بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا موضوع متقول للاستفادة:
وإليكم سرد لاحكام الحجاب في كتاب الله، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم صريحة في دعوتها، واضحة في دلالتها، ليست مقصورة على عصر دون عصر، ولا مخصوصة بفئة دون فئة.
{ يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } [الأحزاب:59]
تقول أم سلمة وعائشة -رضي الله عنهما-: « لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية » [أخرجه أبو داود].
والجلباب: كل ساتر من أعلى الرأس إلى أسفل القدم، من ملاءة وعباءة، وكل ما تلتحف به المرأة فوق درعها وخمارها.
وإدناء الجلباب يعني: سدله وإرخاءه على جميع بدنها، بما في ذلك وجهها. وفي تفسير ابن عباس- رضي الله عنهما-: هو تغطية الوجه من فوق رأسها، فلا يبدو إلا عين واحدة.
وما خوطب به أمهات المؤمنين أزواج النبي- صلى الله عليه وسلم-مطالب به جميع نساء المؤمنين.
{ يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا ، وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } [الأحزاب:33-32].
فنهى عن الخضوع بالقول، والتبرج تبرج الجاهلية الأولى، وأمر بالمعروف من القول، ولزوم القرار في البيوت.
نساء المؤمنين في ذلك كنساء النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو في حق نساء المؤمنين آكد وأولى كما لا يخفى.
وما قوله- سبحانه-: { لستن كأحد من النساء } إلا تأكيدا لهذا، إذ المقصود بيان: أنهن محل الأسوة والامتثال الأول، ومن بعدهن متأسيات بهن.
وفي هذا يقول أبو بكر الجصاص: "وهذا الحكم وإن نزل خاصا في النبي- صلى الله عليه وسلم-وأزواجه، فالمعنى فيه عام وفي غيره".
وفي مقام آخر- أيها المؤمنون والمؤمنات- يقول الله -عز وجل : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن } [النور: 31].
ولقد ذكر في الآية زينتان:
إحداهما: لا يمكن إخفاؤها { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } ولم يقل إلا ما أظهرن منها، فعلم بهذا: أن المراد بالزينة الأولى زينة الثياب.
أما الزينة الثانية: فزينة باطنة يباح إظهارها لمن ذكرتهم الآية : { إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن } إلخ الآية.
وأنت خبير أيها المؤمن، وخبيرة أيتها المؤمنة بأن ممن رخص في إبداء الزينة أمامهم: الأطفال، وغير أولي الإربة من الرجال.
والوجه مجمع الحسن ومحط الفتنة، فهل يرخص كشفه للبالغين وأولي الإربة من الرجال. الأمر في هذا جلي ظاهر.
وفي نفس الآية الكريمة : { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } [النور: 31]
وهو ما يتحلى به في الأرجل من خلخال وغيره، فإذا كان صوت الخلخال بريدا إلى فتنة، فكيف بالوجه الذي يحكي الجمال، والشباب، والنضارة. وصوت الخلخال يصدر من فتاة وعجوز، ومن الجميلة ومن الدميمة.
أما الوجه فلا يحتمل إلا صورة واحدة.
يقول صاحب الدار المختار في فقه أبي حنيفة- رحمه الله-: "وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال، لخوف الفتنة كمسه، وإن أمن الفتنة".
ويقول عليه الشارح ابن عابدين- رحمه الله-: "المعنى أنها تمنع من الكشف، لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع في الفتنة، لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة، وأما قوله: (كمسه) أي: كما يمنع من مس وجهها وكفيها، وإن أمن الشهوة، لأنه سبيل إلى الشهوة والفتنة فكذلك يغطى الوجه، لأنه طريق إلى الفتنة.
وقبله قال أبو بكر بن الجصاص : "والمرأة الشابة مأمورة بستر وجهها، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع فيها أهل الريب".
مواقع النشر