عام طويل طويل كئيب حزين مظلم تملؤه الوحدة والانكسار والفجيعة واللوعة وحزننا الدامي الأزلي يحرق أفئدتنا ويمزق قلوبنا
عام طويل ولا كل الأعوام بمرارته وقسوته ووحشته لم نفرق خلاله بين ليل ونهار أو صيف وشتاء
ذاك العام قضى فيه شاب في عمر الربيع وانتعاشه وفي أول أيام الربيع هذا الشاب هو ابني وحبيب قلبي وصديقي وربيع عمري والذي كان ومضة برق مضيئة في حياتي, مضت كلمح البصر
حبيبي الغالي وحبيب الكل بكل اللوعة والفجيعة التي تملأن قلبي وحياتي بكل الحزن والحرقة والمرارة والوحدة التي أعيشها لفقدانك المفاجئ المبكر ما زلنا نذكرك وما زلت تعيش معنا بذكراك العطرة الصافية وخصالك الكريمة وتفاؤلك الدائم
يا وجع عمري الأبدي هل هناك أقسى واعنف من أن يموت شاب في عمر الورود أول أيام تفتحها وهل هناك وجع أكثر من أن يلقط ابن غالي أنفاسه الأخيرة وهو في حضن والدته التي ضمته إلى صدرها بقوة وأحاطته بذراعيها بكل الحب لتحميه وتمنت وللحظة مجنونة لو استطاعت أن تنقل ما بقي من عمرها إليه
وكم هي من لحظة قاسية مرعبة عندما سحبوك مني لغرفة الإنعاش ويداك تتشبثان بيدي وعيناك تستنجدان بس لن أنسى تلك اللحظة وأنا أقف مسلوبة الإرادة مرتجفة ومرعوبة ما زلت اشعر بيدك وهي تشد على يدي ولن تغيب عني نظراتك الهلعة والخائفة
أصبت بالشلل والجمود أفقت منهما على سماع آذان الفجر انتعش الأمل في قلبي وابتهلت إلى الله أن يحميك لي ولباقي عائلتك المذهولة المتماسكة أمامي وظل الأمل يراودني أن تبقى زهرة حلوة في حياتنا وسندا وأملا لنا
وبعدها بلحظات اخبرونا ويا لقسوة ما اخبرونا به (بأنك فارقت الحياة) التي طالما أحببتها وجعلتني أحبها وأحب أحلامك بالمستقبل الواعد
وللحظة كشهقة الموت أصبت بالذهول والصمت وجلست كقطعة ثلج لأكتب نعيك بنفسي وتجمد حولي الزمان والمكان والإنسان
وبقيت هكذا إلى أن أجلسوني في السيارة بدونك , عندها أحسست بهول ما حدث فانهرت وصرخت صرخة شقة سكون الليل الهادئ ثم غبت عن الوعي لأرى ظلالا وأشباه وجوه وأنا أعيش في عالم آخر لم أفق إلا بعد أيام وكم سنعيش من أيام مو جعة من بعدك يا زين الشباب
كنت لولب الدار تملؤها مرحا وحيوية كنت معطاء وفيا حنونا متسامحا
وعندما بدأت ترسم خيوط المستقبل وتحقق بعض المشاريع اختارك الله أبى جواره جلت قدرته ولكن ثق يا حبيب القلب ونوارة العين أن قلبي و عقلي يحملان لك كل الرضا وأدعو لك بالرحمة كل يوم . كما أن ذكراك ستبقى معنا نحافظ عليها بقلوبنا وعقولنا
أما غرفتك أبقيتها كما هي محرابا لي حيث كنت تعمل وتسهر أحيانا الليالي لإنهاء أعمالك وتسابق الزمن لانجازها وكأن هناك إحساس دفين في أعماقك بأن العمر قصير وبأن الأحلام ستموت ويموت معها كل ما في قلبي وحياتي من سعادة وأمل فأنا ومنذ رحيلك الموجع أتخيل دخولك الصاخب إلى المنزل لتملؤه حيوية ومرح
ومع كل هذا فإن الكلام لا يعبر عن مدى حزني الكبير عليك يا مهجة القلب ويا وجع العمر وكل ما أقوله وأنا ابكي دما بدل الدمع
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته
هذه أم فقدت ابنها في حادث سير وهو يبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما وكتبت ما كانت تشعر به في قلبها ولكنها مهما كتبت لن تعبر عن الحزن بداخلها
رد مع اقتباس
[/align]
مواقع النشر