بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نعاني كثيرا في حياتنا من الابتلائات و الضيق و الهموم
و نبدأ بالبحث عن الاسباب و الادعية التى ترفع عنا هذا الكرب و الضيق
و نرفع ايدينا بالدعاء و ربما لا تستجاب دعوتنا مباشرة
بل ربما تطول المدة حتى يُرفع عنا هذا البلاء
هل تريدين ان يُرفع عنك البلاء و تستجاب دعوتك بسرعة؟؟؟؟؟؟
اسألك سؤال :
كم مرة استغفرت الله وقت فرحك ؟؟؟؟؟
كم مرة سبحت و حمدت و كبرت الله وقت راحتك؟؟؟؟؟
كيف قضيت وقت العبادة في صحتك؟؟؟؟؟
ماذا فعلت بمالك وقت غناك؟؟؟؟؟؟؟
كيف كان حالك مع الله وقت سرائك ؟؟؟؟؟؟؟
كيف كان حالك في الدعاء و شكر النعم ؟؟؟؟؟؟؟؟
هل تعرفت الى الله في سرائك حتى يتعرف عليك الله في ضرائك؟؟؟؟؟
نعم هذا هو المفتاح
مفتاح الخير وهو معرفة الله في السراء حتى يتعرف اليك في الضراء
دعونا نستعرض بعض الاحاديث الواردة في هذا الشأن:
يقول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس في وصيته الجامعة :
(احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده أمامك , تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) صحيح الجامع.
و من أراد ان يستجيب الله له في الشدة , فعليه أن يكثر من الدعاء في الرخاء
جاء رجل الى ابي الدرداء فقال : أوصني ! فقال ابو الدرداء : اذكر الله في السراء , يذكرك في الضراء.(رواه ابو داود في الزهد -ابو نعيم في الحلية -ابن ابي الدنيا في الفرج بعد الشدة).
و قال سليمان الفارسي رضي الله عنه :
اذا كان الرجل دعّاء في السراء ثم نزلت به ضراء فدعا قالت الملائكة :صوت معروف استغفروا له , و اذا كان الرجل ليس بدعّاء في السراء فنزلت به ضراء فدعا قالت الملائكة : صوت ليس بمعروف و لا يشفعون له. (رواه احمد في الزهد ).
من أجل ذلك أمرنا الله تبارك و تعالى في كتابه بالدعاء فقال تعالى:( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) , و قال تعالى : (وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ، إنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً).
و النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالدعاء و حثّنا عليه فقال صلى الله عليه وسلم :( ان الدعاء ينفع مما نزل و مما لم ينزل , فعليكم عباد الله بالدعاء ) (صحيح الترغيب و الترهيب ).
و قال صلى الله عليه وسلم :( أفضل العبادة الدعاء ) ( السلسلة الصحيحة ).
و قال صلى الله عليه وسلم :( ليس شيئ أكرم على الله من الدعاء ) ( البخاري في الادب المفرد - صحيح الترغيب و الترهيب ).
و قال صلى الله عليه وسلم :( أعجز الناس من عجز عن الدعاء ) (السلسلة الصحيحة ).
و دعونا نتأمل فوائد لطيفة من قصة النبي يونس عليه السلام :
عندما خرج يونس عليه السلام غضبان من قومه لعدم استجابتهم له و اصرارهم على كفرهم و خرج قبل ان يأذن الله عز وجل له بذلك ,و وصل الى الشاطئ و ركب السفينة و ماجت بهم الامواج و اشتدت الرياح ,فوقعت القرعة عليه بالقائه في البحر ,فأمر الله عز وجل حوتا من حيتان البحر أن يلتقمه .
فانتقل يونس عليه السلام من السفينة الى بطن الحوت : الى هذا السجن البعيد .
فماذا فعل يونس عليه السلام ؟؟؟؟؟
دعونا نتعلم و نأخذ العبر من فعله عليه السلام .
و هناك التجأ يونس الى ربه فهل انتفع بدعائه ؟ و هل استجاب له ربه فأخرجه من هذا الغم و السجن؟
يخبرنا ربنا جلّ و علا في كتابه ,فيقول : (وَذَا النُّونِ) -اي :صاحب الحوت ,وهو يونس عليه السلام - ( إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً) - اي : لقومه - (فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ) اي: في ظلمة بطن الحوت و البحر و الليل - (أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا
أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) )) (الانبياء).
وحّد الله و سبّحه و نزّهه , و اعترف بذنبه .
فهل انتفع يونس عليه السلام بدعائه ,لما وحّد ربه و سبّحه ,و اعترف بذنبه ,فقال :( لآ اله الا انت سبحانك إني كنت من الظالمين)؟؟؟؟؟
الجواب:
نعم ؛قد استجاب الله له فقال :( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ).
فيا أيها المغموم ! و يا أايها المكروب ! و أيها المسجون ! و يا أيها المحزون ! أعجزت أن تدعو بهذا الدعاء ليستجيب الله لك ؟!
و مما تقدم نستفيد الفوائد الآتية:
1-استجاب الله دعائه ,قال تعالى:(فاستجبنا له).
2-نجّاه من الغم ,قال تعالى :( و نجيناه من الغم ).
3-أنه خرج من بطن الحوت الى العراء ,قال تعالى :( فنبذناه بالعراء ).
4- أن الله أنبت عليه شجرة من يقطين ,تحميه من الشمس و من الذباب و الحشرات ,و يأكل منها ,قال تعالى :( و أنبتنا عليه شجرة من يقطين).
5- أنه لما عاد الى قومه و دعاهم ,استجابوا له.
فهل تأملنا تلك العطايا و تلك النعم:
ان الله استجاب الدعاء و من ثم نجاه من الغم و من ثم اخرجه من الكرب الذي كان فيه و بعدها اسبغ عليه النعم و مكّنه في الارض .
و لكن اين السر في ذلك ؟؟؟؟
دعونا نتأمل قوله تعالى :( "فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يُبْعَثُونَ").
فهذا يونس عليه السلام قبل ان يدخل في بطن الحوت ,كان من المسبحين اي في السراء و قبل الغم .
أعرفت الحكمة في هذا الدعاء يا عبدالله ؟!
تعرّف الى في الرّخاء يعرفك في الشدة .
تعرّف الى الله في الغنى ,يعرفك في الفقر .
تعرّف الى الله في الصحة ,يعرفك في المرض.
تعرّف الى الله في سرائك ,يعرفك في ضرائك.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يفرج كرب المكروبين.
فاذا أردت ان تكوني مجابة الدعوة في وقت همك و كربك و أردت ان تكوني قريبة من الله فعليك بالطاعة و الدعاء في السراء .
فما أجمل ان تقول يا رب و يستجاب لك .
غير منقول
اقتبست الكلام الذي باللون الرصاصي من كتاب :
(الجامع في الدعاء النافع -للشيخ صالح بن طه عبد الواحد _ابو اسلام إمام و خطيب مسجد إبراهيم الحاج حسن)
مواقع النشر