بيروت |
بيروت! ويحك! أين السحر والطيب؟ |
و أين حسن على الشطآن مسكوب؟ |
و أين رحلتنا و الوجد مركبنا؟ |
و البحر أفق من الأحلام منصوب؟ |
و أنت مترعة النهدين مترفة |
دنياك وعد بشوق الوصل مخصوب |
في مقلتيك من الأهواء أعنفها |
و في شفاهك إيماء و ترحيب |
و في يميني ورود جئت أزرعها |
على ضفائر فيها الليل مصلوب |
* * * |
بيروت! ماذا يقول الناس؟ هل ذبحت |
بيض الأماني.. و غال الطفلة الذيب؟ |
و هل توارى مليح كان يأسرني |
و هل قضى قبل يوم الوعد محبوب؟ |
و أين ما كان-يا بيروت-إذ رقصت |
لي الليالي.. و طارت بي الأعاجيب؟ |
و أين شعر جميل لست أذكره |
على الصنوبر و التفاح مكتوب؟ |
و أين أول حب ضمني.. و مضى |
و وقده في حنايا القلب مشبوب؟ |
* * * |
بيروت! لا تصفي لي الجرح.. أعرفه |
فإنه في دمائي الحمر معصوب |
أنا الذي أسرته الروم.. ما لحقت |
به العراب.. و خانته الأعاريب |
حملت في كبدي الآلام فانفطرت |
و طوحت بي إلى اليأس التجاريب |
ياللزعامات تلهو بي.. و أعشقها |
و ربما عشق الازراء منكوب |
كم أرضعوني شراب الوهم. كم سخروا |
مني.. و كم غصبت روحي الأكاذيب |
لا تنتهي غفلة عندي معتقة |
و لا انتهت عندهم تلك الألاعيب |
* * * |
بيروت! نحن الألى ساقوك عارية |
للموت يصرخ في عينيك تعذيب |
كم ناشدتنا شفاه فيك ضارعة |
و كم دعانا عفاف منك مسلوب |
فما استفاق ضمير في جوانحنا |
مخدر في ضفاف الزيف محجوب |
حتى إذا ضحك الجلاد.. ما دمعت |
عين و لا غص بالاهات مكروب |
سقطت و انتفض التاريخ يلعننا |
و أطرقت في أسى المجد المحاريب |
* * * |
نهيم خلف سلام عز مطلبه |
و مل من وعده الممطال عرقوب |
عشنا مع الذل حتى عاف صحبتنا |
نمنا على الصبر حتى ضج أيوب |
أكلما قام فيهم من يذبحنا |
قلنا: السلام على العلات مطلوب |
و كلما استأسد العدوان باركه |
منا جبان إلى الإذعان مجذوب |
* * * |
لا ترجع الأرض إلا حين يغسلها |
بالجرح و النار يوم الفتح شؤبوب |
*** |
مواقع النشر