الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فمن رحمة الله تعالى بعباده وفضله عليهم أن نوع لهم العبادات والقربات التي تقربهم إليه، ولم يجعل هذه العبادات والقربات مشروطة بعمل بدني أو قولي أو مالي قد يصعب أدائها على البعض أو تشق عليهم، بل تفضّل عليهم - سبحانه - بما هو أيسر من ذلك، ويستطيعه كل إنسان بدون جهد أو تعب ألا وهو النية الصادقة والعزيمة الجادة على حب الخير وفعله.
المقصود بالنية
النية في الاصطلاح الشرعي هي: عزم القلب على فعل الشيء.
وهي أساس العمل وقاعدته، ورأس الأمر وعموده، وأصله الذي عليه بني، لأنها روح العمل وقائده وسائقه، والعمل تابع لها، يصح بصحتها ويفسد بفسادها، بها يحصل التوفيق، وبعدمها يحصل الخذلان، وبحسبها تتفاوت الدرجات في الدنيا والآخرة.
ولهذا جعل الإسلام جزاء الفعل ثواباً وعقاباً مرتبطاً بالنية ارتباطاً وثيقاً وجعلها شرطاً لقبول العمل، فمن الناس من يصنع المعروف ويسدي الجميل استمالة للقلوب، ومنهم من يصنعه مكافأة للإحسان، ومنهم من يصنعه لطلب سمعة وشهرة، لكن الإسلام لا يعتد بكل ذلك ولا يقبله من العبد إلا إذا صلحت نيته وكان عمله خالصاً لوجه الله تعالى، ولهذا قال : { إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه } [متفق عليه].
يبين في هذا الحديث حكم الشرع في الأعمال وهو أن حظ العامل من عمله نيته فإن كانت صالحة فعمله صالح وله أجره وإن كانت فاسدة فعمله فاسد وعليه وزره، وإن كانت نيته مباحة فعمله مباحاً . ( منقول )
مواقع النشر