في وقت بعيد جداً - قبل بضع سنوات -، كنت أتابع برنامجاً أمريكياً مترجماً – قبل أن يمن الله علي بالهداية – يدعى ب 911، خلاصته أنه يتحدث عن مدى إنسانية هؤلاء القوم وشهامتهم وشجاعتهم في إنقاذ أرواح الناس بل وحتى الحيوانات.. فقد شاهدت حلقة جرت أحداثها في إحدى الولايات – ولا أذكر في أي ولاية تحديداً-.. الضحية هنا أو المتضرر أو المطلوب إنقاذه عاجلاً هو بطة، نعم بطة... ومشكلتها أنها طوقت رغماً عنها بنفايات بلاستيكية كانت كالكمامة على منقارها بسبب أن الناس يلقون القمائم في النهر الذي تسبح فيه مع صويحباتها، وبهذا الشكل، لن تستطيع المسكينة أن تأكل، وإن لم يتم إزالة العائق من على فمها فإنها ستموت من الجوع – يا حرام - ...
فماذا حصل؟؟ هل يتركها الإنسانيون الذين يقطرون إنسانية تواجه مصيرها المحتوم؟؟؟ انظروا ماذا حصل...قام أحد الناس بمطاردتها من كل مكان وأعد لها شباكاً لكن لا فائدة.. فقد كانت ذكية وتهرب منهم ولم تفلح محاولاتهم في إمساكها.. وقد اشتهرت – في نفس اليوم بل في نفس اللحظة - قصة مطاردته لها - كشهرة مطاردة القط توم للفأر جيري أو ملاحقة سيلفستر لتويتي – مع قصر المدة التي حدثت فيها هذها القصة، كيف لا وهي قضية إنقاذ حيوان بريء لا ذنب له وقع ضحية لإهمال الناس في وضع النفايات في مكانها ؟؟؟.. وصار الناس يشاهدون ذلك، يعني صار في جمهور يشاهد هذه القضية الشائكة من الساعة التاسعة صباحاً وحتى قبيل الغروب...
فماذا فعل بطلنا أخيراً؟؟؟ هل استسلم؟؟؟ كما تعرفون أن آخر الدواء الكي، فنفذ المنقذ هذا المبدأ.... لم يجد طريقة للإمساك بها إلا بمفاجأتها بالقفز من أعلى الجسر، فقفز وكسرت رجله لأن الماء كان ضحلاً، وانقض عليها وأزال تلك القطعة البلاستيكية التي طوقتها فصفق الناس بحرارة وكلموا له سيارة اسعاف حتى تفحصه لأنه خرج وهو يعرج .. وتمت إقامة حفلة تكريم في مجلس البلدية ومنح ميدالية جزاء هذا العمل البطولي الفذ..
قد يستغرب أحدكم من أسلوبي المتهكم في سرد أحداث القصة... لأن إنقاذ الأرواح عمل إنساني... نعم أعرف ذلك... لكن نقطتي هي أننا – نحن المسلمون – تجب علينا هذه الأعمال تجاه الأحياء جميعاً، وتترتب عليها أجور عظيمة في الآخرة... فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.. ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.... وفي كل كبد رطبة أجر... وقد توعد الله من يؤذي الناس بل وحتى الحيوانات بالعذاب.... فهذه المرأة التي تصلي وتصوم وتعمل أعمالاً صالحة لكن قال عنها صلى الله عليه وسلم أنها في النار لأنها تؤذي جيرانها... وأخرى بنفس الوضع لكنها حبست قطة ومنعت عنها الأكل حتى من خشاش الأرض فاستحقت النار بذلك.... ما أقصده أن هذا ليس عملاً بطولياً إطلاقاً... لكنهم رأوه كذلك لأنهم – قمة – في الإنسانية وتأدية حقوق الحيوان....
وفي وقت قريب جداً، قبل يومين أو ثلاثة تقريباً ، رأيت في برنامج ( وتلك الأيام ) الذي تعرضه قناة المجد المباركة، الانفجار الذي سوى هيروشيما بالأرض... منظر لا يوصف و شعوري وقتها لا يوصف.. الدخان والأغبرة التي نتجت عن هذا الانفجار وصلت لارتفاع ناطحة سحاب – إن لم يكن أكثر -... يعني، رجال، وشيوخ، ومرضى، ومعاقين، ونساء، وأطفال، وحيوانات أزهقت أرواحهم عن سبق الاصرار والترصد... والمتأمل لهذا الانفجار، لا يجد أن السبب حرب أو ثأر بين البلدين...بل لمجرد التجربة.... بسبب التجارب تمحى مدينة كاملة من خريطة العالم.... بصراحة كان منظر الانفجار مروعاً مع أن العرض كان بالأبيض والأسود.... هل رأيتم مدى الإنسانية؟؟؟
وماشاء الله عليهم مستمرين في مسلسلهم الإنساني... فإنسانيتهم التي دفعتهم لإنقاذ حياة بطة من الموت جوعاً، تدفعهم لقتل بشر...ناس مثلهم... يذبحون البشر ذبحاً كما نذبح نحن النعاج في عيد الأضحى... نساء، أطفال، بل وحتى الكبار في السن والمرضى... لا يهم.... المهم أن ينفذ برنامج الإنسانية بإخلاص... وهو إبادة المسلمين – أو العرب كما يقولون – وفرض السيادة على العالم...فهاهم فتحوا مجازر بشرية في فلسطين المحتلة... وزاد عتوهم وجبروتهم، فاتجهوا إلى العراق وعاثوا فيها – وما زالوا – كما فعلوا بأختها من قبل... والله أعلم من سيكون الضحية الجديدة لإنسانية الأمريكيين...
والأمرُّ من ذلك... أنهم لا يعترفون بإرهابيتهم ويدعون برائتهم من هذا المصطلح كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.. ومن إذاً الإرهابي... المسلمون الهمج والعرب المتخلفون... هؤلاء الذين يأمرهم دينهم حتى في حال الحرب بعدم المساس بالنساء والأطفال، بل وحتى الزرع والبهائم... هؤلاء الذين يقاتلون فقط من ارتكب أكبر جريمة... وهي نطقهم بالكفر وأن الله ثالث ثلاثة... وامتناعهم عن الجزية.... وليس ذلك فقط...بل يقاتلونهم إن هم بدأوا القتال... هل رأيتم إرهاباً أشنع من ذلك؟؟؟ سبحان الله....
لا أملك إلا أن أقول اللهم أعد إلينا فلسطين، وارزقنا صلاة في المسجد الأقصى قبل الممات... وانصر أهل الفلوجة على عدوك وعدوهم.... وأرنا فيهم عجائب قدرتك...
مواقع النشر