بدأت تظهر في السعودية اشتراطات جديدة وغريبة لإتمام عقد الزواج، تعدت المطالب التقليدية المعروفة، والمتمثلة بالسماح للزوجة بإكمال تعليمها، أو وضع مسكن خاص بها بعيداً عن أهل الزوج. وكان أبرز هذه الاشتراطات أن تكون العصمة بيد الزوجة، مع وضع مبلغ مالي يتجاوز في بعض الأحيان المليون ريال كمؤخر صداق، «سيدتي» أجرت تحقيقاً حول هذا الموضوع وخرجت بالتالي:
رفضت الزواج
بمن تشترط
حيدر القحطاني، المتزوج منذ ما يقارب 3 أشهر، ويعمل موظفاً في إحدى الدوائر الحكومية، يقول: عندما تقدمت للزواج من إحدى الفتيات، فوجئت قبل عقد القران باشتراط أهل الفتاة أن تكون عصمة الطلاق بيد ابنتهم، مقابل تأمينهم للسكن وتحمل الإنفاق، فاعترضت على شرطهم، وتخليت عن الارتباط بفتاتهم. مضيفاً أنه قام بالبحث عن فتاة لا تضع شروطاً تعجيزية، وتم له ذلك مع زوجته الحالية.
ندمت على الموافقة
أما «سعيد الشهراني» فقد تضمن عقد زواجه الحالي شرطاً وضعته الزوجة، وهو أن تسكن بجوار أهلها، رغم أنه يعمل في مدينة أخرى، ويقول: تسبب هذا الشرط في حدوث مشاكل عائلية من جهة، وتهديدي بالفصل من عملي من جهة أخرى، بسبب تأخري الدائم عن العمل. مشيراً إلى أنه رغم مضي ما يقارب أربعة أعوام على زواجه، فهو لا يشعر بالسعادة في هذا الزواج، ولا يعلم كيف وافق حينها على إتمامه.
راتب الزوجة
وأشار «فهد الفايز»، 32 سنة، إلى أن أهل زوجته اشترطوا في عقد الزواج أن يحصل والدها على كل مرتبها، مشيراً إلى أنه وافق على هذا الشرط حتى لا يظن أنه يطمع في هذا المرتب، ويقول: الذي زادني اطمئناناً أنني علمت أن والدها يدخر لها راتبها، وبالعكس موافقتي على هذا الشرط زادت من مكانتي لدى زوجتي وأهلها.
شيك على بياض
«محمد صالح»، الموظف في إحدى الدوائر الحكومية، يقول إن زوجته اشترطت عليه لإتمام الزواج أن يمنحها شيكاً على بياض، ولقد وافق مكرهاً، خاصة وأنه أعجب بالعروس وأخلاقها، ولكنها أعادت له الشيك يوم إنجابها الطفل الأول.
وبين «علي زايد» أن أهل زوجته قاموا بتضمين شرط في عقد الزواج يسمح لابنتهم فور انتهاء الدراسة بزيارتهم والبقاء لديهم مدة الإجازة الصيفية، وقال: كان الشرط غريباً، لكني لم أمانع، ولم ينفذ من قبلهم، فهم يسافرون دائماً في الإجازة الصيفية، وهي لا ترغب في السفر معهم وتفضل البقاء بجانبي.
عاقدو الأنكحة
أما القصص الأغرب، فهي تلك التي يرويها عاقدو الأنكحة، وما يمر معهم من خلال عملهم.
والد العروس تراجع عن طلبات بـ 100 ألف ليعقد بـ 100 ريال
المأذون الشرعي، محمد بن عبد العزيز، بمدينة جدة، يقول: حضرت لعقد نكاح أحد الشباب، وفوجئت بالطلبات التي تضمنت سلسلة بطول متر ذهباً، والعديد من الطلبات تقدر بمائة ألف ريال، فوقف العريس مدهوشاً، وخرج من المنزل، ولم يتم العقد.
ويضيف محمد أنه بعد فترة وجيزة طلب منه والد العروس الحضور لكتابة العقد مرة أخرى، وكان المهر مائة ريال فقط، بدلاً من طلبات المائة ألف ريال. ولم يكن ذلك أقل مهر عقد عليه، بل ذكر أنه عقد بمهر عشرة ريالات لإحدى الأسر في جدة. وعن المشاكل التي واجهها أثناء عمله قال: لعل من أهمها عدم وعي الناس بالأوراق الرسمية المطلوبة للعقد، ففي إحدى الحالات كان ولي العروس متوفى، ولم يستحصل ذووها على «صك حصر التركة» الأمر الذي يبطل العقد ويضع الأسرة في موقف محرج. . . .
العصمة بيد الزوجة
أما المأذون الشرعي عبد العزيز بن راشد الطويرش فيقول: إن من أغرب الشروط التي وردت عليه اشتراط امرأة أن تكون العصمة بيدها، وأخرى رأت في السفر للخارج لقضاء الإجازات ضرورة للموافقة على الزواج، وفي المقابل هناك من تشترط على زوجها أن يأخذها لأداء الحج، وأخريات يمنعن دخول القنوات الفضائية لمنازلهن، مضيفاً بأن أبرز الشروط في عقود الأنكحة السكن ومواصلة الدراسة ووظيفة الزوجة. كما ذكر أن أكبر مهر عقد عليه بلغ 200 ألف ريال، فيما لم يقل أدنى مهر عن ألف ريال.
عقد نكاح في السجن
ويشير الشيخ، أحمد المعبي، قائلاً: في أحد الأيام تلقيت اتصالاً من أحد العرسان، وكان ولي أمر العروس مسجوناً، وكان العريس مستعجلاً في إتمام عقد نكاحه، فذهبت معه إلى السجن، وبعد أخذ الموافقة أتممنا العقد، وفجأة دخل والد العروس في بكاء شديد لا نعرف سببه، ولا أعلم لماذا لم يتم انتظار خروجه لعقد النكاح.
ويواصل الشيخ: المشاكل التي تواجهني في عملي كثيرة، أهمها عدم التزام بعض الأهالي بإحضار الأوراق المطلوبة، أو نقص بعضها، كأن تكون المرأة مطلقة ولم يصدر صك الطلاق، أو أن ولي أمرها متوفى ولم يصدر صك حصر الورثة.
حبسته زوجته عندما أراد أن يتزوج بأخرى
ويتابع المعبي: أن رجلاً آخر جاءه قاصداً الزواج بامرأة ثانية، وتواعدا على اللقاء في أحد المساجد القريبة، لكن العريس لم يأت، فذهب الشيخ المعبي إلى منزل العروس حيث انتظر الجميع حتى الفجر، ولم يحضر العريس، ثم علموا في اليوم التالي أن زوجته تركته حبيس غرفته بعد أن أخذت مفتاحه وجواله، وغادرت إلى بيت أهلها، وأضاف: لكن المفارقة الغريبة أن الزوجة الأولى توفيت بعد أشهر قليلة، فتزوج الرجل من المرأة التي سبق أن تعثر زواجه بها.
زوجة تشترط
تسلم راتب زوجها
ويحكي المعبي بأنه أراد أن يعقد لرجل على امرأة وضعت شرطاً لن يتم الزواج إلا به، وهو أن تتسلم راتب زوجها شهرياً، وهي التي تتصرف به، وأضاف المعبي: أن غرابة الشرط دفعته لسؤال السيدة، فأجابت بأنها كانت مترددة في القبول، فقررت أن تضع شرطاً تعجيزياً.
مصداقية الزوج في الزواج
وعن أغرب موقف يقول المعبي: أغرب موقف هو إصرار إحدى الفتيات على معرفة راتب زوجها، لأنها تريد أن تطمئن على مصداقيته في الزواج، وبالفعل كتبت ذلك في العقد كشرط من شروط الزواج.
تحت تهديد السلاح
ويحكي المأذون، حمد بن خنين، قصة ذهابه في إحدى المرات لعقد نكاح قائلاً: «خلال تدوين العقد فوجئت بإطلاق النار، فتوقفت، لكن ولي الزوجة طلب مني إكمال العقد، فرفضت لإدراكي أن الأمر فيه تحجير، فقام بتهديدي بالسلاح، لأواصل الكتابة، وعند التوقيع طلبت الزوجة، فأحضروا لي والدتها الطاعنة في السن على أنها البنت، فرفضت إلى أن تحضر البنت التي من حقها التوقيع. وعند الانتهاء من عقد النكاح أردت الرحيل، فأحضروا لي سيارتي وطلبوا مني قيادتها بدون أن أضيء أنوارها، وبعد أن تحركت هاجمني أحدهم بسيارة فحاولت الابتعاد عنه، إلا أن سيارتي انقلبت. ولكنني أخيراً هربت ونجوت بحياتي».
ضرب العروس
ويضيف بن خنين، أنه واجه في عقد قران آخر قصة أخرى، عندما رأى رجلاً يضرب أخته لإجبارها على الزواج ممن لا تريد، مما دفعه إلى الخروج من المجلس تاركاً الصراع وراءه. .
سؤال العروس
المأذون علي المسعود، ذهب ليعقد بين زوجين، فسأل الولي هل لديكم شروط؟ فقال: نعم، وأخرج من جيبه ورقة، وإذا بها ممتلئة بالشروط القاسية، فرفض الزوج ووالده ذلك، واحتدم بينهم النقاش، إلى أن تدخل أحد الموجودين واتفقوا على المهر، وقبل إتمام العقد، طلبت مقابلة الفتاة لأسألها، فتلكأ أهلها وقالوا: لعلك تعقد دون سؤالها، ولكني أصررت على سماع موافقة البنت، ففوجئت بأنها قد دخلت غرفتها وأغلقت على نفسها الباب، فرفضت أن أتم العقد وخرجت.
الاكتتاب بأسهم
ويقول المأذون خالد الخضير: دعيت في إحدى المرات للعقد بين زوجين، فسألت عن المهر، فإذا بوالد الزوج يخرج لي ورقة للاكتتاب بأسهم في إحدى الشركات، وقال هذا المهر، فبينت له الأمر أنه لا يمكنني العقد بهذه الطريقة، وخرجت بعد ذلك دون أن أعقد لهما.
الرأي الاجتماعي
يؤكد الدكتور سليمان العقيل، رئيس قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود، أن المجتمع السعودي مجتمع متميز، والتحولات الاجتماعية وارتفاع مستوى العيش، فرضت أنماطاً جديدة في سن الزواج وتكاليفه المادية أيضاً. فالفتاة التي كانت تتزوج في سن السابعة عشرة والثامنة عشرة، قبل دخول الجامعة، أو بعد إكمالها للدراسة، لم تعد ذات ذكر في مجتمع المدن. فالأهم لدى الوالدين إكمال الدراسة الجامعية، والحصول على وظيفة قبل الزواج. فيما يشترط آخرون على المتقدم أن تكمل الفتاة دراستها الجامعية على الأقل. وفي المقابل، فالشاب الذي كان يتزوج في سن مبكرة، لم يعد موجوداً في حياة السعوديين إلا فيما ندر، بسبب ارتفاع تكاليف الزواج، واعتبار الوظيفة شرطاً أساسياً في قبول المتقدم للزواج، إلى جانب اعتبارات أخرى، تتمثل في أن من تجاوز سن العشرين أو الخامسة والعشرين في بعض الأحيان، هو شخص ناضج يمكنه إقامة حياة زوجية واعية.
واشتراطات الزوجات تغيرت هي الأخرى بتغير المجتمع، وأصبح من الطبيعي أن يسمع المتقدم إلى الزواج شروطاً عديدة أصبحت متداولة بين الفتيات، في مقدمتها راتب الزوجة التي تشترط أن لا يكون للزوج تدخل فيه. في حين يشترط بعض أولياء الأمور أن يكون راتب الزوجة للأب، إلى جانب اشتراط خادمة لدى بعض الفتيات، واشتراط إكمال الدراسة لدى أخريات.
تكاليف الزواج التي كان يمكن اختصارها في بضعة آلاف سابقاً، لم تعد مجدية هذه الأيام. اشتراطات عديدة يلزم لمن يفكر في الزواج تجاوزها: تكاليف المهر التي لا تقل في كثير من الأحيان عن 10 آلاف دولار، إلى جانب توفير مبلغ مقارب لليلة الزفاف، ومبلغ يزيد قليلاً للحصول على شقة مستقلة عن الأهل، وتأثيثها بمبلغ يزيد عن المهر بضعة آلاف أيضاً، إضافة إلى توفير مبلغ لا يقل عن 4 آلاف دولار لقضاء بضعة أيام خارج المنطقة بعد الزواج. ليصل متوسط المبلغ الذي يستوجب على الشاب دفعه إلى 35 ألف دولار. مع الأخذ بالاعتبار أن متوسط راتب الشاب يتراوح ما بين 900 إلى 1000 دولار شهرياً.
فالتنوع الاجتماعي واختلاف مداخيل أفراد المجتمع، إلى جانب اختلاف العادات والتقاليد من منطقة إلى أخرى، تجعل من العسير الإلمام بتقاليد مجتمع يتجاوز أفراده 26 مليون شخص. لكن يبقى المثل القديم خالداً في ذهن كل مقبل على الزواج «لا هم إلا هم العرس».
رد مع اقتباس
مواقع النشر