتها الزوجة التي تطلب السعادة ، قدري أن زوجك حريص عليكِ من أعين الناس وعلى سمعتك من ألسنتهم ، وكوني حسنة الظن به ، وشاطريه هذه الرغبة في الحفاظ عليكِ ، واشكري له هذا الولاء والإخلاص والحب والرعاية .
التعاون في مهام الأسرة بين الزوجين :
فتحقيق السعادة الزوجية متوقف على مدى التفاهم الصادق ، والتعاون المتبادل بين الزوجين ، وكلما كان التعاون رائدهما في السراء والضراء كان النجاح من دعائم أمنهما ، والسعادة سبيل استقرارهما .
يقول العلامة القرطبي : قال علماؤنا : على المرأة أن تفرش الفراش وتطبخ القدر وتقم الدار بحسب حالها وعادة مثلها .
وللرجل أن يخدم زوجته فيما خف من الخدمة ويعينها لما روته عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في خدمة أهله فإذا سمع الآذان خرج .
وفي أخلاق النبي العظيم صلى الله عليه وسلم أنه كان يخصف نعله ويقم بيته ويخيط ثوبه .
الحذر من البخل ، والتحذير من الإسراف :
ومن دعائم السعادة كذلك : الاعتدال في النفقة فلا ينبغي للزوج أن يقتر على أولاده وزوجته ولا ينبغي له أن يسرف كذلك وخير الأمور الوسط ، والإسلام دين الوسطية ، فأفضل النفقة ما كان على الزوجة والأولاد فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك " إحياء علوم الدين للغزالي .
ورحمة الله على أبي بكر الصديق الذي قال : " إني لأبغض أهل بيت ينفقون نفقة الأيام في اليوم الواحد " .
فإذا حدثت الوسطية تحققت السعادة .
الليــن :
ولكي تستمر السعادة في البيت المسلم لابد أن يكون الزوج لين المعاملة مع أهل بيته فما دخل اللين في شيء إلا زانه ، وأصول الإسلام جاءت لمحاربة الغلظة والفظاظة مع الناس عامة ، ومع الزوجة والأسرة خاصة ، ومن يحرم الرفق يحرم الخير كله .
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة : " إني لأعرف غضبك من رضاك ، قالت كيف تعرفه؟ قال : إذا رضيت قلت : لا وإله محمد ، وإذا غضبت قلت : لا و رب إبراهيم قالت : صدقت وإنما اهجر اسمك " متفق عليه .
تضييق المشاكل :
وأهم طرق السعادة ودعائمها أن لا تخرج المشاكل من جدران المنزل إلى بيوت الآباء والأمهات ، فعلى الزوجين أن يوجدا لمشاكلهما حلولاً داخلية لأنها إذا خرجت إلى أبي الزوج والزوجة فعليهما السلام ، ذلك أن كل واحد منهما سيؤيد رأيه ويتحمس له ، ويزداد الأمر تعقيداً فإذا أردت أيها الزوج سعادة زوجية ، وهناءة عائلية فكن رجلاً مثالياً في معالجتك لما يحدث بينك وبين أهلك من شقاق .
كلمة أخيرة :
فوالله لو اتبع البيت المسلم منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لرفرفت دعائم السعادة على كل ركن من أركانه .
فكن أيها الزوج كما كان رسولك صلى الله عليه وسلم.
وكن كهذا الرجل الذي وصفته زوجته بعد موته بقولها :
" رحمه الله تعالى فوالله لقد كان ضحوكاً إذا ولج ، سكيتاً إذا خرج ، آكلاً ما وجد ، غير مسائل عما فقد " .
بارك الله في الأسر المسلمة ، وكتب لها السعادة ، وأعاد إليها كيانها ، وهدى كل زوج وزوجة إلى صراطه المستقيم .
مواقع النشر