في إحدى حلقات برنامج (( محاسن التأويل )) .. ذكَرَ الشيخ صالح بن عواد المغامسي كلامًا تربويًا
ليته يكون قاعدة لكلِّ مَن جعله الله مربـّـيًا أو مسئولًا أو زوج .
فسّـر فضيلته الآية 220 مِن سورة البقرة { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
قال فضيلته - حفظه الله و وفقه لكل خيرٍ يرجوه - :إنَّ العاقل في تربيتهِ يتغافل عن أمور ولا يَحسُن التعقيب عن كل شيء فدع من دونك أو من تحت يدك بل دع صديقك بل دع زوجتك يُخطئ أو تُخطئ وتعود لوحدها أو يعود لوحدهِ إلى صوابه فذلك أبقى لماء وجههِ عندك
أما إنْ اكتشفت أنت خطأه وثرّبت عليه ولُـمتـَهُ لو عاد فإن ماء وجهه قد أُريق من قبل يوم أن أخطأ وعلم أنك اطلعت على خطئه فإنهُ يـَخشى أن تُعيرهُ يوماً به .
ليس من الصواب في ظني ـ وهذا مسألة من باب الاجتهاد ـ أن يتفقد الإنسان أو الوالد أو الوالدة في كل وقتٍ وحين جوال ابنهِ بحُجة أن يخشى عليهِ من المهالك فإنهُ لابُد أن نُبقي من دوننا أو تحتنا في عالم خصوصيةٍ لهم ..
أما كون المرء يطّـلع على خصوصية كل أحد فهذا يتنافى مع ما دل الشرع عليهِ
ولقد شُرع الاستئذان في الدخول على أطهر بيت بيـت رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في بيت النبوة ما يُخفى ولا يُستحيَ منه فالنبي صلى الله عليه وسلم قدوة في كل أمره .
لكن من باب أن الإنسان أحياناً لا يُحب أن يطلع أحدٌ على بعض شأنهِ .
وحتى أنت أيُها المُبارك في إقامة العلاقات مع غيرك ..فثمّـة أمور لا تحاول أن تصل إليها بالسؤال فإنَّ مَن معك أستاذك أو شيخك أو قرينك أو من دونك إذا كان ذا عقل فإنهُ إذا يُريد أن يُطلعك سيُطلعك من غير أن تسأله ، وما كتم الأمر عنك إلا لأنه يرغب أن لا تطلع أنت عليهِ فلو قُدر أنك اطلعت عليهِ فلا تُظهر لهُ أنك اطلعت عليهِ .
ونحن نلحظ من بعض الفضلاء الذين حولنا وهم كُثر أنه من حِـرصهِ أجزل الله مثوبتهُ على تربية ابنهِ أنهُ إذا سافر بعضهم يتصل بأولاده ليطمئن أنهم أقاموا صلاة عظيمة كصلاة الجمعة ..
وهذا حق ومسئولية لكن يُمكن أن تتأكد أنهم صلوا الجمعة من غير أن تجرحهم ، أما بعض الفُضلاء يسأل ابنه ليتأكد ماذا قال الخطيب ؟!
أنت جعلت ابنك أمام خيارين : إما أن يتجرأ ويقول لم أذهب ، وإما أن يكذب .
وكلا الحالتين أقررتهُ على خطأ لكن مثل هذه الأمور تغفل عنها ..
ولا يعني ذلك أبداً ـ لا يقول بهذا عاقل ـ أن تترك تربيتهم لكن بطريقةٍ أُخرى تُقنعهُ تُبين لهُ أهمية صلاة الجمعة من غير أن تجعل المسألة بينك وبينهُ بهذا الطريقة ..
لأن السؤال أيها المبارك على نحوين :
سؤال اتهام لا يقبلهُ حُر ، وسؤال استفهام هذا أمرٌ مفتوح : تُقابلني ولا أعرفك يقول لي عادل وقابل صالح ؟؟ أين طريق خريص ؟؟؟ خُذ يمين واتجهِ يسار ، هذا سؤال استفهام .
أمّـا إن يأتي أحد إلى شخصٍ أكبر منه أو دونهُ ويسألهُ سؤال اتهام ويُريد إجابة فالحُر الأبيّ هُنا لا يُجيب لأنه لا يُوجد أحد يقبل أن يُسأل أسئلة اتهام وليس من التربية في شيء أن تسأله أسئلة اتهام .
من تحبه علّقه بالله وأول طرائق أن تُعلقهُ بالله أقطع طرائق تُعلقهُ بك لأنهُ ما دام مُتعلقاً بك لن يكمل تعلقهُ بالله لكن ابدأ بأن تُعلقهُ بالله .
قد يقول قائل : كيف اطمئن عليهم ؟؟
ممكن أن تقول ـ حتى تُبين له فضل صلاة الجمعة وعظيمها ـ
أنا يا بُني الآن في سفر تقول له ما عليش حتى صوتي فيهِ بحّـة والله أنني مُـتعـَب لكن تعرف يا بُني أن هذه صلاة جمعة ما في عاقل يترك صلاة الجمعة رحتها وأنا في سفر متعب جداً حتى من أعرفهم لم يمروا علي ولم يأتوني وذهبت لأن ما في مسلم يترك صلاة الجمعة فصليت وجيت ..أنتم كيف أنتم كيف أموركم ،،
ثِـق تماماً أن الرسالة وصلت وسيُجلّك لأدبك وسيأتي في أيامهِ القادمة يخشى أن تتطلع عليهِ على عورة أو مثلبة ..
فيقول في نفسهِ إن لم يكُن صلى الحمد لله الذي سـَـتـَر عليَّ ولم يسألني أبي أصليت أم لم أُصلي فيتداركها فيما أتى ..
أمّـا إن تجرّأ اليوم وكذب فإن السيئة تقول أختي أختـي سيأتي بكذبات بعدها وإن تجرأ اليوم وقال لم أُصلي فإذا انتصر عليك وبينك وبينهُ مفازات ماذا ستفعل به أكثر من أن توبخهُ وتعنفهُ في الهاتف دقائق ساعات ثم لا يلبث أن تضع سماعتك فيُصبح الشيء الذي يخشاه قد وقع .
وإذا وقع على المرء الشيء الذي يخشاه لا يضرهُ بعد ذلك أي شيء فإنَّ من يخشى منك أن تصفعهُ لا يزالُ منحنياً فإذا صفعتهُ ماذا يحصل ؟ رفع رأسهُ .
أيُتها النفس أجملي جزعَ = إن الذي تخشين قد وقعَ
حفِظ الله فضيلة الشيخ صالح المغامسي و بارك الله فيه و في عِلمه المُبارك .
قال كلامًا يغفل عنه كثير مِن أهل المسؤولية في البيت ..
قاعدة عظيمة قالها فضيلة الشيخ صالح :
أن الإنسان أحياناً لا يُحب أن يطلع أحدٌ على بعض شأنهِ .
أسأل الله العظيم أن ينفع بكلمته و يهدي بها
اضغطوا على الكتابة
مواقع النشر