المسابقات التجارية .. بين الحرمة والإباحة ...مهم جداً
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع (القاضي بمحكمة التمييز وعضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية)
الفئات الرئيسية للموضوع
الأخبار
المحراب
الفقه الإسلامي
من الملاحظ أنه خلال السنوات الأخيرة انتشرت ظاهرة المسابقات العامة باختلاف أنواعها واتجاهاتها، فهناك المسابقات التجارية المبنية على السحب، وهناك المسابقات الصحفية والإعلامية، وهناك مسابقات الغرض منها التشجيع على الشراء سواء من المطاعم أو محطات الوقود أو غيرها، وهناك المسابقات المبنية على الاتصالات الهاتفية إلى غير ذلك من أنواع المسابقات الموجودة حاليا، وبعض هذه المسابقات يشترط للدخول فيها دفع مبلغ معين أو شراء كوبون مثلا أو الاتصال بأرقام معينة بدفع قيمة معينة، وقد لا تشترط شيئا من ذلك.
ويتساءل كثير من الناس ما هو الحكم الإسلامي لهذه المسابقات وهل هي جائزة على العموم أم يختلف الحكم باختلاف المسابقة، وإذا كان منها ما هو محرم فلماذا حرم؟
هذه الأسئلة كلها يجيب عليها فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع (القاضي بمحكمة التمييز وعضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية) فيقول:
ما يتعلّق بالمسابقات المبنية على السحب للحصول على الجوائز، فإذا كانت هذه المسابقات لا يستطيع الراغب في الدخول فيها إلا بعد دفعه مبلغاً من الماء سواء أكان قليلاً أم كثيراً حيث يمكن أن يخسر هذا المال الذي دفعه بنسبة كبيرة جداً قد تصل واحد في العشرة الآلاف وقد تتجاوز ذلك وقد يفوز بالجائزة فهذا المسابقات من أقسام القمار، وهو ما يسمى في العصر الحالي باليانصيب، فمثلاً يعرض أحد الناس سيارته بمائة ألف ريال يصدر لها عشرة آلاف كرت يبيع الكرت بعشرة ريالات ثم يجري السحب على هذه الكروت فيربح منها كرت واحد بالسيارة وتخسر الكروت الباقية.
المسابقات التي لا يشترط فيها دفع المال
إما إذا كانت المسابقات لا يترتب على الراغب في الدخول فيها دفع مال كمسابقات القرآن للكبار والصغار التي تعرض على الشاشة السعودية في شهر رمضان ولا يشترط للإجابة عليها ورق معين فهذه المسابقات جائزة، بل مستحبة لما فيها من الحفز على تلاوة كتاب الله والتعرُّف على تفسيره، ومثل ذلك المسابقات العلمية التي لا يترتب على الدخول فيها خسارة بحيث تكون الإجابة على أي ورقة تكتب عليها.
المسابقات الصحفية
وبهذا التمهيد والتأصيل للإجابة نستطيع أن نقول بأن المسابقات الصحفية المنتشرة في غالب صحفنا من أنواع اليانصيب، حيث إن المتسابق فيها يخسر قيمة الكوبون في الغالب الأغلب، وقد يربح في النادر الأندر، ولا شك أن هذا من القمار ومن الميسر، ومن أكل أموال الناس بالباطل ومن التغرير بالناس وإضاعة الأموال فقد ذكر لي أحد محرري إحدى الصحف لدينا أن الصحيفة التي يحرر فيها كان عدد النسخ التي تطبع يومياً أربعين ألف نسخة، يسترجع منها قرابة الألف نسخة، وبعد أن أخذت هذه الصحيفة بإجراءات المسابقات صارت تطبع ثلاثمائة ألف نسخة في اليوم، ولا يرجع منها شيء، فالمتسابقون يشترون أعداداً كثيرة ولا يقرؤونها وإنما يقصون منها الكوبون ليتم لهم الدخول في المسابقات بأكثر من كوبون.
لا شك أن هذا هو اليانصيب، وهو من أنواع القمار والميسر، وأتمنى من إخواننا المسؤولين عن الصحافة لدينا أن يتقوا الله في بلادهم وفي أهل بلادهم وفي مكاسبهم، كما أتمنى من المسؤولين لدينا في وزارة الإعلام وهي الجهة المشرفة على الصحافة أن يقفوا من هذه الممارسات موقفا يتفق مع هوية بلادنا ويبرئوهم من مسؤولية الحساب عند الله تعالى.
المسابقات التلفزيونية والمبنية على السحب
وكذلك الأمر في المسابقات التلفزيونية التي لا يستطيع الراغب في الدخول في مسابقاتها إلا بشراء شريحة اتصال من الجهة المموِّلة لجوائز المسابقة، ومثل ذلك في سحوبات المحلات التجارية حيث إن كروت السحب لا تُعطى إلا لمن يشتري بمبلغ يتجاوز الحد الأدنى في مبلغ الشراء لإعطاء الكروت، وهذا يعني أن للكرت قيمة تدفع ضمن فاتورة الشراء فهذا من ضروب اليانصيب.
شهادات الإيداع
ومثل هذه الممارسات- مسابقات الصحف، ومسابقات التلفزيون، مسابقات المحلات التجارية- شهادات الإيداع في البنوك للحصول على حق الدخول في مسابقاتها بكروت تُعطى المودع بمستند شهادة الإيداع وفق ما ذكر في السؤال، ووجه إدخال شهادات الإيداع في البنوك في أنواع اليانصيب والحال أن البنك يعيد للمودع وديعته كاملة بعد انتهاء عملية السحب وجه ذلك أن الوديعة مشروط فيها إبقاؤها في البنك مجمدة حتى نهاية السحب وهذا يعني تعطيل هذه الوديعة عن استثمارها لصالح مودعها واستثمارها من قبل البنك لصالحه دون صالح مالكها، فما يأخذه البنك استثماراً لهذه الوديعة هو في قوة مبلغ يدفعه الراغب في الدخول في مسابقة البنك مقابل شهادة الإيداع، ولهذا صار هذا النوع من الممارسة في حكم اليانصيب.
الهدايا التي توزعها بعض المحلات التجارية
وأما ما تمارسه محطات الوقود، وكذلك بعض المحلات التجارية من إعطاء المتعامل معها هدايا كمنديل أو كرت ليجتمع مع غيره لتغسيل السيارة وتغيير الزيت أو تقديم مبلغ للغسيل ليكون على حساب غسيل الملابس بتخفيض نسبة من قيمة الغسيل، في مقابلة تقديم الأجرة فلا يظهر لي مانع من اعتبار صحة هذا التصرف لأن ذلك من قبيل التنازل عن بعض حقه- أعني صاحب المحطة أو صاحب المغسلة أو صاحب المحل التجاري- وليس من قبيل القمار لأن المتعامل مع هذه الجهات الثلاث لا يخسر شيئاً، حيث إن ما يقدمه من مبلغ هو في مقابلة ما يحصل عليه من عرض ذلك المبلغ، وما يحصل عليه من جائزة هو من قبيل الحوافز على التعامل.
لعبة البوكيمون نوع من القمار
وأما البوكيمون فهو نوع القمار الصريح فضلاً عما يشتمل عليه من رموز عقدية إلحادية تكاد السموات يتفطرن منها وتنشق الأرض وتخر الجبال هدأ، فتعالى الله وتقدَّس عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
أما كونه نوعاً من القمار فيظهر ذلك من تصوّر اللعب به، حيث تكون اللعبة به بين اثنين فأكثر يتنافسون في استحواذ كل واحد منهم على ما بيد الآخرين من قطع معينة يجري تأمينها بوسائل أخرى، كتبعيتها لبعض الوجبات السريعة أو علب البطاطس، وقد يعرضها اللاعب الكاسب على اللاعبين الخاسرين لشرائها ثم يعاد لعبها مرة أخرى ليخرج من اللعبة الرابح من الخاسر، لا شك أن هذا عين القمار فهذه اللعبة تربية لأبناء العالم على ممارسة القمار والسوء والفحشاء، فضلاً عما في ذلك من القول على الله تعالى بما لا يليق بجلاله وعظمته فقد نشر أحد الأحباب في إحدى صحفنا المحلية ترجمة بعض الكلمات المشتملة عليها هذه اللعبة الشيطانية وما فيها من تنقص واستهانة بجلال الله وعظمته- تعالى وتقدَّس-فجزى الله قادتنا كل خير، حيث طهروا بلادنا من هذه القاذورات المنتنة.
وآمل أن تتبعها من حكومتنا الرشيدة عزمة على الصحافة وغيرها لدينا بمنع هذه المسابقات، فهي تدريب وتيسير لأعمال القمار والميسر في بلادنا، والله المستعان وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
منقول
رد مع اقتباس
مواقع النشر