ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للقنوط من رحمة الله واليأس مــن روحــه سببان
محذوران :
أحدهما : أن يسرف العبد على نفسه ويتجرأ على
المحــارم فيصـرّ عليـها ويصمم على الإقامة على
المعصية ،ويقطع طمعه من رحمة الله ، لأجل أنه
مقـيـم على الأسباب التي تمنع الرحمة ، فلا يزال
كذلك حتى يصير له هذا وصفا وخلقا لازما وهذا
غاية ما يريده الشيطان من العبد ، ومتـى وصل
إلى هذا الحد لم يرج له خير إلا بتوبة نصـوح
وإقـــلاع قـــــــوي .
الثاني : أن يقـوى خوف العبد بما جـنت يـداه من
الجــرائم ويضعف علمه بما لله من واسع الرحمة
والمغفــرة ، ويظــن بجهله أن الله لا يغفـــر لـــه
ولا يرحمــه ولــو تاب وأنــاب وتضعــف إرادتــه
فييأس مــن الرحمة ، وهذا من المحاذير الضارة
الناشئة مـــن ضعف علم العبد بربه ، وماله من
الحقوق ومن ضعف النفس وعجزها ومهانتها .
فلو عرف هذا ربه ولم يخلد إلى الكسل ، لعلم أن
أدنى سعي يوصله إلى ربه وإلى رحمته وجوده
وكرمه .
وللأمن من مكر الله أيضا سببان مهلكان :
أحدهـما : إعراض العبد عن الدين وغــفلته عــن
معــرفة ربـه وماله من الحقـوق ، وتهاونه بذلك
فـــلا يزال معرضا غافـلا مقصرا عن الواجبات ،
منهمكا فـي المحرمات ، حتى يضمحل خوف الله
مـن قلبه ، ولا يبقى في قلبه من الإيمان شيء ،
لأن الإيمان يحمل على خوف الله وخوف عقابه
الدنيوي والأخروي .
السبب الثاني : أن يكون العبد عابدا جاهلا معجبا
بنفسـه مغرورا بعمله فلا يزال به جهله حتى يدل
بعمله ويزول الخوف عنـه ويرى أن له عنــد الله
المقـامات العالية ، فيصـــير آمنا مــن مكـــر الله
متكلا عــلى نفسه الضعيفة المهينة ومــن هنـــا
يخذل ويحال بينه وبيـــن التوفيق إذ هـو الــذي
جنى على نفسه . فبهذا التفصيل تعرف منافاة
هذه الأمور للتوحيد
"القول السديد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبدالرحمن السعدي"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواقع النشر